عماد ملقي، موسيقي من حلب، المدينة السورية التي تشتهر بالغناء والطرب، احترف العزف على "الزرنة" الزمر، ثم انتقل إلى "الأوكورديون"، ليستقر في العزف على آلة القانون، ويشارك مع الفرق الموسيقية المصاحبة لنجوم الغناء والطرب، على مستوى الوطن العربي، مثل صباح فخري، وميادة الحناوي، ووديع الصافي، وفضل شاكر... وغيرهم.
عن البدايات يقول الفنان ملقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الانطلاقة الأولى كانت عبر فرقة اتحاد الشبيبة بحلب، والعزف ليس على آلة وترية، بل نفخية "الترومبيت" و"سكسوفون".
يضيف "خلال لقاءات الفرقة والتدريبات، لفتت انتباهي آلة القانون. وكان الأستاذ جميل أصفر، هو الذي حببني بالقانون وعلمني المبادئ الأساسية، فكنت أستغل استراحة فرقة الشبيبة ومدتها 15 دقيقة، لأتدرب على القانون، وكانت الموسيقى هواية وليست احترافاً، والمسيرة الاحترافية بدأت بالعزف على الزرنة (الزمر). احترفتها قبل القانون وعملت مع العديد من الفرق الشعبية، وكان لها الفضل في سفري أول مرة بالطائرة إلى كوريا الشمالية".
أول حفلة
ولدى سؤاله عن أول حفلة شارك بها، ضحك ملقي مستذكراً كيف قدّمه المطرب الذي أحيا "تلبيسة" حفل زفاف في حارته الحلبية، أن الفرقة بقيادة عازف القانون "عماد ملقي"، ليفاجأ الأهل والجيران، ثم التحق بخدمة العلم "الجندية الإجبارية"، وكان يستثمر فترة الإجازة ليشارك في حفلات الأعراس، حتى لا يتوقف أو ينقطع عن العزف.
ولإكمال مسيرة الاحتراف، لا بد من صقل الموهبة بالدراسة الأكاديمية، ليلتحق بالمعهد العالي للموسيقى بجامعة دمشق، عام 1994 بعد نحو 3 سنوات من تأسيس المعهد.
يقول ملقي "الفضل بالتحاقي بالمعهد العالي للموسيقى، يعود للفنان العراقي حميد البصري، والذي كان أستاذاً في المعهد، والتقيته خلال المهرجانات الفنية التي ينظمها اتحاد الشبيبة، ورشحني لعميد المعهد، آنذاك، المايسترو صلحي الوادي، وكدت أفقد الفرصة، لأن ثمة شروطاً للقبول، منها أن يكون الملتحق دَرس في أحد معاهد الموسيقى، إلا أن الموسيقي نديم الدرويش، أنقذني عندما منحني شهادة بأني درست الموسيقى على يديه وعملت معه عازفاً، وهذه الشهادة كانت "جواز سفر" للقبول بالمعهد، رغم أني أحمل شهادة الثانوية الصناعية".
إلى دمشق
وشكّل التحاق ملقي بالمعهد العالي للموسيقى في العاصمة دمشق نقلة نوعية غيرت مجرى حياته، إذ انتقل من حلب التي يكاد يقتصر العمل فيها كعازف على حفلات الأعراس والمناسبات، وبعض الحفلات الخارجية، ومنها مشاركة الحفلات التي أحياها شيخ المطربين الحلبيين صبري مدلل، في ألمانيا وفرنسا ومصر.
يقول ملقي "كانت النقلة إلى دمشق صعبة، كأني بدأت حياة جديدة، وراودتني نفسي غير مرة، بالانسحاب والعودة إلى مسقط رأسي، ولكن بقائي فيها ومتابعة الدراسة الأكاديمية مكناني من العزف مع فرقة الأوركسترا السمفونية الوطنية، وفيها تعرفت إلى فرقة جوقة الفرح بقيادة إلياس زحلاوي، وبقيت أعمل معها نحو 12 سنة، وشاركت بالعزف مع الفنانين وديع الصافي وزكي ناصيف في حفلات أقيمت في قصر العظم بدمشق ومسارح أخرى".
تعاون ملقي أيضاً مع معهد غوته ومركز الدراسات الفرنسية، في حفلات منتظمة، ولم يلتزم مع فرقة معينة لأن الالتزام يقيد الموسيقي، على حد قوله، وقد يحرمه من المشاركة في الحفلات التي يحييها نجوم الطرب.
مع الأوركسترا
وعن أبرز الحفلات والمشاركات التي تركت أثراً في مسيرته الفنية، يقول ملقي "مشاركتي مع 60 عازفاً أعضاء الأوركسترا السيمفونية السورية في حفلة شهدتها لوس أنجليس، عام 1998. أما من ناحية العزف الشرقي والارتجال والتقسيم، فأذكر حفلة الشيخ صبري مدلل في ألمانيا، وكذلك مشاركتي مع الفنان صباح فخري، وتأسيس فرقة "خماسي الموسيقى العربية" خاصة بالأدوار والموشحات، بقيادة عازف الكمان هادي بقدونس.
وحول مقولة "الموسيقي العربي مظلوم"، يرى ملقي أنه ليس الجميع كذلك، ثمة موسيقيون حفروا أسماءهم بالصخر، مثل جهاد عقل ومحمود سرور، ولكن في سورية الموسيقيون مظلومون إعلامياً، لأنه معروف أن الواجهة تكون للمطرب أو المطربة، أما الموسيقي فيكون في الصف الخلفي".
ويلفت إلى أن هناك مطربين يقدرون دور الموسيقي بوصفه قطب الرحى، إذ "أحياناً خلال الحفلات فإن المطرب الجيد يعطي وقتاً للعازف للتقسيم، مثل صباح فخري عندما كان العازف يقسّم على القانون يقف على طرف المسرح لنحو 10 دقائق".
في الدوحة
ورداً على سؤال حول اختياره الإقامة في العاصمة القطرية الدوحة، قال ملقي، "زرت الدوحة أول مرة عام 2006، فقد تعاقدت مع أحد الفنادق للعزف ضمن فعاليات الخيمة الرمضانية، وبعد انتهاء رمضان عدت إلى دمشق، وبعد نشوب الحرب عدت إلى الدوحة عام 2012، وعملت مع فرقة سورية في سوق واقف التراثي، مدة تجاوزت ثماني سنوات إلى أن داهمتنا أزمة كورونا في ربيع 2020 والتي قيدت التجمعات، وجمدت كل شيء ليس فقط موسيقياً بل اقتصاديا واجتماعياً أيضاً.