أنهى يوسف الحمداني (54 عاماً) وزوجته وابنه حمزة حفر ملجأ صغير يتّسع لثلاثة أشخاص فقط. برأيه، قد يحميهم هذا الملجأ من الموت من دون أن يكون أكيداً. يضيف لـ "العربي الجديد": "هكذا فعل معظم الجيران. حفروا خنادق. وبمجرّد أن يبدأ القصف، يهرعون إليها". مع ذلك، يرى أن هذا الإجراء ليس كافياً، لافتاً إلى أن الجيران يطلعون بعضهم بعضاً على أماكن الحفر أو الخنادق تحسّباً لقصف منازلهم. هكذا، سيعرف الآخرون أين يمكنهم البحث عن جيرانهم في حال فقدوا.
وضع أبو حسن، جار الحمداني، أكياساً من الرمل على سطح منزله. كذلك، وضع بدل الزجاج ورقاً مقوى، وحفر ملجأ كبيراً. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ هذه الإجراءات لن تحميه وعائلته من الموت "لكن على الأقل، يجب أن نقنع أنفسنا بأننا نقوم بدورنا ونحمي عائلاتنا. هذا أضعف الإيمان". أما زوجته، فتدرك أن الكهرباء ستنقطع، ولن يكون هناك إلا الصواريخ.
تقول لـ "العربي الجديد" إنها عاشت كثيراً ولم تعد ترغب في حياة أطول "لأنها لن تكون أفضل في المستقبل". مع ذلك، تفكّر في أولادها الذين يستحقّون أن يفرحوا ويضحكوا ويستمتعوا بالحياة بعيداً عن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والمليشيات، والقهر.
ومع تواصل الضربات الجويّة والبريّة منذ انطلاق معركة تحرير مدينة الموصل (شمال العراق)، فجر أول من أمس، يعيش سكان الموصل وضعاً إنسانياً صعباً ينذر بكارثة. وعلمت "العربي الجديد" أن مستشفيات الموصل لا تتوقّف عن استقبال الجرحى، في وقت بدأ فيه أهالي الضحايا يدفنون موتاهم في الساحات العامة إلى حين انتهاء المعركة.
وبطبيعة الحال، يمكن القول إن الحياة في الموصل شبه متوقفة، وقد اختبأ معظم الناس في الملاجئ، وبدأوا الاقتصاد والتقنين في غذائهم بعد إغلاق الأسواق والمحال التجارية.
ويناشد مواطنون الحكومة العراقية إيجاد منافذ لتأمين خروجهم، مؤكدين أن الرعب بات يسيطر على أطفالهم ونسائهم جرّاء القصف العنيف. ويقول الشيخ القبلي، عبد الحميد النعيمي، لـ "العربي الجديد"، إن "أهالي الموصل عمدوا إلى تخزين بعض المواد الغذائية والطبية قبل بدء المعركة"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن ما خزّن بالكاد يكفي لأيام قليلة. وبالإضافة إلى مشكلة الغذاء، يلفت إلى أن "المستشفيات باتت خارج الخدمة، بعدما دمر بعضها قبل انطلاق المعركة، عدا عن خلوّها من المواد الطبية". ويشير إلى ضرورة اتخاذ الحكومة العراقية تدابير مناسبة تكفل ضمان حياة المدنيين، موضحاً أن ذلك يكون من خلال تأمين طريق بري لخروج العائلات، في ظل وجود عدد كبير من النساء والأطفال. يضيف أنه على الحكومة العراقية وقوات التحالف والمنظمات الدولية "وضع ذلك في الحسبان".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول حسن العبيدي إن عناصر "داعش" أجروا تحركات عدة في عدد من أحياء المدينة، وكانوا ينقلون صواريخ وأسلحة، من دون استخدامها. يضيف لـ "العربي الجديد" أنهم طالبوا السكان بمغادرة منازلهم، وعدم الهرب من المدينة، مهددين المخالفين بالقتل. يتابع: "حذّرونا من التعاون مع القوات العراقية، أو إعطائهم معلومات بطريقة أو بأخرى".
في هذا الإطار، يؤكّد عددٌ من الناشطين سقوط أكثر من 30 قتيلاً وجريحاً منذ مساء أول من أمس، جرّاء القصف الجوي الذي طاول أحياء في وسط الموصل.
