بعد أكثر من ستة أشهر على الحرب الإسرائيلية في غزة باتت مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة ملامح لم يستطع بعض سكانها الذين عادوا من رحلة النزوح إلى رفح تحديدها، أو حتى تأكيد أنها كانت موجودة سابقاً.
أبيدت المنازل والأحياء والمشاريع والأحلام والطموحات والذكريات والحياة في خانيونس، فعاد مهجرون إليها بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها في 7 إبريل/ نيسان الجاري، وصدمهم ما رأوه فالحرب دمّرت كل ما بنوه طوال سنوات بعناء وجهد وسوّت الممتلكات بالأرض حتى إن بعضها بات بلا أثر.
لم تترك استراتيجية الأرض المحروقة الإسرائيلية أيّ شيء في خانيونس، لذا قال بعض العائدين إنهم سيكررون النزوح إلى رفح أو ربما إلى مناطق قريبة أخرى.
في أي مكان ينتقل إليه فلسطينيو غزة اليوم لا تلتقي أعينهم إلا بمشاهد انعدام الأمل. مدنهم ومناطقهم التي صمدوا فيها سنوات طويلة أشدها خلال الحصار الإسرائيلي مطلع عام 2006، انهارت كنتيجة واضحة لأهداف الحرب الإسرائيلية الأبعد بالتأكيد من محاربة حركة "حماس".
خانيونس مدينة غير صالحة للعيش، مثل مناطق أخرى على الأرجح في قطاع غزة. وفي كل الأحوال لم يحقق الجيش الإسرائيلي أهدافه في القضاء على حركة حماس في خانيونس، وهو لن يفعل ذلك في أي مكان بالقطاع وبفلسطين عموماً. وبالتالي ستكون البصمات الوحيدة للإسرائيليين القتل والدمار والتسبب في مآسٍ إنسانية لا حصر لها، إلا في حال حصلت معجزة ومنع العالم انتهاكاتهم، بدلاً من أن يتوقف متفرجاً عليها... أو متواطئاً معها.
(العربي الجديد)