الانتخابات الفرنسية في الإعلام العالمي: حشد للمعسكرين

باريس

أحمد عيساوي

avata
أحمد عيساوي
25 ابريل 2017
96BAF17A-9131-4200-BDBD-A773470870C6
+ الخط -

انتهت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأكثر تعقيدًا واشتباكًا في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، بتأهّل مرشح يسار الوسط إيمانويل ماكرون، الذي حلّ أولاً، ومرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، إلى الجولة الثانية والحاسمة في السابع من مايو/أيار القادم.

وقبل صدور النتائج الرسمية النهائية عن وزارة الداخلية، أمس الإثنين، تداعَى عشرات السياسيين من اليسار واليمين إلى الدعوة لتشكيل "جبهة جمهورية" تمنع فوز مارين لوبان في الجولة الثانية.

وقد رصدت الصحف الفرنسية ردود الفعل داخل معسكري الاشتراكيين والجمهوريين، بعد نهار الأحد الانتخابي الذي أفضى، بحسب "لوموند"، إلى "موت الثنائية الحزبية التي سيطرت على الحياة السياسية الفرنسية طيلة خمسة عقود".

صحيفة "ليزيكو" (Les Echos) الاقتصادية عنونت "قفزة كبيرة في الفراغ"، وقالت "إنّ هذه الانتخابات ستشكّل محطة مفصلية في تاريخ الحياة السياسية الفرنسية، لأنها ستشهد غياب مرشح لليمين الجمهوري في الدور الثاني، للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة، ولأنّ جولة الإعادة ستشهد حضور مرشحة اليمين المتطرف على حساب مرشح الاشتراكيين للمرة الثانية خلال 15 عاما".

بدورها، صحيفة "الأوبينيون" (L'Opinion) الليبرالية سجّلت "تغيراً في المزاج العام لدى الفرنسيين الذين توجّهوا بكثافة للتصويت ضد الأحزاب التقليدية وضد مرشحي النظام".

وفي نفس السياق، علّلت "لاكروا" هذا التبدّل في المزاج، بالفشل الذي شهدته سنوات ساركوزي وهولاند، وقالت "عاقب الفرنسيون اليسار واليمين التقليدي على عهدين فاشلين، خسرت في السنوات العشر فرنسا مكانتها الأوروبية، وغرقت في مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية، فانزاحت الأغلبية الناخبة وراء خطاب يحاكي همومها المعيشية ويلامس مشاكلها، ولو عبر حلول تبدو جنونية".

في "ليبراسيون" التي حملت صورة ماكرون على صفحتها الأولى مع عبارة "إلى الأمام"، جاء في افتتاحية اليومية اليسارية "في الجولة الثانية سيتواجه اليسار-الليبرالي مع النزعة القومية، الانفتاح مع الانطوائية، أوروبا الموحدة مع فرنسا الوحيدة".

وأضافت "على الفرنسيين أن يختاروا بعد أسبوعين بين هذين النموذجين، وإن كانت التوقعات تشير إلى فوز ماكرون، عشية 7 أيار/مايو، بسبب دعوة الاشتراكيين والجمهوريين إلى التصويت له، فإنّ مارين لوبان تعوّل على أصوات جزء من اليمين المحافظ وجزء من اليسار الراديكالي (العمال والمزارعين..) لتجاوز الـ40%، وهي تعرف جيدا أنّ حسابات اليوم مختلفة جدا عن حسابات سنة 2002".

أما صحيفة "لومانيتي" (L'Humanité) الشيوعية فقد عنونت على صفحتها الأولى "أبدا" (jamais)، مرفقة العبارة بصورة مارين لوبان، ودعت إلى التجمع خلف ماكرون "دون حماس" من أجل منع لوبان من الوصول إلى الإليزيه.

كما تناولت الصحف المحلية الهزيمة التاريخية للحزب الاشتراكي الذي "انتهى بصيغته الحالية" كما قال مانويل فالس، صباح الاثنين، في حديث إذاعي.

أوروبياً وعالمياً، قوبل تأهّل ماكرون إلى جولة الحسم بترحيب كبير من رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر. كما عبّرت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن سعادتها بوصول "مرشح أوروبي حقيقي، يحمل قيم ومبادئ الوحدة الأوروبية، ويسعى من أجل الحفاظ عليها وتطويرها".

