طالبت شبكة تمثل حوالي ألف جمعية أهلية في المغرب، الحكومة، بتخفيف الضغط الجبائي (الضريبي) عنها، بالتزامن مع شروع الرباط في بلورة الموازنة العامة لسنة 2019.
وأطلقت الجمعيات الأهلية، في الآونة الأخيرة، حملة للدفاع عن مقترحاتها داخل البرلمان، الذي ينتظر أن يصوت على مشروع الموازنة قبل حلول يناير/كانون الثاني المقبل، علما أن هذه الجمعيات تمثل نحو نصف مليون متطوع و40 ألف أجير (عامل).
ويعتبر النظام الجبائي أحد العوامل التي تكبح عمل الجمعيات في المغرب، حيث تخضع للنظام الذي يسري على الشركات، من دون أن تحظى، في بعض الحالات، بالامتيازات التي تستفيد منها تلك الشركات.
ويتمثل أول مطالب تلك الجمعيات، في التشديد على ضرورة التمييز بينها وبين الشركات على مستوى الجباية، بما يراعي البعد الاجتماعي للجمعيات التي لا ترمي إلى تحقيق الربح.
وتقترح الجمعيات إدخال تعديل على الضريبة على الدخل يقضي بـ"إعفاء العاملين في الجمعيات من الضريبة على الدخل بنسبة 50% من مجموع الأجور والتعويضات، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها".
وتوصي الجمعيات أيضا "بإعفاء المتطوعين المتعاقدين مع المؤسسات العامة، وكذلك الجمعيات، من الضريبة على الدخل". كما تطالب بإعفاء أنشطة الجمعيات من الضريبة على القيمة المضافة، أسوة بالمعاملة التي خص بها المشرّع الفيدراليات الرياضية.
وكانت تلك الجمعيات انتهت من وضع مقترحاتها ذات الطبيعة الجبائية والمالية، في شهر أغسطس/آب الماضي، بعد عام من المشاورات، قبل أن ترفعها إلى الحكومة.
ورفعت الجمعيات لائحة مطالبها، قبل عرض مشروع الموازنة على البرلمان، إلى رئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، مصطفى الخلفي.
ويعتبر المحاسب طارق بنعلال، أن الضغط الجبائي الذي تخضع له الجمعيات، خاصة غير الهادفة إلى الربح، يجعلها لا تعمد إلى توظيف عناصر ذات مؤهلات كبيرة، كما أن ذلك لا يساعد على مساهمتها في التشغيل.
ويشدد على أن أولى الخطوات التي يفترض في المشرّع الإقدام عليها، عدم المساواة بين الجمعيات وبين الشركات جبائيا، على اعتبار أن أهداف كل منهما متباينة، حيث يجب أن يكون الفيصل هو مدى السعي إلى تحقيق أرباح.
وتأتي مطالب الإعفاء من الضرائب، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى مواجهة ارتفاع المطالب ذات الصبغة الاجتماعية، ما يدفعها، وفق محللين، إلى البحث عن إيرادات لتغذية رصيد صندوق التماسك الاجتماعي (التضامن الاجتماعي). ويتولى الصندوق تمويل عدة برامج اجتماعية، منها الدعم المباشر للنساء الأرامل ودعم الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة.
وتواجه الحكومة المغربية ضغوطا متزايدة، نتيجة اتساع الفوارق الاجتماعية، بينما لا تسمح موارد الموازنة العامة بالتصدي بشكل فعال للمشكلة الحالية، ما دعاها إلى البحث عن وسائل جديدة لمعالجة تلك الفوارق، التي حذرت تقارير دولية ومحلية من تداعياتها.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي قد ذكر في تقريره السنوي الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الحركات الاجتماعية (الاحتجاجات) التي نشطت في الفترة الأخيرة، تبرز أن الفقر وبطالة الشباب والفوارق أضحت غير مقبولة من قبل الشباب.
وأوصى المجلس، وهو مؤسسة استشارية مغربية مستقلة، بمحاربة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، عبر تدعيم العدالة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد. ووفق استطلاع للرأي أجرته أخيرا المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، فإن 64% من المغاربة أكدوا تزايد الفوارق في المغرب، مقابل 7.8% يرون أن الفوارق تراجعت.
وتعتزم الحكومة، إلزام الشركات الكبيرة بضريبة يوجه عائدها إلى صندوق التماسك الاجتماعي، وهو ما كان مطبقا في فترات سابقة، غير أنه تم التخلي عن هذه الفكرة قبل نحو 4 سنوات.
ويسن مشروع موازنة العام المقبل، هذه المساهمة في حدود 2% على الشركات التي تحقق أرباحا خاضعة للضريبة تتجاوز قيمتها 5 ملايين دولار.
ومن المنتظر أن يطاول التدبير الجديد، وفق مصادر مطلعة في تصريحات لـ"العربي الجديد" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حوالي 267 شركة من الشركات التي تصرح بأرباحها في المغرب، بينما تعمل في المملكة أكثر من 236 ألف شركة، وفق بيانات الإدارة الجبائية.