يأتي الأردن ضمن قائمة أكثر الدول تضرراً من الاضطرابات الأمنية والحروب، التي اندلعت في المنطقة، ولا سيما في سورية والعراق، حيث زادت تبعات البلاد المالية، وتدهورت صادراتها، وزاد إنفاقها العسكري على حساب التنمية بعد دخولها طرفاً في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، مما كبّد الاقتصاد خسائر باهظة.
ويقدّر الأردن خسائره بسبب الأزمة السورية فقط منذ اندلاع ثورتها عام 2011 بحوالى 7.9 مليارات دولار بحسب وزير التخطيط الأردني، عماد فاخوري، عدا الأضرار الأخرى التي لحقت بالاقتصاد كانخفاض الصادرات وارتفاع معدل البطالة والضغوطات الكبيرة على البنى التحتية.
وحسب خبراء، فإن عملية التنمية الشاملة والمستدامة في الأردن، تباطأت بشكل كبير بسبب الاضطربات، وتراجعت مستويات المعيشة، كما تشهد البلاد أزمة في موارد المياه والصحة والتعليم، في نفس الوقت الذي زادت فيه ميزانية الأمن بنسبة كبيرة، لتعزيز الاستقرار وحماية الحدود.
وكان رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأردني، عبدالله النسور، قد أكد مؤخراً وخلال مناقشات مجلس النواب لموازنة وزارة الدفاع أن احتياجات الدفاع في الأردن أكبر بكثير من المقدر في الموازنة، وخاصة في هذا الوقت الذي ينطوي على تحديات كبيرة.
وتبلغ موازنة وزارة الدفاع الأردنية، حسب تقديرات موازنة عام 2015، حوالى 1.4 مليار دولار، فيما قال مدير التخطيط في القوات المسلحة، اللواء نائل الرقاد، في وقت سابق، إنه تم رفع مشروع موازنة الوزارة إلى حوالى 2.5 مليارَي دولار.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، لـ"العربي الجديد"، إن الأردن دخل في اقتصاد الحرب من حيث ارتفاع متطلبات الإنفاق العسكري والتعزيزات ورفع الجاهزية والقدرات الأمنية، وذلك كله على حساب التنمية الشاملة والإنفاق على المشاريع ذات الأولوية، وحتى مستويات المعيشة تراجعت بشكل واضح، كما أن هناك ضغوطاً كبيرة على الموارد، وخاصة المياه والصحة والتعليم، وغيرها.
وقدّر أبو نوار ارتفاع موازنة الدفاع في بلاده بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40%، مشيراً إلى أن هناك متطلبات باستمرار للإنفاق على شراء الطيارات بدون طيار، وتحديث الطائرات الحربية وصيانتها، وشراء الذخائر والقنابل الذكية، وغيرها، وبكلفة تصل إلى 1.4 مليار دولار، وهذا بالطبع من حصة الإنفاق التنموي.
وأكد أن الأردن يستنزف أمواله وإيراداته وبنيته التحتية بسبب الاضرابات في الدول المجاورة. وقال الخبير الاقتصادي، ثابت الور، لـ"العربي الجديد"، إن الأموال التي تصرف على المجالات العسكرية والأمنية، منذ اندلاع الاضطرابات في الدول العربية، كان يمكن أن تذهب للأغراض التنموية وتحسين البنى التحتية والمساهمة في رفع مستويات المعيشة وزيادة الأجور.
وأضاف أن الأوضاع في المنطقة فرضت على الأردن مناخاً طارئاً وأصبح مضطرا لزيادة الإنفاق العسكري والأمني لمواجهتها على أكمل وجه. وأكد أن المستثمرين أجلوا تنفيذ مشاريع مهمة في الأردن، موضحاً أن الشباب يعانون أيضا بسبب ارتفاع أجور المساكن وفي ذلك مشكلة اجتماعية أيضا.
ومنذ أكثر من 5 سنوات لم تقم الحكومة بزيادة الرواتب والأجور، في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات التضخم ووصلت في بعض السنوات إلى 5%. رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، عمر أبو وشاح، قال لـ"العربي الجديد"، إن بلاده فقدت أسواقا تصديرية مهمة، وارتفعت كلف التصدير بسبب الأزمات والحروب في كل من العراق وسورية واليمن وليبيا.
وأوضح أن الاضطرابات ستؤثر على احتياطيات البلاد من العملة الصعبة، التي تتجاوز حاليا 14 مليار دولار، كما يتوقع تفاقم العجز التجاري. وأظهرت البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، انخفاض صادرات الأردن للربع الأول من هذا العام بنسبة 13.35 بسبب الاضطرابات في المنطقة.
وقدر رئيس نقابة الشاحنات الأردنية، محمد خير الداوود، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، خسائر قطاع الشاحنات الأردني بسبب الاضطرابات بحوالى 740 مليون دولار.
ولتوفير المتطلبات التمويلية للموازنة لهذا العام، أصدر الأردن سندات دولية بكفالة أميركية بقيمة 1.5 مليار دولار ويعتزم طرح صكوك إسلامية قبل نهاية العام الحالي، وكذلك الاستدانة من عدة دول ومؤسسات تمويل دولية.
اقرأ أيضا: الأمن الأردني: تكاليف مضاعفة بعد الكساسبة