يبحث تجار تونسيون يشتغلون على الخط الصيني عن أسواق بديلة لضمان استمرارية نشاطاتهم بعد قرار بوقف رحلاتهم نحو هذا البلد خوفا من فيروس كورونا، وسط توقعات بانكماش نشاط السوق الموازية التي تتغذى أساسا من السلع ذات المنشأ الصيني.
ويشغل تفشي كورونا في الصين وما سببه من عزل تام لعدة محافظات، متعاملين اقتصاديين في تونس لهم معاملات تجارية مهمة مع الصين تتعلّق أساسا بتصدير مواد زراعية لبكين، مقابل استيراد سلع متنوعة تدخل للسوق التونسية عبر البوابات الرسمية أو غير الرسمية.
وقال جلال الشعابي، وهو تاجر جملة لتجهيزات ومواد منزلية، إن تجارته مهددة وهو بصدد البحث عن سوق بديلة لاستيراد السلع التي يعتمد عليها متجره.
وأفاد الشعباني في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه يتردد باستمرار على محافظة "كوانزو" الصينية لزيارة المعارض التجارية وعقد صفقات لتوريد مفروشات وأجهزة منزلية يتم شحنها نحو تونس عبر الشركات المتخصصة، مشيرا إلى أنه ألغى كل سفرياته المبرمجة في الفترة القادمة خوفا من فيروس كورونا.
وأضاف المتحدث أنه يختار التريث في الوقت الحالي والبحث عن أسواق بديلة لتوريد السلع، مؤكدا أن الخوف من "كورونا سيقلّص على المدى القريب تدفق السلع الصينية نحو أسواق تونس، وقد يخلق أزمة بطالة لدى العاملين في السوق الموازية سيتضرر منها صغار التجار، وفق قوله.
وتعد المنتجات الصينيّة من أهمّ السلع التّي تتسرّب من المنافذ البريّة والبحريّة التونسيّة، ممّا يكبّد الدولة سنويّا خسائر جمركيّة ضخمة.
والصين تعتبر المساهم الأكبر في العجز التجاري الإجمالي لتونس، وذلك بنحو 1.8 مليار دولار (سنة 2018)، من إجمالي العجز الإجمالي للتجارة الخارجية التونسية، الذي تقدر قيمته بـ6.6 مليارات دولار.
في المقابل، لا يتعدى الاستثمار الصيني المباشر في تونس 6 ملايين دولار ولا تنشط في تونس سوى 11 مؤسسة صينية فقط.
ومن شهر لأخر يزداد العجز التجاري مع الصين توسعا حيث بلغ هذا العجز في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 1.8 مليار دولار، مقابل 1.3 مليار دولار في شهر أغسطس/ آب 2019.
ورجّح الخبير في استراتيجيات الاستثمار، صادق جبنون، أن يضعف الحضور الجوّي وإلغاء الرحلات نحو الصين المبادلات التجارية بين البلدين، مؤكدا أن هذا التراجع سيمسّ أساسا السلع الموجهة نحو السوق الموازية.
ومقابل تراجع المبادلات التجارية مع الصين، أكد جبنون في تصريح لـ"العربي الجديد" على ضرورة استفادة الصناعات الصيدلية وشبه الصيدلية من أزمة كورونا التي تضرب محافظات صينية عبر عقد صفقات للمساهمة في كفاية حاجيات هذا البلد من المواد شبه الطبية والأمصال والكمامات.
وتوقّع الخبير أن يكون تأثير الأزمة على الاستثمارات الصينية في تونس محدودا، مؤكدا أن الحظر الجوي قد يساهم في تأخر توريد بعض المواد الأساسية الموجهة لمشاريع استثمارية، غير أنه لن يؤثر على استثمار بكين في تونس والتي تظل ضعيفة للغاية، بحسب قوله.
وفيما يخص السوق السياحية توقع جبنون أن تتراجع أعداد السياح الصينيين بفعل الحظر وإلغاء الرحلات الجوية ورفع درجة التأهب الصحي في كافة المطارات والموانئ، مشيرا إلى أن هذا التراجع لن يؤثر على القطاع السياحي عموما رغم حاجته لسوق مهمة وذات قدرة إنفاقية عالية، وفق تأكيده.
وبلغ عدد السياح الصينيين الذين زاروا تونس عام 2019 وفق بيانات رسمية لوزارة السياحة 29974 سائحا كما سجلت السوق تطورا 7.3 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام قبل الماضي.
وعلى الرغم من استفادة الصين من النهم الاستهلاكيّ في السوق التونسيّة لتطوّر صادراتها إلى البلاد بنسبة 100% خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ الجانب التونسيّ، لم يستطع توسيع حضوره في السوق الصينيّة.