دخلت أزمة سد النهضة الإثيوبي مرحلة جديدة من الصراع على مياه النيل بين مصر وإثيوبيا بعد إعلان وزير الموارد المائية والري المصري فشل المفاوضات ورفض إثيوبيا والسودان اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بدراسة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والهيدروليكية على مصر والسودان إثر إنشاء وملء وتشغيل سد النهضة، وذلك بعد ختام اللجنة الفنية الثلاثية، المصرية والسودانية والإثيوبية، المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري اجتماعها في القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبينما لم يعلن الجنرال السيسي عن أهدافه من هذه المفاوضات، أعلن وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي، بعد إعلان فشل المفاوضات بأيام قليلة، في مؤتمر صحافي يوم 25 نوفمبر الماضي، أن أعمال البناء في السد والتي اكتملت بنسبة أكثر من 60% لن تتوقف ولو دقيقة واحدة، وأن موقف بلاده من إنجاز هذا السد ثابت لم يتغير، وأنه حق أساسي لإثيوبيا لا ينازعها فيه أحد.
ورغم تكرار طمأنته المصريين، لم يعلن السيسي عن خطة بديله منذ فشلت المفاوضات، تضمن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وتجنب مصر الضرر، بما في ذلك اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، والمطالبة بوقف بناء سد النهضة، استناداً إلى اتفاقية الأنهار الدولية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة عام 1997، والتوجه إلي مجلس الأمن الدولي والمطالبة باستصدار قرار يلزم إثيوبيا بوقف البناء في السد حتى إتمام الدراسات الفنية، خشية أن يؤدي السد إلى أزمة تشعل صراعًا مسلحًا يهدد سلم وأمن الإقليم.
كهرباء السد
إن المنافع الاقتصادية المتوقعة من مشروع سد النهضة والمعلنة، على الأقل من جانب إثيوبيا، هي توليد الطاقة الكهرومائية.
وقد كتب البروفيسور ديل ويتنغتون مقالًا بعنوان "لماذا هناك حاجة إلى مفاوضات فنية لسد النهضة الإثيوبي؟" نشر في موقع كونفرزايشن في 8 يونيو/حزيران 2016، قال فيه إن بيع الطاقة الكهرومائية لسد النهضة هو عنصر أساسي في المفاوضات بين مصر وإثيوبيا.
وقال ديل، وهو أستاذ الهندسة المدنية والإدارة الدولية لأحواض الأنهار في جامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية، وتركزت أبحاثه على إدارة حوض نهر النيل، إن إثيوبيا لا تستطيع استخدام جميع الكهرباء المولدة من السد على المديين القصير والمتوسط، لأن سوقها المحلي للكهرباء صغير جدا، إذ يبلغ إجمالي الطلب على الكهرباء في إثيوبيا حاليا حوالي 2000 ميغاواط، في حين أن هناك قدرة فعلية تتجاوز 4000 ميغاواط بعد الانتهاء مؤخرا من مشروع غيبي 3 ينتج 1870 ميغاواط، لذا يجب على إثيوبيا أن تبيع الكهرباء إلى جيرانها.
وأكد الخبير الإثيوبي إيزانا كيبيدي، المتخصص في السياسات المالية الإثيوبية، أن بلاده التي تستهلك 1800 ميغاواط من الكهرباء قد تبيع مصر كهرباء سد النهضة.