في الإعلام الروسي، حتى ساعات متأخرة من ليل الأحد، ظلّ التلفزيون الرسمي يشير إلى تصدّر مارين لوبان للدور الأول، في حين تولّت محطة وزارة الدفاع الروسية "زفيزدا" (Zvezda) الترويج لمرشحة روسيا المفضلة لوبان، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة عبر تويتر من خلال وسم #JevoteMarine.

ونقلت "سبوتنيك" رسالة كتبها السيناتور قسطنطين كوساتشيف، الذي يرأس هيئة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي، على صفحته: "كما في الولايات المتحدة الأميركية، سنشهد جولة بين مرشح لا يريد التغيير في السياسة الخارجية (في إشارة لماكرون) وبين مرشح يطمح إلى تعاون أكبر مع روسيا، يبدأ برفع العقوبات الغربية (في إشارة للوبان). الفارق في فرنسا أنّ المرأة هي التي تحمل التغيير، والحال لم يكن مع كلينتون في الولايات المتحدة الأميركية".

في إيطاليا، رحّبت صحيفة "لا ريبوبليكا" التقدمية بنجاح ماكرون. ونقلت على لسان رئيس الحكومة الأسبق، ماتيو رينزي، تفاؤله بـ"مستقبل مشرق لفرنسا التي كانت وستبقى مصدر قوة لأوروبا".

أما صحيفة اليمين التقليدي المقربة من سيليفيو برلسكوني "Il Giornale"، فرأت أنّ قدرة مارين لوبان على حسم المعركة الانتخابية تبدو شبه مستحيلة. وأشارت إلى أنها سابقة في تاريخ فرنسا وأوروبا الحديثة أن تحصل مرشحة اليمين المتطرف على أصوات 22% من غالبية الناخبين.

ونقلت صحيفة "الكورييري ديلا سيرا" عن زعيم "رابطة الشمال" ماتيو سالفيني (اليمين المتطرف) قوله "إذا كان 40% من العمال والمزارعين والحرفيين سيصوتون للصديقة مارين لوبان في الجولة الثانية، فإنّ هذا انتصار كبير للشعوب التي تمثلها مارين على النخب التي يمثلها ماكرون".

في بريطانيا، تحدّثت "تايمز" عن انتهاء الثنائية الحزبية في فرنسا إلى غير رجعة. وقالت إنّ "فرنسا صوّتت بشكل رئيسي ضد الأحزاب التقليدية، وضد هيكلية النظام الحالي". وتساءلت عما إذا كان ماكرون "قليل الخبرة السياسية، والمصرفي اللامع، قادرًا على قيادة فرنسا لسنوات خمس قادمة".

وحدها صحيفة "دايلي مايل" المعادية لأوروبا، راهنت على وصول لوبان إلى الإليزيه خلال أسبوعين، وكتبت "سيقول الفرنسيون كلمتهم خلال أسبوعين. سيصوّتون للفريكزيت، كما قالها الإنكليز".

في الأراضي المحتلة، وبحسب "ليبراسيون"، فإنّ بنيامين نتنياهو كان يرغب في وصول فرانسوا فيون إلى الدور الثاني. واستندت الصحيفة لأرقام الإسرائيليين-الفرنسيين الذين صوّتوا في السفارة في باريس، لتؤكد أنّ فيون هو المرشح الأكثر حيازة على الأصوات (61 %‏)، في حين حلّ ماكرون ثانيا بنسبة 30%، الذي يرى فيه الصهاينة "صديقا لدولة إسرائيل التي زارها كوزير للاقتصاد منذ أربع سنوات لمناقشة الاقتصاد الرقمي"، بحسب المدوّن بن كاسبيت.

ومما لا شك فيه أنّ إسرائيل تفضّل وصول أي مرشح على أن تصل لوبان إلى الإليزيه، "ابنة جان-ماري المعادي للسامية، والمحاطة بسلة من العملاء النازيين"، حسب معلّق في الجيروزاليم بوست.

ذات صلة

الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
المساهمون