أعلنت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية يوم الأحد عن خطة لبناء مشروع "خط سكة حديد"، سيصل ميناء إيلات في أقصى الجنوب بمدينة "كريات شمونا" في أقصى الشمال، والتي تتاخم الحدود مع لبنان.
ووفق ما جاء على لسان وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغف ووزير المالية بتسلال سموتريتش، فإن هذا المشروع يأتي في إطار مشروع شامل لتطوير قطاع السكة الحديد يشمل تدشين المزيد من خطوط السكة الحديدية لربط المزيد من المناطق داخل إسرائيل، حيث تبلغ كلفته الإجمالية 100 مليار شيكل حوالي 28 مليار دولار.
وحسب صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، فإن المشروع الشامل يتضمن تدشين خط سكة حديد يربط إسرائيل بالأردن.
ويحمل تدشين خط سكة الحديد "إيلات كريات شمونا" في طياته تهديداً جديداً إضافياً لقناة السويس، كأحد أهم الشرايين المهمة للتجارة الدولية وفق مراقبين، بعد تفعيل خط إنبوب "إيلات عسقلان"، الذي بات يتم عبره نقل النفط الإماراتي إلى أوروبا، بالإضافة إلى نقل النفط من دول أخرى في الاتجاه الآخر إلى دول جنوب شرق آسيا.
وسيربط خطة سكة الحديد "إيلات كريات شمونا" ميناء إيلات بالموانئ الرئيسة في إسرائيل، تحديداً ميناء أشدود، وهذا يزيد من فرص استخدامه كجسر بري في نقل المسافرين والبضائع المتجهة من الخليج ومن آسيا بشكل عام إلى أوروبا والعكس.
وكان "مركز أبحاث الأمن القومي"، قد دعا في أعقاب حادثة جنوح سفينة الحاويات "أيفر غيفن" في 23 مارس/آذار العام 2021 في قناة السويس وتعطل حركة الملاحة فيها، إلى تدشين خط سكة حديد يربط إيلات بميناء أشدود، لكي تحوز إسرائيل على جزء مهم من حركة التجارة الدولية.
وحسب المركز، فإنه يمكن للسفن المتجهة من الخليج وآسيا إلى أوروبا والغرب أن ترسو في ميناء إيلات، بحيث يتم نقل حمولتها من البضائع في القطارات المتجهة من إيلات إلى ميناء أشدود ومن هناك يتم شحنها في سفن إلى أوروبا .
وأشار المركز إلى أنه يمكن أيضاً نقل البضائع في الاتجاه المعاكس أيضاً، بحيث تفرغ السفن القادمة من أوروبا والغرب حمولتها في ميناء أشدود لتنقل في القطار المتجه إلى إيلات، وهناك يتم تحميل هذه البضائع في سفن تتجه إلى الخليج وآسيا.
وتوقع المركز أن يثير تدشين مشروع خط السكة هذا حساسية مصر لما سيكون له من تأثيرات سلبية على دور ومكانة قناة السويس، سيما وأن تدشينه سيأتي بعد البدء بتطبيق تنفيذ الاتفاق مع الإمارات بنقل نفطها إلى أوروبا عبر "إنبوب إيلات عسقلان".
وكانت دولة الاحتلال قد أعلنت لأول مرة عن مشروعها لتدشين خط السكك الحديد الذي يربط إيلات بمينائي حيفا وأشدود في عام 2013، حيث كان نتنياهو يرأس حكومتها في ذلك الوقت، لكن لم يتم إقرار المشروع في النهاية.
وروجت إسرائيل في حينه إلى أن انجاز المشروع سيعمل على تسريع حركة التجارة الدولية بشكل كبير، حيث زعمت أن نقل البضائع من إيلات إلى أشدود والعكس سيستغرق ساعتين فقط.
وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم بالأمس تفاصيل حول الجهة التي يمكن أن تنفذ مشروع خطة سكة "إيلات كريات شمونا"، إلا أن حكومة نتنياهو في عام 2013 أوضحت أنها تفضل أن تضطلع شركات صينية بمهمة تدشين هذا المشروع، حيث زار وزير المواصلات الإسرائيلي في ذلك الوقت يسرائيل كاتس بكين لمناقشة الفكرة مع عدد من أرباب الشركات الصينية.
ولفتت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية في حينها إلى أن إسرائيل تراهن على تدشين خطة السكة الحديد الذي سيربط إيلات بأشدود كجسر بري في تعزيز مكانتها الدولية، تحديداً لدى القوى الاقتصادية الكبرى، وتحديداً الصين، لما سيلعبه هذا الخط من دور مهم في حركة التجارة الدولية.
إلى جانب ذلك، نوهت الصحيفة إلى أن المشروع سيعزز من بيئة السياحة في إيلات، حيث أنه سيسهم في وصول مليوني سائح إلى المدينة.
وكانت إسرائيل والإمارات قد اتفقتا في العام 2021 على نقل النفط الإماراتي المتجهة إلى أوروبا عبر خط الإنبوب "إيلات عسقلان"، حيث تم الشروع في تطبيق الاتفاق.
وكشف تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الشهر الماضي، أن عدد ناقلات النفط التي تتجه إلى ميناء "إيلات" تضاعف خمس مرات خلال العامين الماضيين بعد تطبيق الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.
وحسب التحقيق فإن الاتفاق الذي تم توقيعه قبل أكثر من عامين بين شركة "خط أنبوب إيلات عسقلان" والحكومة الإسرائيلية وشركة " Red־Med " الإماراتية يطبق حالياً، حيث تنقل ناقلات نفط عملاقة النفط الإماراتي إلى ميناء "إيلات" ويتم ضخه عبر إنبوب "إيلات عسقلان" إلى ميناء "عسقلان" الواقع على شاطئ المتوسط، ومن هناك ينقل عبر البحر إلى الدول الغربية.
ونقل التحقيق عن مسؤولين كبار في وزارة الطاقة الإسرائيلية قولهم، إن إسرائيل يمكن أن تستفيد من النفط الإماراتي الذي يصدر عبرالإنبوب لاحتياجاتها الخاصة، سيما في مجال المتطلبات الصناعية، دون أن يقدموا المزيد من التفاصيل.
وشدد معدو التحقيق على أن هناك علاقة وثيقة ومؤكدة بين الزيادة الهائلة في عدد ناقلات النفط التي تتجه إلى ميناء إيلات وبين الاتفاق الموقع بين الشركة الإماراتية والشركة الحكومية الإسرائيلية التي تدير إنبوب "إيلات عسقلان".
وحسب التحقيق، فإن خط "إيلات عسقلان" يعمل في الاتجاه المعاكس أيضاً، حيث يتم ضخ النفط من ميناء "عسقلان" إلى ميناء "إيلات"، ومن هناك يتم نقله إلى جنوب شرق آسيا، وتحديداً إلى الصين. لكن التحقيق لم يشر إلى مصدر النفط، الذي ينتقل في الاتجاه المعاكس.