وشكك في جدوى تصدير كهرباء سد النهضة إلى دول غير مصر، مثل إريتريا والسودان الجنوبي واليمن كما تزعم حكومة بلاده، لأن الثلاث دول الأخيرة لا تزال في حالة حرب أهلية ولن تشتري الكهرباء حاليًا، وقال في مقاله المنشور بتاريخ 30 مارس/آذار 2015 إن إثيوبيا لم تبع سوى 400 ميغاواط لكينيا، و60 ميغاواط لجيبوتي الفقيرة، وتساءل كيبيدي، لمن ستبيع الباقي من 6000 ميغاواط؟
وبالرغم من توقع الخبير الإثيوبي إيزانا كيبيدي شراء مصر كهرباء سد النهضة وإلا فقد السد جدواه وفشل في تغطية نفقات التشغيل والصيانة، فضلًا عن تحقيق أرباح للمساهمين، لم يستبعد كيبيدي رفض مصر شراء كهرباء السد بسبب تضررها منه، وهو الأمر الذي كان ينتظر أن تعلنه مصر من البداية.
هل تقاطع مصر؟
لم يعلن الجنرال السيسي عن موقفه من كهرباء سد النهضة، لكن المبدأ السادس والخاص ببناء الثقة في اتفاق المبادئ الذي وقعه في الخرطوم في مارس/آذار 2015، والذي ينص على أنه "سيتم إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة" يثير الريبة والشك حول تورطه في اتفاق سري يقضي بشراء مصر كهرباء سد النهضة بدلًا من مقاطعتها.
يزيد من هذه الشكوك تصريحات إثيوبية رسمية تؤكد طلب مصر شراء كهرباء سد النهضة، وذلك على لسان مدير العلاقات العامة والاتصالات في وزارة المياه والري والكهرباء بأديس أبابا، بزونه تولشا، الذي أكد في تصريحه لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية أن مصر أبدت اهتماما بشراء الطاقة الكهربائية من إثيوبيا، وأن الوزارة بدورها قد أكملت الدراسات المتعلقة بهذا الصدد.
وذكرت صحيفة المصريون الصادرة في مايو/أيار الماضي أن نائب وزير الكهرباء المصري، رفض تأكيد أو نفي المعلومات المتداولة عن شراء مصر للكهرباء من إثيوبيا، وقال إنه غير منوط بهذا الأمر.
قبل ثلاثة أعوام طالب الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري المصري الأسبق، بأن تعلن مصر مقاطعة كهرباء سد النهضة، حتى يفقد السد جدواه وعائده الاقتصادي، لا سيما أن شبكة توزيع الكهرباء الإثيوبية لن تستطيع استيعاب أكثر من سدس القدرة الكهربية للسد البالغة 6000 ميغاواط، وبتكلفة مليار دولار، ما يجعل العائد من مبيعات الكهرباء لا يكفي لتغطية مصاريف صيانة وتشغيل السد.
وقال علام في مقاله "مقاطعة كهرباء سد النهضة" بصحيفة الوطن في 20 ديسمبر/كانون الأول 2014 إن إثيوبيا تحتاج لأكثر من ثلاثين عاماً تقضيها في مد خطوط ضغط عال جديدة حتى تستوعب 5000 ميغاواط لنقلها من سد النهضة على الحدود السودانية إلى الداخل الإثيوبي باستثمارات مالية هائلة، وهو ما قد تعجز عنه إثيوبيا.
وبحسب علام، فإنه بإعلان مصر رفضها شراء كهرباء السد، من المتوقع ألّا تقل الخسارة الإثيوبية من السد عن 6 مليارات دولار، ما يؤثر على قدرة إثيوبيا في رد القروض الداخلية والخارجية، لأن مصر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستطيع استيعاب كميات هائلة من الكهرباء سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير للدول العربية والأوروبية، ما يعرقل مخطط السدود الإثيوبية في المستقبل والتي تقوم فكرتها على تصدير الكهرباء للخارج.
تعويم السد
تصريح وزير الكهرباء المصري في ندوة "مشكلات الطاقة المتجددة" بنقابة المهندسين المصرية في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بأن هناك دراسات متعلقة بإمكانية شراء كهرباء سد النهضة، وأن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي، يؤكد ضبابية الموقف المصري الرسمي في مفاوضات سد النهضة، وجديته في منع إثيوبيا من الإضرار بأمن مصر المائي.
