أكد صرافون وخبراء اقتصاد يمنيون أن الانهيار الذي يشهده سعر صرف العملة المحلية حاليا مقابل العملات الأجنبية قابل للاستمرار والزيادة رغم الوديعة السعودية في البنك المركزي في عدن.
وقررت السعودية في مارس/آذار الماضي، إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، بعد مطالبة الحكومة اليمنية بمساعدات مالية عاجلة لإنقاذ الريال من الانهيار ودعم الاقتصاد المتداعي.
واعتبر خبراء في الاقتصاد، أن الوديعة السعودية لن تكون أكثر من مجرد مسكن مؤقت لدعم استقرار العملة اليمنية المحلية، حيث ستذهب في معظمها للقطاع التجاري الخاص لتمويل استيراد السلع الأساسية.
فيما توقع مصرفيون، استمرار انخفاض سعر العملة اليمنية في الفترة المقبلة، نتيجة عودة آلاف العمال اليمنيين من السعودية، بالإضافة إلى احتياج التجار للعملة الصعبة في تغطية فاتورة السلع قبيل شهر عيد الأضحى الذي يشهد معدلات استهلاك عالية، ونتيجة سحب الحجاج للعملة السعودية من السوق.
وأوضح يوسف سعيد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، أن سعر الريال سيستمر في التراجع طالما ظل الطلب على الدولار مرتفعا وطالما استمرت المضاربة على العملة الصعبة.
وقال سعيد لـ “العربي الجديد" إنه من الطبيعي أن يتراجع الريال في غياب دور رقابي محكم للبنك المركزي؛ وطالما ظلت عوائد الدولة من النقد الخارجي على هذا النحو المتدني غير المسبوق وكمحصلة للحرب وما نتج عنها من اختلالات اقتصادية في جميع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية".
وهوى الريال اليمني إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار الأميركي، وقال متعاملون في صنعاء وعدن إن سعر الصرف ارتفع إلى 500 ريال مقابل الدولار، والى 133 ريالا مقابل السعودي، بعد أشهر من الاستقرار عقب تقديم السعودية وديعة نقدية للبنك المركزي اليمني بملياري دولار.
وقال صرافون في العاصمة صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن ( جنوبي البلاد) لـ" العربي الجديد" إن سعر الصرف ارتفع اليوم الاثنين الى 500 ريال للدولار من 490 ريالا خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، وإن الريال مرشح للتراجع أكثر في ظل زيادة الطلب على الدولار وقلة المعروض.
وأكد ماجد العمراني، صاحب محل صرافة في صنعاء، أن سعر الصرف استقر منذ مارس/أذار الماضي عند 485 ريالا للدولار، وبدأ في الارتفاع منذ مطلع يوليو/تموز الماضي الى 495 ريالا للدولار، قبل أن يقفز يوم الأحد خمسة ريالات الى 500 ريال للدولار.
وأشار العمراني، إلى أن سعر الصرف في صنعاء غير مستقر لكنه لن يتجاوز حاجز 500 ريال للدولار، لان سلطات الحوثيين تعتمد الحلول الأمنية وتستغل أي ارتفاع لتنفيذ مداهمات أمنية ضد الصرافين.
من جانبه أوضح علي الكريمي، مدير مصرف الكريمي التجاري لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع سعر الصرف في العاصمة المؤقتة عدن، حيث مقر الحكومة، يرجع الى شح العرض من الدولار، وتوفر الريال بكميات كبيرة من النقود الجديدة التي قامت الحكومة بطباعتها.
واستمر الريال اليمني في التراجع، بسبب الحرب المستمرة منذ قرابة اربعة أعوام، ونتيجة انقسام مؤسسات الدولة المالية بين عدن وصنعاء، بالإضافة لمحدودية تدفق موارد النقد الأجنبي إلى اليمن ونفاد الاحتياطيات الخارجية ثم انقسام السلطة النقدية.
وشهد سعر صرف الدولار في السوق الموازي تصاعداً ملحوظاً مرتفعاً من حوالي 215 ريال/دولار في مارس/أذار 2015 إلى 485 ريال/دولار في إبريل/نيسان 2018، بمعدل تغير تراكمي بلغ 125.6% وفقا لوزارة التخطيط اليمنية، فيما يبلغ السعر الرسمي للعملة الأميركية نحو 380 ريالا، منذ منتصف أغسطس/آب الماضي، بعد قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف.
وينعكس التهاوي المتسارع للريال في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية وتفاقم أزمات اليمنيين.
وكانت تغيرات سعر الصرف أكثر شدة بعد نفاد الاحتياطيات الخارجية ونقل عمليات البنك المركزي إلى عدن مرتفعاً بـ 61% بين سبتمبر/أيلول 2016 ومارس/أذار 2018 مقابل 41% بين مارس/أذار 2015 وسبتمبر/أيلول 2016.
ووفقا لوزارة التخطيط اليمنية، انخفضت قيمة الريال اليمني بنسبة 0.6% في إبريل/نيسان 2018 مقارنة بالشهر السابق، وفقد 126% من قيمته ما قبل الأزمة.
وأوضحت وزارة التخطيط، في تقرير حديث، أنه ورغم أهمية إيداع 2 مليار دولار مؤخراً لتهدئة تقلبات سعر الصرف، فإن استدامة الأثر الإيجابي لتلك الوديعة يتطلب حشد مزيد من دعم المانحين واستئناف الصادرات وتوحيد البنك المركزي اليمني.