سلم عشرات الصحافيين الفلسطينيين نداءً خاصاً كُتب للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة برام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، لطلب الحماية العاجلة على ضوء انتهاكات تتعلق بحرية العمل الصحافي تعرض لها الصحافيون خلال اليومين الماضيين.
ونظم عشرات الصحافيين وقفة أمام مكتب المفوض السامي في رام الله، قبل أن يجتمعوا بالهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" ومؤسسة الحق ومركز القدس للمساعدة القانونية، واستمعت تلك المؤسسات لشهادات صحافيات وصحافيين تعرضوا للاعتداءات ومنْع التغطية من أفراد بلباس مدني، وليعلن مدير الهيئة، عمار دويك، عن تشكيل فريق قانوني لمتابعة شكاوى الصحافيين.
وتلت الصحافية، نائلة خليل، الرسالة المقدمة إلى مكتب المفوض السامي، قائلة: "إنه يوم حزين للصحافيين بأن يضطروا لتسليم المفوض السامي نداء بالحماية، لم نكن نتوقع في يوم من الأيام أننا سنطلب هذه الحماية، نحن نواجه الاحتلال يومياً على الحواجز والميادين وكل نقطة ساخنة، لكننا اليوم مضطرون لطلب هذه الحماية بشكل مؤسف، لا نستطيع التحرك أمتاراً داخل المدن الفلسطينية، وهذا تحت سمع جميع المستويات الرسمية وبصرها".
وجاءت في النداء، الذي وقع عليه الصحافيون الحاضرون، مطالبة للأمم المتحدة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لتوفير الحماية الشخصية والمهنية للصحافيين.
وأكدت الرسالة على "أن حرية العمل الصحافي أصبحت مهددة بشكل كامل، بعدما تعرض صحافيون وصحافيات فلسطينيون للملاحقة والضرب والدفع والشتم والتخوين، والإصابة بقنابل الغاز المسيل للدموع، عدا عن محاولات المنع من التصوير عبر مصادرة الهواتف أو شرائح التصوير الخاصة بالكاميرات، وتحطيم الكاميرات والتهديد بمصادرة أخرى، والعمل على حرمان الصحافيين من التواجد في المواقع التي تشهد اشتباكات ومواجهات في مسعى لمنع نقل صورة الاعتداء على المحتجين على مقتل الناشط نزار بنات".
وطالب الصحافيون المحتجون بمتابعة حثيثة لقضية اقتحام منزل الصحافي طارق يوسف فجر اليوم الإثنين، في نابلس، وملاحقته للاعتقال من قبل جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني.
الصحافية، فاتن علوان، اعتبرت في حديثها مع "العربي الجديد" أنه من المؤلم ما يحصل للصحافي الفلسطيني الذي غطى الاجتياحات الإسرائيلية، قائلة: "كان العدو واضحاً، لكن أن يكون عدوك هو ابن جلدتك فهذا مؤلم جداً".
وعبّرت علوان عن تخوفها من أثر تلك الانتهاكات بحق الصحافيين على المواطن، وقالت: "نحن كصحافيين لدينا حصانة السلطة الرابعة، وتعرضنا لهذه الانتهاكات، تخوفي على المواطن أصبح أكبر، لدينا جسم صحافي صحيح لا يحمينا، ولكن الشعب لا يملك أي جسم".
بدورها، أوردت الصحافية، جيهان عوض، لـ"العربي الجديد"، شهادتها، مؤكدة أنها تعرضت لعرقلة العمل خلال يومي السبت والأحد الماضيين، أثناء تغطيتها التظاهرات المنددة بمقتل الناشط المعارض الفلسطيني، نزار بنات، أثناء اعتقاله.
وقالت عوض: "إنها تعرضت للمطاردة السبت الماضي، كاللصوص، حيث طاردها خمسة أشخاص ونجت من إصابتها بحجر كبير".
وأضافت: "ما حصل لا يعبّر عن وجود طرف معارض مقابل طرف مؤيد، أنا شخصياً أظهر لي أفراد بالزي المدني بطاقاتهم الأمنية، وأحد العناصر بالزي المدني وهو يملك سلاحاً، قال لي مهدداً "اليوم الضرب على الرأس، وليس بالأرجل"".
واعتبر مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري، في حديثه مع "العربي الجديد"، على هامش الوقفة، أن ترك الميدان بدون تواجد شرطي يحمي التظاهرات ويؤمن الحماية للصحافيين يؤكد أن ما حصل خلال اليومين الماضيين، لم يكن تصرفات فردية من بعض الأفراد، بل كان قراراً سياسياً وقراراً أمنياً من مستويات عليا.
ووصف العاروري ما حصل بأنه سلوك "مليشياوي" تنسحب الدولة فيه من دورها وأداء واجباتها من حماية الجميع، ومن أن تكون على مسافة واحدة من الجميع.
وأضاف أن الأمن انسحب من المشهد وترك الأمر للشارع؛ "من يترك الأمر للشارع يتحمل العواقب الوخيمة، كان يمكن أن يكون أكثر من نزار بنات أمس وأول أمس، ومجتمعنا الفلسطيني لا يستطيع تحمل نزار بنات آخر".
واجتمع عدد من الصحافيين بمدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" عمار دويك ومدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري، ومدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، حيث أدلوا بشهاداتهم وطالبوا بتوفير الحماية لهم لضمان القيام بعملهم وإيصال الصورة.
وأعلن الدويك خلال تصريح له أن الهيئة اتفقت مع مؤسسات حقوقية أخرى على تشكيل فريق قانوني لمتابعة كل القضايا والشكاوى التي أبلغ الصحافيون بها الهيئة، مؤكداً أنه على تواصل دائم مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لبلورة موقف مشترك من التطورات التي اعتبرها خطيرة على حالة حقوق الإنسان.
وقال دويك: "إنه ومن خلال إفادات الصحافيين ترى الهيئة وجود تعمد باستهداف الصحافيين، مع استهداف خاص للصحافيات في الميدان من خلال الاعتداء أو خطف الكاميرات أو سرقة أجهزة الاتصال التي كانت تستخدم في التصوير".
وأكد الدويك أن أجهزة الأمن والشرطة الفلسطينية لم تتدخل لتوفير الحماية لهم رغم طلب بعض الصحافيات لذلك، "هذا شيء مقلق جداً، ويحول دون قيام الصحافيين بدورهم"، وطالب بتوفير حماية للصحافيين في الميدان وخاصة الصحافيات.