وفي مؤتمر أفريقيا 2017 الذي عقد خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي في مدينة شرم الشيخ المصرية، صرح وزير الكهرباء المصري بأن مصر تعمل على تنفيذ الربط الكهربائي المشترك بين شمال وجنوب البحر المتوسط والمملكة العربية السعودية والسودان وإثيوبيا لتحقيق ما يعرف بالممر الأخضر لربط ونقل كهرباء إثيوبيا إلى آسيا وأوروبا عبر الأراضي المصرية.
ولسوء الحظ فإن النظام المصري المتهم في مقتل ريجيني مضطر إلى تقديم مجاملات سياسية إلى إيطاليا، على حساب حصة مصر المائية، وقد لا يستغل ورقة الكهرباء في افشال السد حتى لا يضر بمصالح شركة ساليني الإيطالية، وهي المقاول الرئيس والمنفذ لأعمال السد بعقد قيمته 5 مليارات دولار وقد تزيد إلى 8 مليارات مع مرور الوقت، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية المصري في زيارته إلى روما نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتأكيده أن مصر تتعاون مع إثيوبيا حتى يعود النفع على الجميع، بمن فيهم الشركة الإيطالية المنفذة طبعًا، الأمر الذي يشكل ضغطًا جديدًا على مصر.
في كل الأحوال فإن امتناع الجنرال السيسي حتى الآن عن تحريك ورقة "كهرباء سد النهضة" التي تنوي إثيوبيا إنتاجها وتزمع على تصديرها عبر مصر المكتفية ذاتيا والتي لا تحتاج لأي كهرباء من الخارج، وعدم إعلانه مقاطعة كهرباء سد النهضة، ومنع مرورها عبر الأراضي المصرية من أجل الضغط على إثيوبيا وتخفيض سعة الخزان إلى حجمه الأول، وهو 14 مليار متر مكعب، يشكك في قدرته على وقف بناء السد، بل واستعداده تعويم سد النهضة وتسويق إنتاجه وإنقاذه من الغرق، على حساب حصة مصر من مياه النيل، وعلى حساب استقرار وأمن الشعب المصري، الذي سوف يعاني من آثار السلبية على الأوضاع المائية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية.
اقــرأ أيضاً
وبينما لم يعلن الجنرال السيسي عن أهدافه من هذه المفاوضات، أعلن وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي، بعد إعلان فشل المفاوضات بأيام قليلة، في مؤتمر صحافي يوم 25 نوفمبر الماضي، أن أعمال البناء في السد والتي اكتملت بنسبة أكثر من 60% لن تتوقف ولو دقيقة واحدة، وأن موقف بلاده من إنجاز هذا السد ثابت لم يتغير، وأنه حق أساسي لإثيوبيا لا ينازعها فيه أحد.
ورغم تكرار طمأنته المصريين، لم يعلن السيسي عن خطة بديله منذ فشلت المفاوضات، تضمن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وتجنب مصر الضرر، بما في ذلك اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، والمطالبة بوقف بناء سد النهضة، استناداً إلى اتفاقية الأنهار الدولية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة عام 1997، والتوجه إلي مجلس الأمن الدولي والمطالبة باستصدار قرار يلزم إثيوبيا بوقف البناء في السد حتى إتمام الدراسات الفنية، خشية أن يؤدي السد إلى أزمة تشعل صراعًا مسلحًا يهدد سلم وأمن الإقليم.
كهرباء السد
إن المنافع الاقتصادية المتوقعة من مشروع سد النهضة والمعلنة، على الأقل من جانب إثيوبيا، هي توليد الطاقة الكهرومائية.
وقد كتب البروفيسور ديل ويتنغتون مقالًا بعنوان "لماذا هناك حاجة إلى مفاوضات فنية لسد النهضة الإثيوبي؟" نشر في موقع كونفرزايشن في 8 يونيو/حزيران 2016، قال فيه إن بيع الطاقة الكهرومائية لسد النهضة هو عنصر أساسي في المفاوضات بين مصر وإثيوبيا.
