في الجزء الثالث من تحقيق "كرة الكرامة" سنكشف عن حالة الحرمان التي يعيشها اللاعب اللبناني المدين والمظلوم والذي يترك عائلته من أجل كرة القدم وفي النهاية لا ينال كامل حقوقه.
هو مدين. هو محروم. يلعب بدون روح. يركض وراء الكرة وهموم الحياة تركض وراءه. يسقط على أرض الملعب بسبب عرقلة. تلامس الإصابة قدمه. يتذكر عائلته التي ستسقط بدونه. يقف على قدميه مجدداً. يقاتل من أجل الكرة. يُصارع من أجل إعالة عائلته. يُحارب من أجل حياة كريمة. حياة فيها القليل من الكرامة.
هو مدين. هو محروم. يلعب بدون روح. يركض وراء الكرة وهموم الحياة تركض وراءه. يسقط على أرض الملعب بسبب عرقلة. تلامس الإصابة قدمه. يتذكر عائلته التي ستسقط بدونه. يقف على قدميه مجدداً. يقاتل من أجل الكرة. يُصارع من أجل إعالة عائلته. يُحارب من أجل حياة كريمة. حياة فيها القليل من الكرامة.
هو لاعب كرة قدم اختار الملعب ملاذاً لإطلاق حريته ومكاناً لتنفيس هموم الحياة، لكنه اصطدم بواقع مرير جعله يعيش في ظروف قاهرة قد تدفعه للتخلي عن أحلامه في المستطيل الأخضر من أجل تحصيل لقمة العيش بكرامة.
الحرمان لن يُولّد تميزاً
يبدأ اللاعب حسن ملاح نهاره عند الساعة السادسة صباحاً ويذهب لعمله في البنك، ينتهي عند الظهر ويتوجه إلى صور التي تبعدُ حوالى 80 كلم عن منزله في بيروت. يعود إلى منزله عند التاسعة والنصف مساء ويسأل نفسه: "أين حق عائلتي في رؤيتي، ابني لا يراني، أتناول وجبة العشاء وأنا في حالة تعب شديدة وأريد النوم، في الصباح ابني نائم وفي المساء نائم أيضاً! أين الكرامة في هذا الموضوع، كل هذا من أجل كرة القدم التي تظلمنا أصلاً؟".
اللاعب اللبناني هو أساس هذه اللعبة وبدونه لن نتمكن من تطوير هذه اللعبة. اللاعب اللبناني محروم من حقوقه ومظلوم من خلال طريقة التعامل. "عندما نقارن اللاعب بنظيره الأجنبي الذي يأتي أحياناً إلى الدوري اللبناني وهو أقل مستوى من اللاعب اللبناني لكنه يحصل على حقوقه كاملةً لأنه أجنبي ويملك عقداً رسمياً بيده ويُحصل جميع حقوقه، يجدر الاعتراف بأن لاعبنا الوطني يعيش في أسوأ الظروف رغم تفوقه" بهذه الكلمات يُشير الصحافي الرياضي كريم سعد باستياء كبير إلى الوضع السيئ الذي يعيشه هذا اللاعب.
ويلفتُ سعد إلى الكثير من الحالات في كرة القدم اللبنانية التي تعيش في أوضاع معيشية واقتصادية سيئة جداً، هناك لاعبون يلعبون في أندية درجة أولى لا يملكون دراجة نارية حتى لكي تنقلهم من منزلهم إلى ملعب التدريب، فكيف يطلب النادي اللبناني من هذا اللاعب أن يقدم كل شيء على أرض الملعب في ظل هذه الظروف القاسية التي يعيشها.
بالنسبة لحسين ياسين الصحافي اللبناني في قناة "بي إن سبورت"، لاعب كرة القدم هو أساس اللعبة ويجب التفكير في الدرجة الأولى بهذا اللاعب لكي نشهد تطوراً إيجابياً في المستقبل. ياسين عاشر الكثير من اللاعبين في لبنان منذ حوالى عشر سنوات قبل انتقاله إلى القناة القطرية، ولديه الكثير من الذكريات معهم، وهو يشير إلى أن بعض اللاعبين هجروا هذه اللعبة لأن من الصعب ممارسة كرة القدم بدون وجود وظيفة ثانية أو ثالثة حتى.
