وكان صندوق النقد الدولي قد خفض الشهر الماضي توقعاته، للمرة الثانية خلال أشهر، لوتيرة النمو العالمية التي باتت مقدّرة بنسبة 3,5% لهذا العام، بعد أن سجلت 3,7% في عام 2018. وخفّض الصندوق تقديره أيضاً للنمو لعام 2020 ليصبح 3,6%، أي بانخفاض 0،1 %.
وذكرت لاغارد ما وصفته بـ "الغيوم الأربع" التي تؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي محذرة من إمكانية مواجهة عاصفة محتملة.
ومن بين العوامل بحسب لاغارد التوترات التجارية والرسوم الجمركية والتشدد المالي، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين حول نتيجة "بريكست" وتباطؤ الاقتصاد الصيني. وأكدت أن المواجهات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بدأت بالتأثير على العالم.
وقالت لاغارد: "لا نملك أي فكرة كيف سيتطور الأمر. ما نعرفه هو أنه بدأ بالفعل التأثير على التجارة والثقة والأسواق". وفيما يتعلق بالتشدد المالي، أشارت المديرة العامة للصندوق أنه يأتي في وقت تراكمت فيه "ديون ثقيلة للغاية" على الدول والشركات والأسر. وحذرت لاغارد من أنه "عندما تتلبد السماء تكفي شرارة برق واحدة لبدء العاصفة".
وفي السياق، اتهم ديفيد مالباس، المرشح لرئاسة البنك الدولي، البنك، بالتبذير والفساد وبالسخاء المفرط مع الصين، وتمثل هذه الاتهامات صدى لقائمة من انتقادات للبنك داخل المجتمع الدولي منذ مدّة طويلة.
وإلا إذا حدثت مفاجأة كبرى، إذ إن البنك الدولي كان دائما تحت رئاسة أميركية، فإن مالباس المسؤول الكبير في وزارة الخزانة الأميركية الذي رشحه الرئيس دونالد ترامب، سيدير هذه المؤسسة التي تتمثل مهمتها في خفض الفقر في العالم عبر تمويل مشاريع تنمية.
واستنكرت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي هذا الخيار، معتبرةً أن اختيار ديفيد مالباس "قد يقوض مهمات المؤسسة". وعلّق الوزير السابق للأعمال العامة في ليبيريا غيد مور على ترشيح مالباس بالقول في تغريدة إن "مفتعل حرائق سيصبح رئيس جهاز الإطفاء".
ولا ينفي ذلك واقع أن بعض التعليقات اللاذعة التي قالها مالباس تتفق مع مواقف العديد من الناشطين الذين يحثون على إصلاح البنك الدولي الذي شهد فضائح، خصوصا فضائح فساد.
وفي عام 2015، أظهر تحقيق أجراه "الاتحاد الدولي لصحافيي الاستقصاء" لصحيفة هافنغتون بوست بالتعاون مع وسائل إعلام أخرى، أن البنك الدولي أخفق، خلال عشر سنوات، في تنفيذ التزاماته بعدم "إلحاق الضرر بالشعوب والبيئة"، ما أدى إلى نتائج خطيرة على بعض الشعوب الأكثر فقراً والأكثر هشاشةً على الكوكب.
وبناء على ذلك، تنقسم الآراء بشأن ما إذا كان ديفيد مالباس الشخص "المناسب" لهذا المنصب كما يرى ترامب.
ويرى مدير مؤسسة "إنكلوسيف دفلوبمانت إنترناشونال" ديفيد بريد أنه "على الرغم من أن بعض الانتقادات التي أطلقها ديفيد مالباس صحيحة، لكن هذا الشخص الذي كان مديراً سابقاً لمؤسسة اقتصادية (مصرف بير سترينز) تسبب تهورها بتدمير الاقتصاد العالمي عام 2008، هو آخر من يمكن الاعتماد عليه لجعل البنك الدولي أكثر تحملاً للمسؤولية".
من جهته، حذر الوزير الليبيري السابق غيد مور من معارضة مالباس للصين، مشدداً على أن الفوائد المدفوعة من قبل العملاق الآسيوي تتيح تمويل المساعدات للبلدان ذات الدخل المنخفض والكثير منها في أفريقيا.
وقال مور لوكالة "فرانس برس": "لم يقدّم (مالباس) أبداً أي بديل للطريقة التي سيزيد بها البنك احتياطاته" المالية، متسائلاً "كيف يمكن لشخص مناهض بشكل جوهري لطريقة عمل البنك أن يكون رئيساً له. هذا أمر مثير للقلق".
ولم يردّ البنك الدولي أبداً على الانتقادات التي وجهها له ديفيد مالباس أمام الكونغرس عام 2017، لكنه ركز على واقع أن الفقر المدقع قد انخفض بشكل ملحوظ من 36% عام 1990 إلى 10% عام 2015.
من جهته، دافع مالباس يوم الأربعاء عن نفسه، مذكراً أنه فيما وصم في الماضي "بعدم كفاءة" مؤسسات مثل البنك الدولي، إلا أن أن تلك المؤسسات اعتمدت منذ ذلك الحين إصلاحات تؤمن سيرها في الاتجاه الصحيح.
وشدد على أن المؤسسة قد تقبلت فكرة "إعادة تصنيف" الصين والقوى الكبرى الأخرى، بهدف تقليص قروضها أو تغيير معدلات الفائدة.
وفتح البنك الدولي رسمياً باب الترشح يوم الخميس. وأمام الساعين للمنصب حتى 14 آذار/مارس لتقديم ترشحاتهم. غير أن الخبراء يعتبرون أن النتيجة معروفة سلفاً، فمنصب رئاسة البنك الدولي يمنح دائماً لأميركي، كجزء من آلية تقاسم ضمني للأدوار يمنح رئاسة صندوق النقد الدولي الذي مقره واشنطن أيضاً لأوروبي.
(فرانس برس، رويترز)