غدا الاثنين، يجتمع بالعاصمة الجزائرية، ولمدة 3 أيام، كبار منتجي النفط في العالم، سواء من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تنتج ثلث الإنتاج العالمي أو من خارجها، وحتى مساء اليوم، تراهن دول كبرى منتجة للنفط على نجاح الاجتماع في التوصل لاتفاق يتم من خلاله إعادة التعافي لأسعار الخام المنهارة منذ منتصف عام 2014، عبر تثبيت الإنتاج وتجميده عند مستويات محددة.
لكن الإشارات الصادرة من دول عدة غير مشجعة على الإطلاق حتى الآن، وهو ما يفسر هبوط أسعار النفط 4% مرة واحدة، يوم الجمعة، وخروج تصريحات متشائمة من بعض الدول المنتجة.
اجتماع الجزائر سبقه حرص كبير من كبار المنتجين على إنجاحه باستثناء بعض الدول التي تعاند دولا أخرى من مبدأ المكايدة السياسية وتتعامل مع الأمر على أنه ملف سياسي وليس اقتصاديا (حالة إيران والسعودية مثلاً).
ولذا رأينا في الأيام الماضية تحركات مكوكية لإنجاح اجتماع الجزائر قادتها الدول التي تأثرت اقتصادياتها سلباً وبشدة بتهاوي أسعار النفط، وتريد هذه الدول أن تضع نهاية لهذه المشكلة التي تضع حكوماتها في صدام مع الرأي العام بسبب سياسات التقشف وترشيد الإنفاق وخفض دعم الوقود والسلع الأساسية الناجمة عن تراجع إيرادات النفط.
ولذا رأينا لقاءات بالعاصمة النمساوية فيينا تجمع بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران، وبين السعودية وروسيا، وفنزويلا وإيران، والإكوادور وإيران، والجزائر وإيران، كما شهدت عواصم عالمية اجتماعات أخرى شاركت فيها دول منتجة للنفط مثل نيجيريا والعراق.
كما رأينا مبادرات جادة لتسوية الأمر، منها مثلا ما عرضته السعودية من خفض إنتاجها النفطي بكميات تصل إلى نحو نصف مليون برميل يوميا مقابل التزام إيران بتجميد إنتاجها عند السقف الحالي وهو 3.6 ملايين برميل يومياً.
إذن الجميع متفق على هدف واحد هو ضرورة تعافي أسعار النفط المنهارة التي أضرت باقتصاديات دول كبرى، مثل روسيا والسعودية وفنزويلا، وهم أكبر ثلاثة منتجين للنفط، وباتت اقتصادياتهم تنزف بشدة وتعاني تراجعاً حاداً في مواردها من النقد الأجنبي بسبب تهاوي أسعار النفط منذ منتصف عام 2014.
وسواء اتفق كبار المنتجين في الجزائر حول تثبيت الإنتاج أم واصلوا الخلاف، فإن هدف عودة تعافي أسعار النفط مرة أخرى تواجهه مشاكل أخرى أبرزها إصرار بعض الدول، ومنها العراق وإيران، على زيادة إنتاجها النفطي، وبالتالي زيادة المعروض من النفط في الأسواق الدولية، وهناك الركود الذي أصاب أكبر اقتصاد مستهلك للنفط في العالم وهو الاقتصاد الصيني.
وهناك مخاطر مستقبلية أخرى، منها توقعات بزيادة إنتاج بعض الدول في حال حدوث استقرار سياسي وأمني فيها، ليبيا مثلا، تنتج حالياً نحو 250 ألف برميل يوميا مقابل 1.5 مليون برميل يوميا في العام 2010.
أهمية اجتماع الجزائر لا تكمن فقط في فرص نجاحه في تثبيت الإنتاج من عدمه، ولكن في تحديد مصير منظمة "أوبك" بالكامل، فإما أن تثبت المنظمة قدرتها على حسم هذا الملف المتأزم منذ أكثر من عامين، وإما تتجه إلى زوال تدريجي، وهنا يجب أن يبحث المنتجون عن آلية جديدة لتنظيم سوق النفط والغاز العالمي بعيدا عن منظمة أوبك التي ربما لا يتبقى منها سوى مقر.