وقال ديل، وهو أستاذ الهندسة المدنية والإدارة الدولية لأحواض الأنهار في جامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية، وتركزت أبحاثه على إدارة حوض نهر النيل، إن إثيوبيا لا تستطيع استخدام جميع الكهرباء المولدة من السد على المديين القصير والمتوسط، لأن سوقها المحلي للكهرباء صغير جدا، إذ يبلغ إجمالي الطلب على الكهرباء في إثيوبيا حاليا حوالي 2000 ميغاواط، في حين أن هناك قدرة فعلية تتجاوز 4000 ميغاواط بعد الانتهاء مؤخرا من مشروع غيبي 3 ينتج 1870 ميغاواط، لذا يجب على إثيوبيا أن تبيع الكهرباء إلى جيرانها.
وأكد الخبير الإثيوبي إيزانا كيبيدي، المتخصص في السياسات المالية الإثيوبية، أن بلاده التي تستهلك 1800 ميغاواط من الكهرباء قد تبيع مصر كهرباء سد النهضة.
وشكك في جدوى تصدير كهرباء سد النهضة إلى دول غير مصر، مثل إريتريا والسودان الجنوبي واليمن كما تزعم حكومة بلاده، لأن الثلاث دول الأخيرة لا تزال في حالة حرب أهلية ولن تشتري الكهرباء حاليًا، وقال في مقاله المنشور بتاريخ 30 مارس/آذار 2015 إن إثيوبيا لم تبع سوى 400 ميغاواط لكينيا، و60 ميغاواط لجيبوتي الفقيرة، وتساءل كيبيدي، لمن ستبيع الباقي من 6000 ميغاواط؟
وبالرغم من توقع الخبير الإثيوبي إيزانا كيبيدي شراء مصر كهرباء سد النهضة وإلا فقد السد جدواه وفشل في تغطية نفقات التشغيل والصيانة، فضلًا عن تحقيق أرباح للمساهمين، لم يستبعد كيبيدي رفض مصر شراء كهرباء السد بسبب تضررها منه، وهو الأمر الذي كان ينتظر أن تعلنه مصر من البداية.
هل تقاطع مصر؟
لم يعلن الجنرال السيسي عن موقفه من كهرباء سد النهضة، لكن المبدأ السادس والخاص ببناء الثقة في اتفاق المبادئ الذي وقعه في الخرطوم في مارس/آذار 2015، والذي ينص على أنه "سيتم إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة" يثير الريبة والشك حول تورطه في اتفاق سري يقضي بشراء مصر كهرباء سد النهضة بدلًا من مقاطعتها.
يزيد من هذه الشكوك تصريحات إثيوبية رسمية تؤكد طلب مصر شراء كهرباء سد النهضة، وذلك على لسان مدير العلاقات العامة والاتصالات في وزارة المياه والري والكهرباء بأديس أبابا، بزونه تولشا، الذي أكد في تصريحه لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية أن مصر أبدت اهتماما بشراء الطاقة الكهربائية من إثيوبيا، وأن الوزارة بدورها قد أكملت الدراسات المتعلقة بهذا الصدد.
وذكرت صحيفة المصريون الصادرة في مايو/أيار الماضي أن نائب وزير الكهرباء المصري، رفض تأكيد أو نفي المعلومات المتداولة عن شراء مصر للكهرباء من إثيوبيا، وقال إنه غير منوط بهذا الأمر.
قبل ثلاثة أعوام طالب الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري المصري الأسبق، بأن تعلن مصر مقاطعة كهرباء سد النهضة، حتى يفقد السد جدواه وعائده الاقتصادي، لا سيما أن شبكة توزيع الكهرباء الإثيوبية لن تستطيع استيعاب أكثر من سدس القدرة الكهربية للسد البالغة 6000 ميغاواط، وبتكلفة مليار دولار، ما يجعل العائد من مبيعات الكهرباء لا يكفي لتغطية مصاريف صيانة وتشغيل السد.
