فقد أعلن "بنك أبوظبي التجاري"، يوم الإثنين المنصرم، أنه يُجري محادثات اندماج في مرحلة مبكرة مع "بنك الاتحاد الوطني" و"مصرف الهلال" قد تُفرز كياناً بأصول قيمتها 113 مليار دولار.
كما أتمّت السعودية في مايو/ أيار الماضي أول اندماج بين مصرفين كبيرين منذ 20 عاماً، حيث اتفق "البنك السعودي البريطاني" و"البنك الأول" على الاندماج ليشكلا معاً ثالث أكبر مصرف سعودي، في صفقة قيمتها 5 مليارات دولار.
وفي 28 أغسطس/آب الفائت، أعلن "بنك بروة" و"بنك قطر الدولي" توقيع اتفاقية اندماج نهائية ينجم عنها كيان مصرفي إسلامي مشترك، يبلغ مجموع أصوله 22 مليار دولار تقريباً، ما يدعم التنمية الاقتصادية في دولة قطر من خلال إنشاء شريك استراتيجي للحكومة والقطاع العام، مع المساهمة في نمو القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة.
دوافع الاندماج
نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الخميس، تقريراً أعدّته أرشانا نارايانان، وحاولت فيه تحليل أسباب إقبال البنوك الخليجية على الاندماج الآن بطريقة غير مسبوقة في تاريخها.
ولاحظت الوكالة بدايةً، أن البنوك في منطقة الخليج تشهد على الأرجح، أكبر إصلاحات تشهدها على الإطلاق، حيث انخرط حوالى 6 بنوك في الآونة الأخيرة بمحادثات استحواذ أو اندماج.
وطرحت هذا السؤال: "لماذا تريد مصارف خليجية عديدة الاندماج؟"، ثم أجابت عنه بالقول إن المنطقة مشبعة أكثر من اللازم بعدد المصارف، ما يجعل البنوك مضطرة إلى الاندماج، في سعيها إلى الحفاظ على القدرة التنافسية في مرحلة انخفاض أسعار النفط. إذ إن أكثر من 73 مصرفاً مدرجاً في دول مجلس التعاون الخليجي الست، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبيرغ"، وهي تلبّي احتياجات سكان يبلغ عددهم 51 مليون نسمة تقريباً.
كما تعتمد البنوك الإقليمية إلى حد كبير على الودائع الحكومية التي تتضاءل نتيجة لهبوط أسعار النفط الخام العالمية.
مصارف أبوظبي
تسأل معدّة التقرير عن الدافع المنطقي وراء دمج بنوك أبوظبي الثلاثة، لتقول إن أكبر مصرفين في الإمارة أنجزا عملية اندماج العام الماضي، ما أسفر عن ولادة "بنك أبوظبي الأول".
كما أن التحالف بين "شركة مبادلة للاستثمار" و"مجلس أبوظبي للاستثمار" في مارس/آذار الماضي، قد أنشأ صندوق ثروة سيادياً تناهز أصوله 220 مليار دولار.
والآن، يُجري "بنك أبوظبي التجاري" و"بنك الاتحاد الوطني" و"مصرف الهلال" محادثات اندماج، علماً أن البنوك الثلاثة تتشارك ملكية الأغلبية في "مبادلة"، ما يعني أن دمجها يجب أن يكون عملية سلسة.
تكبير الصورة
يربط تقرير "بلومبيرغ" نمو الأصول (الموجودات) المصرفية إلى حد كبير بنمو الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، والذي يتحرك إلى حد كبير أيضاً على وقع حركة أسعار النفط.
ومنذ عام 2014، تضررت دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة لا تزال مستمرة من انخفاض أسعار الخام عالمياً، ما دفع بالحكومات إلى إعادة النظر في معايير موازناتها العامة، وكذلك تخفيض الإيداع في البنوك.
كذلك، واجهت البنوك ضغوطاً مصدرها تزايد تكاليف الامتثال للمعايير المحاسبية العالمية الجديدة، والتطوير التكنولوجي، واعتماد الضريبة على القيمة المضافة.
اندماجات "على النار"
يمرّ التقرير على بقية الاندماجات الحاصلة الآن، مشيراً إلى أن السعودية شهدت في مايو/أيار الماضي اندماجاً لافتاً بين "البنك السعودي البريطاني" التابع لمجموعة "إتش.إس.بي.سي" القابضة و"البنك الأول" الذي كان مدعوماً من "رويال بنك أوف سكوتلاند"، في صفقة بقيمة 5 مليارات دولار.
وبعد شهر تقريباً، وتحديداً في 24 يونيو/حزيران الفائت، أعلن "جي.بي مورغان تشيس وشركاه" بيع حصّة أقلية نسبتها 7.5% في "البنك السعودي للاستثمار" إلى المصرف نفسه الذي يتخذ من الرياض مقراً، في صفقة بلغت قيمتها 203 ملايين دولار، وفقاً لوكالة "رويترز".
وبالنسبة إلى دولة قطر، تشير "بلومبيرغ" إلى أن لديها عدد مصارف نسبة إلى عدد السكان هو الأعلى على مستوى المنطقة، إذ إن 18 مصرفاً محلياً ودولياً تخدم 2.7 مليون نسمة.
ويشير التقرير إلى الاتفاق المُنجز بين "بنك بروة" و"بنك قطر الدولي" أواخر الشهر المنصرم.
أما في سلطنة عُمان، فيتحدث التقرير عن محادثات جارية حالياً لعمليَتي اندماج منفصلتين، مع إشارته إلى أن أكبر مصرف في السلطنة (بنك مسقط) يدير 35% من مجموع الأصول المصرفية.
في السياق، كان "البنك الوطني العُماني" قد بدأ نهاية يوليو/تموز الماضي، مفاوضات اندماج محتمل مع "بنك ظفار"، لإنشاء كيان جديد قد تصل أصوله المالية إلى 20 مليار دولار. كما أعلن مصرفا "العز الإسلامي" و"عُمان العربي" في 27 مايو/أيار الفائت دراستهما الدخول في تعاون استراتيجي قد يقود إلى اندماج، بما يُنشئ كياناً جديداً بإجمالي أصول قيمتها 7 مليارات دولار، وفقاً لمجلة "فوربس".
توقّع صفقات أخرى
هذه الصفقات هي إما منجزة أو "على نار" التفاوض حالياً، لكن هل بالإمكان توقّع مزيد من الاندماجات في المرحلة المقبلة؟
إنه سؤال تصعب الإجابة عنه، حسب "بلومبيرغ"، باعتبار أن الاندماجات المصرفية تتم بعمليات معقدة، نظراً إلى الحصص الكبيرة التي تمتلكها الحكومات في الكيانات البنكية، واعتمادها، بالتالي، على الدعم السياسي. والدليل أن كثيراً من المحادثات تمّت بالفعل، في حين أن القليل من الصفقات تم إنجازها.
ومع ذلك، قد تجد بنوك إقليمية أخرى نفسها مُجبرةً على الانخراط في اندماجات من أجل الاستمرار، بما يشكل تهديداً للبنوك الأصغر حجماً.
كبير مديري مَحافظ الاستثمار في شركة "يونيون إنفستمنت بريفاتفوندز" بفرانكفورت، سيرغي ديرغاشيف، يقول لـ"بلومبيرغ": "إذا حدث هذا الاندماج (الثلاثي) في أبوظبي، فسوف تكون مسألة وقت رؤية خطوة مماثلة في إمارة دبي، وعلى الأرجح صفقة تتعلق بـ(بنك دبي الإسلامي)".