ويؤكد ياسين أنه في ظل هذه الأجواء من الحرمان لا يمكن لأي شخص في لبنان أن يطلب من اللاعب اللبناني أن يقدم الكثير على أرض الملعب، الأمر في غاية الصعوبة، خصوصاً أن ما يُقدم للاعب لا يمكن مقارنته بما يقدمه في المباريات مع الأندية التي يلعب معها، ولا يمكن مقارنته حتى لأنه يعيش محروماً ومديناً، فكيف تتوقع الأندية أن يكون أداؤه على أرض الملعب؟
أين راحة اللاعب؟
يُطالب نادي كرة القدم في لبنان لاعبه بأداء ثابت في المباريات وقد تصل الأمور إلى حد الحسم من الراتب وتوبيخه بسبب انخفاض مستواه الفني، لكن هل التفت هذا النادي لراحة هذا اللاعب على الصعيد النفسي أولاً قبل المادي. فكيف سيظهر اللاعب بكامل قوته وهو لا ينام جيداً بسبب عمله لأكثر من 16 ساعة في اليوم. وكيف يطلب النادي من هذا اللاعب أن يُقاتل من أجل القميص الذي يرتديه وهو يركض وراء لقمة عيشه وأحياناً يحصل عليها بالترجي.
هناك لاعبون في لبنان لا يمكنهم أن يخرجوا مع عائلاتهم للفسحة لأنهم لا يملكون المال الكافي، خصوصاً اللاعبين الذين لا يعملون ويعوّلون فقط على كرة القدم، يعتبرون أن تأمين الطعام ودفع الأقساط والديون أولوية قبل شراء الملابس والخروج للتفسح مع العائلة. اللاعب اللبناني مدين ويعيش في أسوأ حالة حالياً. اللاعب اللبناني هو الحلقة الأضعف في كرة القدم.
بالنسبة للاعب حسين الدُر، كرة القدم هي وظيفة ثانوية لكل لاعب، لا يمكن أن يبني مستقبلاً واعداً من خلال ممارستها، خصوصاً أن كرة القدم في لبنان لم تصل إلى مستوى الاحتراف. ويُشير الدُر إلى أن حالة اللاعب اللبناني إلى تدهور في ظل الرواتب الضئيلة التي لا تكفيه لكي يعيش حياة كريمة.
وينفجر الدُر غضباً عندما يتحدث عن نظام دفع المستحقات السنوية الغريب في لبنان، إذ يُشير إلى أن اللاعب اللبناني يتقاضى ثمانية أشهر فقط في كل موسم، أي أنه لن يحصل على راتب لمدة أربعة أشهر، وقد تمرُ عليه ثلاثة أو أربعة أشهر بدون راتب شهري وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة له.
وبسبب هذه الحالة السيئة خصوصاً على الصعيد المادي، لجأ بعض اللاعبين لأعمال مختلفة تماماً مثل اللاعب حسين مالك الذي كشف عنه الصحافي رواد مزهر. مالك لعب مع التضامن صور والمبرة، لكنه اعتزل كرة القدم في عمر الـ 23 سنة فقط بسبب الوضع المأساوي للعبة.
هذا الشاب الذي عمل في مجال الفن قليلاً ونال لقب ملك جمال الشرق الأوسط، اكتشف أن العمل في الوسط الفني أمر مزعج ولا يليق بسمعته فقرر العودة إلى كرة القدم، لكنه اكتشف أيضاً أن الوسط الكروي أسوأ بكثير من الفن، فقرر مغادرة البلاد وهو يعمل في الخارج حالياً، وانتهت مسيرته الكروية سريعاً.
