يصعب تأمين أي شيء بسهولة في قطاع غزة. الحصول على وجبة طعام أو رغيف خبز أو القليل من الماء يتطلّب ساعات من الانتظار. ساعات يشارك فيها الجميع كباراً وصغاراً. يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة لتأمين ما يبقيهم على قيد الحياة. هي معاناة يومية لا يمكن إلا أن تتكرر. فهؤلاء يعيشون حتى لا يموتوا، بعدما فقدوا كل مقومات الحياة.
موجعة مشاهد الطوابير التي لا تزال على حالها منذ فترات الحرب الأولى، حالها حال التهجير المستمر والموت الجماعي المستمر. ويصعب تصديق أنها قد تنتهي يوماً. حتى شحن الهواتف يحتاج إلى الوقوف في طوابير. تصليح الأحذية أو الثياب. كل ما هو يتعلق بمستلزمات الاستمرار يفرض انتظاراً طويلاً.
ولا خيارات أمام الأطفال إلا مشاركة الكبار. لا يخرج الآباء وحدهم بحثاً عن الطعام. الأطفال أيضاً يخرجون صباحاً لتأمين المياه والطعام وغيرهما. الأمهات لا يجلسن مكتوفات الأيدي، بل يتولّين أموراً كثيرة. التعاون فرض على الكبار والصغار. الكبار يرعون الصغار والصغار يرعون الصغار. لا فرق.
وإن كبر الصغار، فسيكونون محملين بمشاهد شديدة القسوة... مشاهد يصعب نسيانها. لن ينسوا الخوف والقتل والجثث والإصابات والجوع والعطش والطوابير. ولن ينسوا أن الطفولة سلخت عنهم، وتحولوا إلى مسؤولين مشاركين في إعالة أسر، يتوجب عليها الانتظار طويلاً للمساهمة في تأمين الأساسيات.
(العربي الجديد)