ألغت غرفة الاستئناف في محكمة لندن العليا الجمعة الحكم الصادر برفض تسليم مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة التي تريد محاكمته على تسريبه كمية هائلة من الوثائق الرسمية.
وقال القاضي تيم هولرويد إن المحكمة "تسمح بالاستئناف" الذي تقدمت به الولايات المتحدة، ما يعني أن قرار محكمة البداية ألغي، وأن على القضاء البريطاني البتّ من جديد في طلب السلطات الأميركية تسليمها أسانج.
خيارات الاستئناف تظل مفتوحة أمام فريق أسانج القانوني. وأكدت شريكته ستيلا موريس أنها "ستستأنف هذا القرار في أقرب وقت ممكن".
وتجمع أنصار أسانج أمام قاعة المحكمة الجمعة، وطالبوا بالإفراج الفوري عنه، معتبرين أن محاكمته "سياسية"، بينما وصفت موسكو القرار بـ"المشين".
كانت القاضية البريطانية فانيسا باريتسر، في وقت سابق من هذا العام، رفضت طلباً أميركياً بتسليم أسانج إلى الولايات المتحدة، لمواجهة اتهامات بالتجسس بسبب نشر "ويكيليكس" وثائق عسكرية سرية قبل عقد من الزمن، وذلك لأسباب صحية، إذ قالت إنه من المرجح أن يقتل نفسه إذا احتجز في ظل ظروف سجن قاسية في الولايات المتحدة.
استأنف محامي الحكومة الأميركية هذا القرار أمام المحكمة العليا في لندن، ونفى أن صحة أسانج العقلية أضعف من أن تصمد أمام النظام القضائي الأميركي. وقال المحامي جيمس لويس إن أسانج ليس له تاريخ من الإصابة بمرض عقلي خطير ومستمر يسمح له بإيذاء نفسه. كما أبلغت السلطات الأميركية القضاة البريطانيين أنهم إذا وافقوا على تسليم أسانج فيمكنه أن يقضي في موطنه أستراليا أي عقوبة تصدر عليه في الولايات المتحدة.
أسانج (50 عاماً) محتجز حالياً في سجن بلمارش شديد الحراسة في لندن، بعدما اعتُقل في إبريل/ نيسان عام 2019، بعد سبع سنوات أمضاها في سفارة الإكوادور في لندن حيث لجأ بعد انتهاك شروط كفالته، خوفاً من تسليمه إلى الولايات المتحدة أو السويد، حيث واجه قضية بتهمة اغتصاب طعن فيها وأسقطت لاحقاً.
ويواجه الأسترالي، المدعوم من عدد من المنظمات المساندة لحرية الصحافة، عقوبة بالسجن قد تصل إلى 175 عاماً في الولايات المتحدة، لنشره منذ عام 2010 أكثر من 700 ألف وثيقة سريّة عن الأنشطة العسكرية والدبلوماسية الأميركية، في العراق وأفغانستان تحديداً. لكن محامي الحكومة الأميركية قال إن "أطول عقوبة على الإطلاق لهذه الجريمة هي 63 شهراً".
أثناء وجود أسانج في سفارة الإكوادور في لندن، أنجب طفلين من ستيلا موريس، وهي عضوة في فريقه القانوني. ومنحت السلطات البريطانية، الشهر الماضي، للزوجين الإذن بالزواج في سجن بلمارش.
كان موقع "ياهو نيوز" الإخباري كشف، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن مناقشات أجريت حول اختطاف أو اغتيال أسانج عام 2017، حين كان يقضي عامه الخامس لاجئاً في السفارة الإكوادورية في العاصمة البريطانية لندن. وكان مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" حينها مايك بومبيو، وكبار المسؤولين، غاضبين تحديداً من نشر "ويكيليكس" لـ"فولت 7" Vault 7، وهي سلسلة من الوثائق التي كشفت عن أدوات برمجية متطورة وتقنيات مستخدمة من قبل الوكالة، لاختراق الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفزيون والسيارات المتصلة بالإنترنت، في تسريب وصف بالأكبر في تاريخها.
ورداً على ما ورد في التقرير، دعا تحالف من 25 مؤسسة صحافية وحقوقية دولية وزارة العدل الأميركية إلى صرف النظر عن قضيتها "الخطيرة" ضد أسانج.
المنظمات التي ضمت "اتحاد الحريات المدنية" الأميركي و"منظمة العفو الدولية" (أمنستي) و"هيومن رايتس ووتش" و"لجنة حماية الصحافيين" و"مراسلون بلا حدود" وجهت رسالة مشتركة إلى وزارة العدل في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، دعتها فيها إلى إسقاط قضية الاستئناف ورد لائحة الاتهام بحق أسانج. وأشارت المنظمات، في رسالتها، إلى أنّ لديها وجهات نظر مختلفة إزاء أسانج ومنظمة "ويكيليكس"، لكنها "تتفق على أنّ القضية الجنائية المرفوعة ضده تشكل تهديداً خطيراً لحرية الصحافة في الولايات المتحدة وخارجها".
وعبّرت عن تقديرها لسعي الإدارة الأميركية لـ"حماية الأمن القومي"، لكنها رأت أنّ الإجراءات القانونية ضد أسانج "تهدد الصحافة الضرورية لحماية الديمقراطية". وأبدت مخاوفها وقلقها الذي تشاركه مع المؤسسات الإخبارية الكبرى في استغلال ما يحصل مع أسانج في "تقويض عمل الصحافيين والناشرين وحرياتهم".