وهناك لاعب كرة قدم يلعب مع فريق درجة أولى ويلعب مع فريق كرة صالات، وفي الصيف يشارك مع فريق كرة شاطئية، هل يمكن تصنيف هذا اللاعب بالمحترف عندما يشارك مع ثلاثة أندية في ثلاث ألعاب؟ طبعاً لا! اللاعب المحترف يعمل في مكان واحد هو المستطيل الأخضر لأنه ليس بحاجة إلى أي مورد مالي ثان، فكيف نقبل بوجود لاعبين يلعبون كرة القدم من الصباح حتى المساء ونطلب منهم قيادة منتخب وطني إلى القمة؟
أمام هذه الحالات الصعبة وأمام هذا الواقع المرير لا يمكن مطالبة اللاعب اللبناني بأكثر من ذلك، خصوصاً عندما كشف الصحافي كريم سعد أن في لبنان لاعبين يحضرون إلى التدريبات في آخر الشهر من دون طعام لأنهم لا يملكون المال الكافي لشراء وجبة غذائية، وهؤلاء اللاعبون يكتفون بتناول الشوكولا أو المثلجات لكي يتماسكوا حتى نهاية التدريبات، فهل هذا ما يريده الاتحاد اللبناني لكرة القدم والأندية التي تنضوي تحت لوائه؟
اقــرأ أيضاً
الحرمان لن يُولّد تميزاً
يبدأ اللاعب حسن ملاح نهاره عند الساعة السادسة صباحاً ويذهب لعمله في البنك، ينتهي عند الظهر ويتوجه إلى صور التي تبعدُ حوالى 80 كلم عن منزله في بيروت. يعود إلى منزله عند التاسعة والنصف مساء ويسأل نفسه: "أين حق عائلتي في رؤيتي، ابني لا يراني، أتناول وجبة العشاء وأنا في حالة تعب شديدة وأريد النوم، في الصباح ابني نائم وفي المساء نائم أيضاً! أين الكرامة في هذا الموضوع، كل هذا من أجل كرة القدم التي تظلمنا أصلاً؟".
اللاعب اللبناني هو أساس هذه اللعبة وبدونه لن نتمكن من تطوير هذه اللعبة. اللاعب اللبناني محروم من حقوقه ومظلوم من خلال طريقة التعامل. "عندما نقارن اللاعب بنظيره الأجنبي الذي يأتي أحياناً إلى الدوري اللبناني وهو أقل مستوى من اللاعب اللبناني لكنه يحصل على حقوقه كاملةً لأنه أجنبي ويملك عقداً رسمياً بيده ويُحصل جميع حقوقه، يجدر الاعتراف بأن لاعبنا الوطني يعيش في أسوأ الظروف رغم تفوقه" بهذه الكلمات يُشير الصحافي الرياضي كريم سعد باستياء كبير إلى الوضع السيئ الذي يعيشه هذا اللاعب.
ويلفتُ سعد إلى الكثير من الحالات في كرة القدم اللبنانية التي تعيش في أوضاع معيشية واقتصادية سيئة جداً، هناك لاعبون يلعبون في أندية درجة أولى لا يملكون دراجة نارية حتى لكي تنقلهم من منزلهم إلى ملعب التدريب، فكيف يطلب النادي اللبناني من هذا اللاعب أن يقدم كل شيء على أرض الملعب في ظل هذه الظروف القاسية التي يعيشها.
بالنسبة لحسين ياسين الصحافي اللبناني في قناة "بي إن سبورت"، لاعب كرة القدم هو أساس اللعبة ويجب التفكير في الدرجة الأولى بهذا اللاعب لكي نشهد تطوراً إيجابياً في المستقبل. ياسين عاشر الكثير من اللاعبين في لبنان منذ حوالى عشر سنوات قبل انتقاله إلى القناة القطرية، ولديه الكثير من الذكريات معهم، وهو يشير إلى أن بعض اللاعبين هجروا هذه اللعبة لأن من الصعب ممارسة كرة القدم بدون وجود وظيفة ثانية أو ثالثة حتى.
ويؤكد ياسين أنه في ظل هذه الأجواء من الحرمان لا يمكن لأي شخص في لبنان أن يطلب من اللاعب اللبناني أن يقدم الكثير على أرض الملعب، الأمر في غاية الصعوبة، خصوصاً أن ما يُقدم للاعب لا يمكن مقارنته بما يقدمه في المباريات مع الأندية التي يلعب معها، ولا يمكن مقارنته حتى لأنه يعيش محروماً ومديناً، فكيف تتوقع الأندية أن يكون أداؤه على أرض الملعب؟
أين راحة اللاعب؟
يُطالب نادي كرة القدم في لبنان لاعبه بأداء ثابت في المباريات وقد تصل الأمور إلى حد الحسم من الراتب وتوبيخه بسبب انخفاض مستواه الفني، لكن هل التفت هذا النادي لراحة هذا اللاعب على الصعيد النفسي أولاً قبل المادي. فكيف سيظهر اللاعب بكامل قوته وهو لا ينام جيداً بسبب عمله لأكثر من 16 ساعة في اليوم. وكيف يطلب النادي من هذا اللاعب أن يُقاتل من أجل القميص الذي يرتديه وهو يركض وراء لقمة عيشه وأحياناً يحصل عليها بالترجي.
