في يوميات الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن، هناك أشهر من القصف الجوي الذي خلّف دماراً قد لا تستطيع حصره دفاتر إعادة الإعمار في حال تقرر فتحها، كما ترك دمغات دماء قتلى عالقة على بقايا الحجارة، وملوّثات بارود، وأزال كل مشاهد الحياة على الأرض.
أيضاً تتضمن اليوميات أسابيع من إلقاء المساعدات من مظلات جوية لا يمكن أن تسدّ رمق أكثر من مليوني جائع، ما يجعل الهدف الرئيس منها نشر "دعاية" مراعاة دول غربية الأوضاع الإنسانية في غزة، رغم أن هذه الدول نفسها تشارك فعلياً في المجزرة منذ اللحظة الأولى. وتظهر هذه "الدعاية" في إلقاء طائرات حربية أميركية مساعدات، وتعمّد إظهار علم بريطانيا مثلاً على الرزم.
في مشاهد اليوميات المتعاقبة بلا رحمة على فلسطينيي غزة تكون السماء داكنة بدخان القصف لدى حدوث الغارات الجوية الحاقدة، وزرقاء حين تهطل الرزم، كيفما كان بالطبع حتى لو سقطت على رؤوس الناس وقتلتهم، أو جعلتهم يغرقون إذا لحقوا بها إلى البحر الخطر أيضاً. لكن الأهم ليس السماء، بل الأرض التي لا يسيطر الجزارون عليها فعلياً، ولن يسيطر عليها أبداً إلا فلسطينيو غزة، حتى لو بدوا أنهم الطرف الأضعف في هذه الحرب غير المتكافئة.
قد يبدو فلسطينيو غزة في يأس، ينتظرون ويركضون ويتدافعون للحصول على رزم مساعدات، لكنهم يفعلون ذلك على أرضهم التي لم تطلها إسرائيل والدول الأعداء وتؤذيهم إلا من الجو. إنهم سلاطين الحق والانتصار.
(العربي الجديد)