العمالة الأجنبية تُفاقم البطالة في الجزائر

الجزائر

حمزة كحال

avata
حمزة كحال
19 مارس 2018
C046696F-D4FD-4A68-94F5-1F504A30A807
+ الخط -
تحولت العمالة الأجنبية في الجزائر إلى أزمة باتت تؤرق اليد العاملة المحلية فبعدما كان يقتصر الأمر على الصينيين في مجال البناء اتسعت الدائرة لتشمل المهاجرين الأفارقة واللاجئين السوريين الذين باتوا يعرضون خدماتهم في مختلف المجالات كالبناء والوجبات السريعة والنسيج وغيرها.
في العاصمة الجزائر، لا يكاد يخلو شارع من تواجد مهاجرين أفارقة، متفرقين أو مجتمعين، حاملين معدات البناء ينتظرون وقوف إحدى السيارات طلبا لنقلهم لورشات البناء.

مشاهد تتكرر في المدن الكبرى بعد أن تحولت الجزائر من دولة عبور إلى الضفة الجنوبية للمتوسط إلى دولة إقامة للمهاجرين الهاربين من الحروب والفقر في بلدانهم. ومن النيجر ومالي وحتى نيجيريا، يزحف آلاف من المهاجرين إلى الجزائر، وتكون محطتهم الأولى في محافظة "تمنراست" الحدودية مع مالي والنيجر (2000 كلم جنوب العاصمة).
أحمدو مامادو ديارا أحد المهاجرين المستقرين في الجزائر، روى لـ "العربي الجديد"، عن رحلة الشتاء والصيف التي انتهت به في أحد شوارع العاصمة الجزائرية، والتي بدأت نهاية 2014 حين قرر مغادرة قريته "تيزغاري" الواقعة شمال مالي، بعد اشتداد الحرب بين الحركات الأزوادية والقوات الحكومية، حيث كان حلمه العيش في أوروبا وإنقاذ العائلة.

إلا أن أحلام المهاجر المالي بدأت تتبخر مع طول المسافة بين قريته والجزائر العاصمة، حيث يقول بلغة عربية متقطعة إنه "نجا من الموت عدة مرات في ورشات البناء بسبب ظروف العمل وغياب إجراءات السلامة". 
وأضاف أنه "يعمل مقابل 1000 دينار يوميا (نحو 9 دولارات) وهي الأجرة التي تجعل أصحاب الورشات يفضلون تشغيل اللاجئين الأفارقة بدلاً من الجزائريين الذين يطلبون أجرة مرتفعة".

وقال المهاجر المالي إن "إقامته في الجزائر بطريقة غير شرعية تدفعه لأي عمل، وكثيرا ما لا يتقاضى أجرة يومه إذ يهدده أصحاب الورشات بتبليغ الشرطة الجزائرية في حال طالب بأجره". 
هذه الحالة هي عنوان يلخص حياة مئات أو آلاف المهاجرين واللاجئين الأفارقة، الذين ينتظرون ما يجود الحظ به من فرص عمل بأجور زهيدة قد تصل إلى 300 دينار جزائري في اليوم الواحد (أقل من 3 دولارات).

قصة مماثلة يرويها لاجئ آخر في الجزائر لكن من جنسية أخرى وهو السوري علاء محمد النجيب إذ حلّ بالجزائر سنة 2014 ومنذ ذلك اليوم وهو يشتغل في أحد المطاعم في تحضير "الشاورما " و"الكباب" والأطباق الشامية الأخرى.
ويقول النجيب إنه "يضطر إلى العمل يوميا لأكثر من 12 ساعة دون انقطاع وبأجرة أقل من 300 دولار شهريا " وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أنه "مجبر على العمل دون شروط وإلا فلن يجد ما يعيل به عائلته الموجودة في الجزائر".

