يستمع البرلمان التونسي، اليوم (الإثنين)، في أول جلسة رسمية للتحقيق في فضيحة "أوراق بنما"، إلى محافظ البنك المركزي، الشاذلي العياري، وسط قلق قضائي من تداخل المهام واتهامات للبرلمان بالتدخل في السلطة القضائية.
وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس، سفيان السليطي، إن قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي المالي وجه خطابا إلى مجلس النواب، أكد فيه أن القضاء هو الجهة الوحيدة المعنية بالتحقيق فيما يُعرف بأوراق بنما، مبينا أن لجنة التحقيق البرلمانية المحدثة والتي تحقق في هذه الوثائق تعد "قضاء موازيا".
وأوضح، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء "وات"، مساء أول من أمس، أن النيابة العمومية بادرت بفتح تحقيق قضائي منذ 12 أبريل/نيسان، من تلقاء نفسها وبدون ضغوطات، وأن قاضى التحقيق المتعهد بالقضية أصدر العديد من الإنابات العدلية، واستمع إلى عدة أطراف، من بينها صاحب الموقع الإلكتروني "انكيفادا"، وهو موقع تونسي اختص بنشر الأوراق التي تعني بشخصيات تونسية في قضية بنما.
وقال السليطي، إن التحقيقات الموازية - في إشارة إلى لجنة التحقيق البرلمانية- تعد "خرقا دستوريا صريحا وتدخلا في السلطة القضائية".
ويأتي الخلاف البرلماني القضائي حول التحقيق في أوراق بنما، في ظل مشهد سياسي متعثر بسبب الخلاف حول مبادرة رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، الذي أعلن عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وإسقاط حكومة الحبيب الصيد الموسومة بالفشل، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى التشبث بمنصبه والدعوة إلى الاحتكام للبرلمان طبقا للدستور.
وواجه البرلمان منذ إعلانه، في أبريل/نيسان الماضي، عن تشكيل لجنة تحقيق في أوراق بنما، انتقادات عديدة من جمعيات مدنية ذهبت إلى حد اتهامه بالتدخل في شؤون القضاء ومحاولة توجيه الرأي العام إلى تحقيقات قد تنحاز إلى أطراف متورطة في التهرب الضريبي.
ويضم البرلمان التونسي ضمن أعضائه ما يزيد عن 71 رجل أعمال يملكون أكبر المجموعات الاقتصادية في البلاد، وهو ما ضاعف المخاوف من ممارسة هؤلاء الأعضاء الضغط على لجنة التحقيق، خدمة لمصالح الأطراف المورطة.
ويصر رئيس هيئة التحقيق البرلمانية، أحمد السعيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على عدم تعارض أعمال لجنته مع التحقيقات القضائية، مشددا على أن لجان التحقيق البرلمانية معمول بها في جميع برلمانات العالم، ولا تتعارض مهامها مع سير أعمال القضاء.
ويرى السعيدي، أن المخاوف من وقوع اللجنة تحت تأثير رجال أعمال من داخل البرلمان أو خارجه لا مبرر له، مشيرا إلى أن البرلمان لا يبرئ ولا يدين، وسيرفع نتائج أعماله إلى الجلسة العامة والقضاء للاستفادة بها.
وكشفت الخريطة التفاعلية للوثائق المسربة من مكتب المحاماة "موساك فونسيكا" في بنما، والتي شملت أغلب بلدان العالم، وجود 4 شركات تونسية و3 عملاء و5 مستفيدين و25 مساهماً تونسياً، في شركات أوفشور مختلفة.