استمع إلى الملخص
- إجراءات السلامة والتحديات الميدانية: يلتزم الصحافيون بإجراءات السلامة مثل ارتداء الدرع والخوذة، لكنهم يواجهون صعوبة في التنقل والحصول على المعلومات بسبب القصف. يختارون أماكن "آمنة نسبياً" لكن الأمان الكامل مستحيل.
- التدقيق في المعلومات والمشاهد الإنسانية: يعتمد الصحافيون على مصادر متعددة لتجنب الأخبار الكاذبة، ويجمعون المعلومات من الصحافة الإسرائيلية والمواقع الرسمية. المشاهد الإنسانية مثل النزوح وسقوط الصواريخ تضيف بُعداً مؤلماً لتغطيتهم.
في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل الاحتلال الإسرائيلي المصوّر في وكالة رويترز عصام العبدالله، في استهداف مباشر لمجموعة من الصحافيين كانت تغطي التطورات في جنوب لبنان. بعدها اختارت قنوات لبنانية ووكالات أنباء أجنبية استبعاد مراسليها من تلك المنطقة. ثمّ جاء استهداف فريق قناة الميادين، واستشهاد المراسلة فرح عمر والمصوّر الذي كان يرافقها ربيع المعماري في بلدة طيرحرفا الجنوبية، ليجعل من التغطية في هذا المكان مهمة مستحيلة بالنسبة لمؤسسات كثيرة. لكن هذا الأسبوع ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، عاد الصحافيون إلى الجنوب (والبقاع).
يقول مراسل التلفزيون العربي الموجود في بلدة إبل السقي في القطاع الشرقي للجنوب، رامز القاضي: "نلتزم بإجراءات وتدابير السلامة المتعارف عليها في مختلف مناطق النزاع، لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يحترم أي قواعد عسكرية أو إنسانية، لذا نقوم بتقدير موقف مع المؤسسة، وبناء عليه نلتزم بإجراءات واضحة للسلامة". يشرح القاضي لـ"العربي الجديد" أنّه في ظل كثافة القصف الإسرائيلي في الأيام الماضية، اختار المراسلون البقاء في أماكن "آمنة نسبياً" (بلدة إبل السقي في القطاع الشرقي، وبلدة رميش في القطاع الغربي). يضيف: "في الأشهر الماضية كان الخطر الحقيقي أثناء تحركنا من الجنوب وإليه، أو داخل القرى الجنوبية، لكن في الأيام الماضية اختلف الوضع، لا وجود لأي مكان آمن فعلياً، لكنْ هناك هامش من الأمان في الأماكن التي اخترنا البقاء فيها جنوباً".
يتفق كلام مراسل قناة الجديد اللبنانية في الجنوب، محمد فرحات، مع ما يقوله القاضي: "ربما التدابير قليلة جداً. اليوم نحن موجودون في بقعة جغرافية صغيرة نسبياً، هي مقابلة لمكان الغارات والاعتداءات الإسرائيلية، ولكنها تتعرض لقصف قليل نسبياً. وبالتالي التدبير الأول هو سلوك الطرقات الآمنة وعدم التنقل على طرقات معرضة لغارات إسرائيلية. طبعاً نحاول أيضاً التواصل مع المعنيين من أجهزة أمنية وغيرها قبل أي تحرك ممكن. ونرتدي دائماً الدرع والخوذة خوفاً من أي شظايا أو حتى أحجار تتطاير من مكان الغارات القريبة". يضيف لـ"العربي الجديد" أن هذه المخاطر جزء من عمل الصحافي "لكن نحاول تفاديها قدر المستطاع".
التدابير نفسها يحاول المراسلون الالتزام بها، وهو ما تؤكده مراسلة قناة LBCI لارا الهاشم: "نرتدي الدرع والخوذة، كما نحاول الابتعاد عن مناطق المواجهة والتغطية في مناطق مكشوفة، على اعتبار أن الوقوف في مكانٍ قد يكون مشبوهاً بالنسبة للاحتلال من شأنه أن يعرّضنا بصفتنا صحافيين للخطر". تتابع لـ"العربي الجديد": " في النهاية نحن في حرب عشوائية وفيها غدر إسرائيلي، فلا نعرف على أي أساس تحصل الاستهدافات، لذا فإن مفهوم الحماية التامة مستحيل".
لكن صعوبة التنقّل تحت القصف تجعل من الحصول على المعلومات والتدقيق فيها، مهمة صعبة على المراسلين، خصوصاً في ظل تدفّق الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول محمد فرحات إنه يحاول الجمع بين مصادر مختلفة "أتابع الصحافة الإسرائيلية بالنسبة للمعلومات الواردة من الداخل الفسطيني المحتل، والمواقع الرسمية الإسرائيلية أيضاً، وبالتالي أصل إلى المعلومات الرسمية من الأراضي المحتلة. بالنسبة للبنان، لدينا شبكة اتصالات موجودة تضمّ عدداً من الأشخاص الموجودين في أكثر من نقطة وأكثر من بلدة وأكثر من قطاع لمقاطعة المعلومات، وبالتالي دائماً نقاطع هذه المعلومات مع مصادر في الأجهزة الأمنية للتأكد من كل شيء ودقة أي خبر قبل نشره". يضيف: "طبعاً ما شاهدناه مطلع هذا الأسبوع أدى إلى تهجير العديد من الأشخاص بينهم مصادر لنا... كذلك التواصل موجود مع فرق إسعاف للحصول على أرقام دقيقة".
مقاطعة المصادر أساسية في العمل خلال تغطية العدوان، وهو ما يحوال فعله أغلب الصحافيين تفادياً لنقل الأخبار الكاذبة، يقول رامز القاضي إن مصادر المعلومات كثيرة و"هناك كم هائل من المعلومات التي تصل إلينا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نحاول مقاطعتها مع مصادر مختلفة والتدقيق فيها، إلى جانب اتكالنا على مصادرنا الخاصة سواء الرسمية أو السياسية".
لكن في زحمة الأخبار، تبقى المشاهد الإنسانية أصعب ما واجهه المراسلون في اليومَين الماضيين. يقول القاضي "الاثنين الماضي، ومع بدء موجات النزوح، رأيت مشهداً غير مسبوق، كأن الناس تهرب من إعصار، والإعصار يلاحقها، والموت يلاحقها". بينما يكرر فرحات أن "الحالة كلها كانت صعبة في أول أيام العدوان، مشاهد سقوط الصواريخ على المواطنين بمنازلهم الآمنة، على المدنيين كانت صعبة. مشاهد الناس والعائلات، خصوصاً تلك التي لا تملك سيارات".