هناك لاعبون في لبنان لا يمكنهم أن يخرجوا مع عائلاتهم للفسحة لأنهم لا يملكون المال الكافي، خصوصاً اللاعبين الذين لا يعملون ويعوّلون فقط على كرة القدم، يعتبرون أن تأمين الطعام ودفع الأقساط والديون أولوية قبل شراء الملابس والخروج للتفسح مع العائلة. اللاعب اللبناني مدين ويعيش في أسوأ حالة حالياً. اللاعب اللبناني هو الحلقة الأضعف في كرة القدم.
بالنسبة للاعب حسين الدُر، كرة القدم هي وظيفة ثانوية لكل لاعب، لا يمكن أن يبني مستقبلاً واعداً من خلال ممارستها، خصوصاً أن كرة القدم في لبنان لم تصل إلى مستوى الاحتراف. ويُشير الدُر إلى أن حالة اللاعب اللبناني إلى تدهور في ظل الرواتب الضئيلة التي لا تكفيه لكي يعيش حياة كريمة.
وينفجر الدُر غضباً عندما يتحدث عن نظام دفع المستحقات السنوية الغريب في لبنان، إذ يُشير إلى أن اللاعب اللبناني يتقاضى ثمانية أشهر فقط في كل موسم، أي أنه لن يحصل على راتب لمدة أربعة أشهر، وقد تمرُ عليه ثلاثة أو أربعة أشهر بدون راتب شهري وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة له.
وبسبب هذه الحالة السيئة خصوصاً على الصعيد المادي، لجأ بعض اللاعبين لأعمال مختلفة تماماً مثل اللاعب حسين مالك الذي كشف عنه الصحافي رواد مزهر. مالك لعب مع التضامن صور والمبرة، لكنه اعتزل كرة القدم في عمر الـ 23 سنة فقط بسبب الوضع المأساوي للعبة.
هذا الشاب الذي عمل في مجال الفن قليلاً ونال لقب ملك جمال الشرق الأوسط، اكتشف أن العمل في الوسط الفني أمر مزعج ولا يليق بسمعته فقرر العودة إلى كرة القدم، لكنه اكتشف أيضاً أن الوسط الكروي أسوأ بكثير من الفن، فقرر مغادرة البلاد وهو يعمل في الخارج حالياً، وانتهت مسيرته الكروية سريعاً.
وهناك لاعب كرة قدم يلعب مع فريق درجة أولى ويلعب مع فريق كرة صالات، وفي الصيف يشارك مع فريق كرة شاطئية، هل يمكن تصنيف هذا اللاعب بالمحترف عندما يشارك مع ثلاثة أندية في ثلاث ألعاب؟ طبعاً لا! اللاعب المحترف يعمل في مكان واحد هو المستطيل الأخضر لأنه ليس بحاجة إلى أي مورد مالي ثان، فكيف نقبل بوجود لاعبين يلعبون كرة القدم من الصباح حتى المساء ونطلب منهم قيادة منتخب وطني إلى القمة؟
أمام هذه الحالات الصعبة وأمام هذا الواقع المرير لا يمكن مطالبة اللاعب اللبناني بأكثر من ذلك، خصوصاً عندما كشف الصحافي كريم سعد أن في لبنان لاعبين يحضرون إلى التدريبات في آخر الشهر من دون طعام لأنهم لا يملكون المال الكافي لشراء وجبة غذائية، وهؤلاء اللاعبون يكتفون بتناول الشوكولا أو المثلجات لكي يتماسكوا حتى نهاية التدريبات، فهل هذا ما يريده الاتحاد اللبناني لكرة القدم والأندية التي تنضوي تحت لوائه؟