وتحولت العمالة الأجنبية إلى ملاذ أصحاب المشاريع والمستثمرين فبالرغم من ارتفاع نسبة عدد العاطلين عن العمل في الجزائر، فإن قطاعات تعاني من نقص كبير في اليد العاملة المؤهلة. 
وقدرت وزارة العمل الجزائرية عدد العمال الأجانب المصرح بهم بـ 140 ألف عامل من 125 جنسية، بحيث تأتي العمالة الصينية في المرتبة الأولى بتعداد يقدر بـ40 ألف عامل، ينشط أغلبهم في ورشات البناء.


في هذا الإطار، أكد مقاول في مجال بناء العمارات طريق رجيمي أن "العمالة الأجنبية أصبحت ما يبحث عنه أصحاب المشاريع لأسباب عديدة أولها الوفرة كما أن اليد الجزائرية تطلب أجرة أكثر مرتين من أجرة المهاجرين".
وقال رجيمي لـ "العربي الجديد" إن "هذا القطاع الذي كان خلال سنوات السبعينيات والستينيات يستوعب نسبة كبيرة من القوى العاملة لم يعد يستهوي الشباب الآن رغم الأجر المرتفع الذي يحصلون عليه في القطاع مقارنة بوظائف ومهن أخرى".

وارتفعت البطالة في الجزائر نهاية 2017 إلى نحو 12% مقابل 10% نهاية 2016. ويبلغ عدد العاطلين في الجزائر 1.5 مليون مواطن في حين بلغت اليد العاملة النشيطة 12.2 مليون مواطن حسب أرقام الديوان الجزائري للإحصائيات (حكومي).
من جانبه، قال مدير التنظيم في الوكالة الجزائرية للتشغيل عبد المنعم لعياشي لـ "العربي الجديد" إن "أغلبية اليد العاملة الأجنبية في الجزائر تنشط في مجال البناء والأشغال العامة كما لاحظنا ارتفاع عدد العمال الأجانب في مجال الوجبات السريعة."

وأضاف نفس المتحدث أن الجزائر تسعى لتصفية وضعية اللاجئين العاملين بطرق غير رسمية بعد التأكد من كفاءتهم".
ويرى الخبير الاقتصادي فرحات علي، أن "العمالة الأجنبية قدمت قيمة مضافة في بعض القطاعات كالبناء الذي يعاني نقصا كبيرا في اليد العاملة كما هو عليه الحال مثلا في مشاريع السكن الحكومية التي استعانت الحكومة باليد العاملة الصينية لإقامتها وفي قطاع الخدمات خاصة المطاعم ".

وأضاف الخبير الاقتصادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العمالة الأجنبية سواء كانت في الإطار القانوني أو غير المصرح بها تبقى في الأخير رقما مؤثرا في معادلة البطالة في الجزائر".



ذات صلة

الصورة
إيمان خليف تعرضت لحملة عنصرية أولمبياد باريس 2024 (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصل الوفد الجزائري، أمس الاثنين، إلى البلاد بعد مشاركته في أولمبياد باريس 2024، وكانت الأنظار موجهة بشكل أكبر صوب الثلاثي المتوج بالميداليات.

الصورة
جمال سجاتي بعد تتويجه بالميدالية البرونزية على ملعب ستاد فرنسا، 10 أغسطس/آب 2024 (Getty)

رياضة

اجتمع عدد من سكان بلدية السوقر في مقاطعة تيارت غربي الجزائر في صالة متعددة الرياضات، وهناك نصبوا شاشة عملاقة من أجل متابعة ابن منطقتهم جمال سجاتي (25 عاماً).

الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
بلدية الكويت تفتش على مخالفات المساكن

تحقيقات

يتكدس عمال وافدون في شقق أسفل عمارات الكويت هي أشبه بالسراديب، لتوفير أكبر قدر من رواتبهم البسيطة، غير أن الحياة وسط مخالفة اشتراطات الأمان والسلامة
المساهمون