يطمع كل من جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبيرني ساندرز عضو مجلس الشيوخ، وأقدم عضو مستقل بالكونغرس، كما عضوا مجلس الشيوخ إليزابيث وارين وكاميلا هاريس، وآخرون، في حكم الولايات المتحدة.
ويرى كل واحد منهم أن الطريق إلى انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي، في مواجهة الرئيس الحالي دونالد ترامب، ثم الوصول إلى البيت الأبيض، لابد أن يمر بإصلاح النظام الضريبي الفيدرالي، الذي يحتاج، من وجهة نظرهم جميعاً، إلى تعديلات جذرية، وإن اختلفوا فيما بينهم في تفاصيل تلك التعديلات.
ومع اختلاف تشخيص كل منهم لأسباب تفاوت الدخل في الولايات المتحدة، تختلف السياسات التي يقترحها كل منهم لعلاج المشكلة، فمنهم من يقترح خفض الضرائب على ضعاف ومتوسطي الدخول، ومنهم من يدعو لرفعها على الفئات الأعلى دخلاً، ومنهم من يقترح ضرائب جديدة على الأثرياء، أو ضرائب تصاعدية على جميع الفئات. ويركز كل هؤلاء المرشحين المحتملين بصورة واضحة على قضية الضرائب، الأمر الذي يعكس أهميتها في موسم الانتخابات الأميركية، وفي حياة المواطن في كل الأوقات.
وفي ديسمبر / كانون الأول 2017، قدم ترامب قانوناً، وافق عليه الكونغرس، الذي كان يسيطر عليه وقتها الجمهوريون، وهو ما منح الأميركيين إعفاءاتٍ ضريبية قدرت بنحو 1.5 تريليون دولار، على مدار السنوات العشر التالية.
ومع اعتراض الكثير من رجال المالية والاقتصاد، من داخل الحزب الديمقراطي وخارجه، بسبب ضخامة المبلغ الذي سيتم حرمان الخزانة الأميركية منه، وبسبب انتفاع الأغنياء أكثر من الفقراء من الإعفاءات، أكد ترامب وحزبه الجمهوري أن الإعفاءات الضريبية ستمول نفسها، وهو ما لم يحدث، على الأقل حتى الآن.
وبعد مرور ما يقرب من عام ونصف العام من إقرار الإعفاءات، يرى دين بيكر، كبير الاقتصاديين بمركز أبحاث السياسة والاقتصاد بواشنطن، أن نقص الضرائب المحصلة من الشركات يعني أن الجمهوريين منحوا الشركات الكبيرة إعفاءات أكثر مما تم جمعه من ضرائب، ويقول بيكر "وحيث إن أسهم تلك الشركات يمتلك معظمها من هم على القمة، فهذا يعني أن الأغنياء حصلوا على إعفاءات أكبر مما تم الإعلان عنه".
وتتميز الولايات المتحدة، كما أغلب البلدان الديمقراطية، بإعادة توجيه ما يتم جمعه من ضرائب، من أجل خدمة المواطنين، وزيادة رفاهيتهم. وفي مارس / آذار 2019، قدم ترامب موازنته للعام 2020، التي أوضحت أن إجمالي الإنفاق الحكومي سيصل إلى 4.746 تريليونات دولار، وهو أعلى مستوى إنفاق في تاريخ البلاد، بينما تتوقف الإيرادات عند 3.645 تريليونات دولار، وهو ما يخلف عجزاً يقدر بمبلغ 1.101 تريليون دولار، اعتباراً من أول أكتوبر / تشرين الأول 2019، وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2020.
واحتل الإنفاق على برامج الضمان الاجتماعي، والتي توفر المساعدة المادية لمحدودي أو معدومي الدخل داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى معاشات المتقاعدين، المرتبة الأولى في نفقات الحكومة الأميركية الإلزامية، حيث يستحوذ وحده على ما يقرب من 1.102 تريليون دولار من الموازنة الأميركية.
ويلي نفقات الضمان الاجتماعي الإنفاق على برنامج التأمين الصحي لعلاج كبار السن، بإجمالي قيمة تقدر بحوالي 679 مليار دولار، ثم برنامج التأمين الصحي لعلاج الفئات الأقل دخلاً، بمبلغ 418 مليار دولار.
وتشير أرقام الحكومة الأميركية إلى أن ضرائب الدخل، مع عوائد استثمار ما يتم جمعه من ضرائب، تتكفل بتوفير إجمالي المبلغ المطلوب لتمويل نفقات الضمان الاجتماعي. وقبل عام 2010، كانت المبالغ الداخلة إلى صندوق الضمان الاجتماعي أكبر من تلك الخارجة منه.
لكن بعد تخفيض معدلات الفائدة على الدولار، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، اعتباراً من عام 2010، انخفضت عوائد الاستثمار لدى الصندوق، حتى قدر مجلس إدارته أن "الفائض الذي مازال يُحقق حتى الآن، سيتم استنزافه بحلول عام 2032"، وأن عجزاً يقدر بنسبة 23% من المبلغ المخطط إنفاقه على هذا البند سيبدأ في الظهور.
ويحتاج برنامج ميديكير لمساعدة جزئية من الحكومة، بخلاف إيراداته، بينما يعتمد برنامج ميديكيد على دعم الحكومة في كامل ما يقدمه للمستفيدين منه.
وفي موازنة 2020، استحوذ الإنفاق العسكري، بما فيه ما يخص وزارة المحاربين القدماء، على أكثر من نصف ذلك المبلغ، ويتم توجيه المبلغ المتبقي للإنفاق على كافة الخدمات الداخلية، بما فيها الصحة والتعليم والإسكان والتنمية الحضرية، بعد تجنيب نحو 200 مليار دولار لمواجهة العمليات الطارئة، وكانت بالأساس توجه للحروب، قبل أن يتم تخصيص جزء كبير منها مؤخراً لمساعدة المناطق المنكوبة بالكوارث الطبيعية.
وتوفر الولايات المتحدة مكاناً لكل طفل في المدارس الحكومية، في المنطقة التي يعيش فيها، من بداية مراحل التعليم، وحتى آخر سنوات الدراسة الثانوية (ويطلق عليه العليا)، بدون أي تكاليف. وفي أغلب الأحيان، يستطيع الطالب الفقير الحصول على وجبات غذائية، وتأمين صحي، بدون تكلفة، أو بتكلفة بسيطة جداً، حتى لو كان يعيش في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، أو بدون مستندات، كما يطلق عليهم هنا Undocumented.
وتقول بريهان ب، من أصول عربية، "أتيت إلى الولايات المتحدة برفقة زوجي وأولادي بتأشيرة سياحية، ورغم عدم التقدم بأي أوراق لطلب اللجوء أو الهجرة، قبلت المدرسة انضمام أبنائي فور تقديم ما يثبت أنني أقيم في المنطقة المحيطة بها، وبدون أن أدفع دولاراً واحداً".