وقال علام في مقاله "مقاطعة كهرباء سد النهضة" بصحيفة الوطن في 20 ديسمبر/كانون الأول 2014 إن إثيوبيا تحتاج لأكثر من ثلاثين عاماً تقضيها في مد خطوط ضغط عال جديدة حتى تستوعب 5000 ميغاواط لنقلها من سد النهضة على الحدود السودانية إلى الداخل الإثيوبي باستثمارات مالية هائلة، وهو ما قد تعجز عنه إثيوبيا.
وبحسب علام، فإنه بإعلان مصر رفضها شراء كهرباء السد، من المتوقع ألّا تقل الخسارة الإثيوبية من السد عن 6 مليارات دولار، ما يؤثر على قدرة إثيوبيا في رد القروض الداخلية والخارجية، لأن مصر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستطيع استيعاب كميات هائلة من الكهرباء سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير للدول العربية والأوروبية، ما يعرقل مخطط السدود الإثيوبية في المستقبل والتي تقوم فكرتها على تصدير الكهرباء للخارج.
تعويم السد
تصريح وزير الكهرباء المصري في ندوة "مشكلات الطاقة المتجددة" بنقابة المهندسين المصرية في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بأن هناك دراسات متعلقة بإمكانية شراء كهرباء سد النهضة، وأن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي، يؤكد ضبابية الموقف المصري الرسمي في مفاوضات سد النهضة، وجديته في منع إثيوبيا من الإضرار بأمن مصر المائي.
وفي مؤتمر أفريقيا 2017 الذي عقد خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي في مدينة شرم الشيخ المصرية، صرح وزير الكهرباء المصري بأن مصر تعمل على تنفيذ الربط الكهربائي المشترك بين شمال وجنوب البحر المتوسط والمملكة العربية السعودية والسودان وإثيوبيا لتحقيق ما يعرف بالممر الأخضر لربط ونقل كهرباء إثيوبيا إلى آسيا وأوروبا عبر الأراضي المصرية.
ولسوء الحظ فإن النظام المصري المتهم في مقتل ريجيني مضطر إلى تقديم مجاملات سياسية إلى إيطاليا، على حساب حصة مصر المائية، وقد لا يستغل ورقة الكهرباء في افشال السد حتى لا يضر بمصالح شركة ساليني الإيطالية، وهي المقاول الرئيس والمنفذ لأعمال السد بعقد قيمته 5 مليارات دولار وقد تزيد إلى 8 مليارات مع مرور الوقت، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية المصري في زيارته إلى روما نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتأكيده أن مصر تتعاون مع إثيوبيا حتى يعود النفع على الجميع، بمن فيهم الشركة الإيطالية المنفذة طبعًا، الأمر الذي يشكل ضغطًا جديدًا على مصر.
في كل الأحوال فإن امتناع الجنرال السيسي حتى الآن عن تحريك ورقة "كهرباء سد النهضة" التي تنوي إثيوبيا إنتاجها وتزمع على تصديرها عبر مصر المكتفية ذاتيا والتي لا تحتاج لأي كهرباء من الخارج، وعدم إعلانه مقاطعة كهرباء سد النهضة، ومنع مرورها عبر الأراضي المصرية من أجل الضغط على إثيوبيا وتخفيض سعة الخزان إلى حجمه الأول، وهو 14 مليار متر مكعب، يشكك في قدرته على وقف بناء السد، بل واستعداده تعويم سد النهضة وتسويق إنتاجه وإنقاذه من الغرق، على حساب حصة مصر من مياه النيل، وعلى حساب استقرار وأمن الشعب المصري، الذي سوف يعاني من آثار السلبية على الأوضاع المائية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية.