ربما يكون أسطول طائرات "بوينغ 737 ماكس 8" قد دخل دائرة الشلل التام، فأصبحت ناقلاته مركونة في مختلف المطارات، بانتظار تطوّرات منها تحقيق أميركي في أصل الترخيص لهذا الطراز، والتدقيق في الصندوقين الأسودين، وإجراءات تحديث برمجية تعمل عليها الشركة حالياً.
ففي أحدث تطوّر على هذا الصعيد، أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن وزارة النقل الأميركية تحقق في تصديق إدارة الطيران الاتحادية على طائرات "بوينغ" من الطراز "737 ماكس"، حسب ما نقلت "رويترز" عنها اليوم.
وأضافت الصحيفة يوم الأحد، أن تحقيق وزارة النقل بدأ في أعقاب حادثة طائرة شركة "ليون إير" في أكتوبر/ تشرين الأول الذي أودى بحياة 189 شخصاً، ويجريه المفتش العام في الوزارة الذي أمر مكتبين في إدارة الطيران الاتحادية بتأمين ملفات كمبيوتر، فيما لم ترد "بوينغ" حتى الآن على طلب للتعليق، كما امتنعت الإدارة عن التعليق أيضاً.
مصدران في الحكومة قالا إنه لن يكون مفاجئاً أن يحقق المفتش العام بوزارة النقل في قضية كبيرة تتعلق بالسلامة، لكن لم يتسن لهما تأكيد التقرير، فيما ذكرت الصحيفة نقلا عن مسؤول حكومي أن التحقيق يركز على نظام منع التوقف المفاجئ.
تقرير الصحيفة أفاد بأن وزارة النقل تسعى لتحديد ما إذا كانت إدارة الطيران الاتحادية قد اعتمدت على معايير التصميم والتحليلات المناسبة في التصديق بالموافقة على ذلك النظام.
تحديث البرمجة.. وتشابه بين الحادثين
بدورها، ذكرت "بوينغ"، يوم الأحد، أنها على وشك استكمال تحديث برمجي ومراجعة لتدريبات الطيارين لطائرتها 737 ماكس، وذكرت في بيان أن التحديث يهدف لمعالجة كيفية استجابة نظام التحكم بالطائرة "إم كاس" (نظام زيادة خصائص المناورة) لأي مدخلات خاطئة من أجهزة الاستشعار.
في غضون ذلك، بادرت إثيوبيا، الأحد، إلى تأكيد أن حادث تحطم الطائرة الإثيوبية يكشف عن "أوجه تشابه واضحة" مع طائرة "ليون إير" الإندونيسية، وفقاً لتحليل بيانات الصندوقين الأسودين اللذين انتشلا من الحطام.
وكلا الطائرتين من طراز "بوينغ 737 ماكس 8"، وتحطمتا بعد دقائق من الإقلاع بعدما أبلغ الطيارون عن مشكلات في التحكم، في حين دفعت المخاوف بشأن سلامة الطائرة سلطات الطيران في أنحاء العالم إلى وقف تشغيل هذا الطراز مما قلص القيمة السوقية لشركة "بوينغ" العملاقة بمليارات الدولارات.
السعي لتحديد أسباب حادث "الإثيوبية"
ويسعى المحققون إلى تحديد سبب سقوط رحلة الخطوط الإثيوبية رقم 302 هذا الشهر بعد وقت قصير من إقلاعها من أديس أبابا، ويبحثون عن تشابه محتمل مع حادث طائرة "ليون إير" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
المتحدث باسم وزارة النقل الإثيوبية قال أمس، "إنه نفس الوضع مع (طائرة ليون إير) الإندونيسية. توجد حتى الآن أوجه شبه واضحة بين الحادثين"، مضيفاً في تصريح لرويترز أنه "تم تفريغ البيانات بنجاح. وقد صدق الفريق الأميركي وفريقنا (الإثيوبي) عليها". لكن في واشنطن، قال مسؤولون أميركيون لرويترز إن إدارة الطيران الاتحادية الأميركية، وهيئة سلامة النقل الوطنية لم تصدقا بعد على البيانات.
وقال مسؤول إنه عندما يعود المحققون إلى أديس أبابا بعد مراجعة بيانات الصندوق الأسود، ويبدأون في عملهم، ستساعد الهيئتان في التحقق من البيانات والتصديق عليها.
وفي باريس، ذكر مكتب تحقيق وتحليل سلامة الطيران المدني أنه تم بنجاح تفريغ بيانات مسجل أصوات قمرة القيادة، مضيفا أنه لم يستمع للتسجيلات وأنه نقل البيانات إلى المحققين الإثيوبيين.
وفي أديس أبابا، قال مصدر استمع إلى اتصالات المراقبة الجوية إن الطائرة سجلت سرعة كبيرة غير معتادة بعد الإقلاع قبل أن تبلغ عن مشكلات وتطلب الإذن للارتفاع سريعا.
التقرير الأولي خلال 30 يوماً
"وول ستريت جورنال" نقلت عن وزيرة النقل الإثيوبية أن تقريرا أوليا عن الحادث سيصدر خلال 30 يوما، فيما ذكرت صحيفة "سياتل تايمز" الأميركية، الأحد، أن بيانات تحليل السلامة الخاصة بنظام جديد للتحكم في طائرات "بوينغ 737 ماكس" أشار إلى عدة عيوب خطيرة.
وقالت الصحيفة مستشهدة بأقوال مهندسين حاليين وسابقين بإدارة الطيران الاتحادية الأميركية إن تحليل السلامة لنظام التحكم "إم كاس" (نظام زيادة خصائص المناورة) كشف عن ضعف في قدرات هذا النظام.
توسّع المقاطعة
في هذه الأثناء، تتسع دائرة مقاطعة طراز "بوينغ" المنكوب، حيث ذكرت وكالة الأنباء الرسمية في الأرجنتين أن السلطات أغلقت مؤقتا مجالها الجوي أمام رحلات الطائرات من طراز "بوينغ 737 ماكس" بعد إجراءات مشابهة اتخذتها دول أخرى في المنطقة إثر تحطم طائرتين من ذات الطراز.
ويوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للناقلة الوطنية الروسية "إيروفلوت"، فيتالي سافيليف، إن الشركة ستلغي طلبية لشراء 20 طائرة "بوينغ 737 ماكس" ما لم يكن بمقدور شركة صناعة الطائرات الأميركية أن تضمن سلامة الطائرة بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
سافيليف أكد أنه "إذا لم يكن هناك ضمان بنسبة 100% بأن الطائرة آمنة، فإن أحداً عندئذ لن يأخذها"، مضيفاً أن "التسليمات لن تبدأ قبل نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. فإما أن تحل بوينغ مشكلة السلامة في الطائرة بحلول ذلك الوقت أو أننا سنطلب شراء طائرة مختلفة".
وتزامن ذلك مع إعلان الرئيس التنفيذي لشركة طيران "أديل" السعودية، أن الشركة ستنتظر انتهاء التحقيقات في حادثي تحطم الطائرتين قبل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستمضي قدما في طلبية مُوقعة لشراء 30 طائرة الطراز المنكوب.