فقد الشاب الفلسطيني نضال كحيل، الذي يعمل في أحد المطاعم بمدينة غزة مصدر دخله اليومي، جراء إغلاق صالات المطاعم، ضمن خطة الطوارئ المفروضة منذ أكثر من أسبوعين من قبل الجهات الحكومية في القطاع، لمواجهة انتشار فيروس كورونا الجديد.
وتوقف أكثر من خمسة آلاف موظف وعامل في قطاع المطاعم والفنادق عن العمل كلياً، بينما تعمل هذه الشريحة بنظام أجر يومي، الأمر الذي انعكس سلباً على أوضاعهم المعيشية، لا سيما أنّ شريحة واسعة منهم تعيل أسرها، في حين يشهد القطاع بالأساس تردياً اقتصاديا مع استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد للعام الرابع عشر على التوالي.
وأصابت حالة الشلل مختلف القطاعات الاقتصادية في القطاع، لتتصاعد نداءات العاملين بنظام الأجر اليومي بتوفير بدائل لهم في ظل عدم وجود يقين حول انتهاء أضرار كورونا في أجل قريب.
ويقول كحيل لـ "العربي الجديد" إن العاملين في المطاعم يعتبرون من الفئات الأكثر تضرراً جراء توقفهم عن العمل منذ أسابيع دون إيجاد مساعدات مالية لهم أو توفير بدائل من قبل الجهات الحكومية في غزة أو السلطة الفلسطينية.
ويضيف: "فقدنا قوت يومنا ولا يوجد أي تدخل عملي حتى اللحظة من قبل الجهات الحكومية في غزة أو الضفة، باستثناء نظام حصر أعلنت عنه وزارة العمل وطلبت البيانات من مختلف العمال الذين تضرروا جراء التوقف عن العمل".
ويطالب العاملون بأجر يومي في القطاع بأن تقوم الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بتوفير مساهمة مالية لهم كتعويض لهم عن جلوسهم في منازلهم جراء حالة الطوارئ المتبعة لمواجهة انتشار كورونا.
ويعمق الوباء من أزمات القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة في القطاع المحاصر. ويقول صلاح أبو حصيرة، رئيس الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق والخدمات السياحية في غزة، إن نحو 5 آلاف عامل يعملون في قطاع المطاعم والفنادق تضرروا جراء أزمة فيروس كورونا وحالة الشلل التي عصفت بالمنشآت التي كانوا يعملون بها.
ويضيف أبو حصيرة لـ "العربي الجديد" أن الأزمة الحالية تراكم الأعباء المالية على أصحاب المشاريع، حيث يخشى الكثيرون من استمرار توقف الأعمال لفترات أطول، ما يعرض نشاطهم للانهيار وعدم القدرة على سداد الديون والمستحقات.
وارتفعت معدلات البطالة في القطاع بشكل عام إلى أكثر من 54 في المائة، بينما تصل في صفوف الشباب إلى 68 في المائة، في حين يعتمد أكثر من 80 في المائة من السكان على المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية والمانحة.
ولا يخفي أبو حصيرة وجود محاولات تبذل حالياً من قبل الهيئة لتوفير مساعدات إغاثية عاجلة للعاملين في قطاع الفنادق والمطاعم، إلى جانب العمل مع الجهات الحكومية لمحاولة صرف تعويضات مالية لهم.
وتقدر خسائر القطاع السياحي والفنادق بملايين الدولارات سنوياً، في وقت كان الناتج القومي لهذا القطاع يشكل نحو 4 في المائة. يأتي ذلك كله في وقتٍ حرمت العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية في إبريل/ نيسان 2017 قطاع غزة من نحو 100 مليون دولار أميركي شهرياً كانت تشكّل المصدر الرئيسي للحركة التجارية في أعقاب تقليص نسبة الرواتب وإحالة عدد كبير من الموظفين للتقاعد الإجباري المبكر وقطع رواتب آخرين.
وأسهمت حالة الشلل التي يعيشها القطاع حالياً في انخفاض السيولة النقدية المتوفرة في أيدي السكان، وسط خشية من أن تطول الفترة الزمنية لهذه الأزمة. ووفق جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار (غير حكومية)، فإن الخسائر الاقتصادية للقطاع خلال مارس/ آذار الماضي، جراء أزمة كورونا واستمرار الحصار الإسرائيلي بلغت نحو 200 مليون دولار.
وقال الخضري في بيان، يوم الجمعة الماضي، إن هذه الخسائر مباشرة وغير مباشرة، وتشمل كافة القطاعات الاقتصادية، الصناعية والتجارية والمقاولات والفندقة والسياحة وغيرها، مشيراً إلى تسبب الأزمة في ندرة في السيولة النقدية، ومؤكداً أن "هذا الوضع رفع معدلات البطالة والفقر، خاصة أن سنوات الحصار الماضية لم تدع للسكان ما يدخرونه لهذه الأوقات الصعبة".
وفي تصريحات سابقة قال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار إن معدل دخل الفرد اليومي في غزة يبلغ دولارين، فيما 85 في المائة يعيشون تحت خط الفقر، و70 في المائة من الأسر مهددة بانعدام الأمن الغذائي.