إلى ذلك، يقول الناشط الحقوقي حازم الجبوري، لـ "العربي الجديد"، إنه لا يمكن إجراء إحصاء دقيق للضحايا بعد "فالقصف مستمر والمعركة ما زالت في بدايتها. علمنا أن بعض المصابين يعالجون في البيوت، ما يمنع تحديد أعداد الإصابات". يضيف "إنّنا نخشى قصف مخازن كيميائية تابعة لداعش، علماً بأن الأهالي يقولون إنه اتخذ من منازل وسط الأحياء السكنية مخازن لأسلحته ومواقع لمقاتليه سعياً للاحتماء بالمدنيين". ويخشى تسمّم بعض الأهالي جرّاء استنشاقهم المواد الكيميائية.
ويلفت إلى أن طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية سبق أن قصفت مخازن الأسلحة الكيميائية، قبل نحو شهر، وتعرض مواطنون لحالات تسمم، لكنّهم عولجوا في المستشفيات، لافتاً إلى أنها لم تكن كما هي عليه اليوم.
وكانت منظّمة "أوكسفام" الدولية للإغاثة قد حذّرت من أزمة إنسانية مع بدء معركة الموصل، لافتة إلى أن مئات آلاف المدنيّين تعرضّوا لخطر الوقوع في براثن الاشتباكات المسلحة خلال المعركة.
وطالب مدير المنظمة في العراق، أندريس غونزاليس، الحكومة والأطراف الأخرى المشاركة في القتال بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وحماية المناطق المدنية والبنية التحتية، محذّراً من أزمة إنسانية محتملة في ثاني أكبر المدن العراقية. وأضاف: "ينتظر الأسرَ الهاربة من العنف والقتل مستقبلٌ مجهول في العراء أو في المخيمات المكتظة". وتابع أن العائلات تواجه خيارات صعبة للغاية. فإما أن تبقى في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش لتكون عرضة للعنف ونقص في المواد الغذائية، أو تهرب من الاقتتال وسط مخاطر العبوات الناسفة والرصاص".
اقــرأ أيضاً
وضع أبو حسن، جار الحمداني، أكياساً من الرمل على سطح منزله. كذلك، وضع بدل الزجاج ورقاً مقوى، وحفر ملجأ كبيراً. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ هذه الإجراءات لن تحميه وعائلته من الموت "لكن على الأقل، يجب أن نقنع أنفسنا بأننا نقوم بدورنا ونحمي عائلاتنا. هذا أضعف الإيمان". أما زوجته، فتدرك أن الكهرباء ستنقطع، ولن يكون هناك إلا الصواريخ.
تقول لـ "العربي الجديد" إنها عاشت كثيراً ولم تعد ترغب في حياة أطول "لأنها لن تكون أفضل في المستقبل". مع ذلك، تفكّر في أولادها الذين يستحقّون أن يفرحوا ويضحكوا ويستمتعوا بالحياة بعيداً عن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والمليشيات، والقهر.
ومع تواصل الضربات الجويّة والبريّة منذ انطلاق معركة تحرير مدينة الموصل (شمال العراق)، فجر أول من أمس، يعيش سكان الموصل وضعاً إنسانياً صعباً ينذر بكارثة. وعلمت "العربي الجديد" أن مستشفيات الموصل لا تتوقّف عن استقبال الجرحى، في وقت بدأ فيه أهالي الضحايا يدفنون موتاهم في الساحات العامة إلى حين انتهاء المعركة.
وبطبيعة الحال، يمكن القول إن الحياة في الموصل شبه متوقفة، وقد اختبأ معظم الناس في الملاجئ، وبدأوا الاقتصاد والتقنين في غذائهم بعد إغلاق الأسواق والمحال التجارية.
ويناشد مواطنون الحكومة العراقية إيجاد منافذ لتأمين خروجهم، مؤكدين أن الرعب بات يسيطر على أطفالهم ونسائهم جرّاء القصف العنيف. ويقول الشيخ القبلي، عبد الحميد النعيمي، لـ "العربي الجديد"، إن "أهالي الموصل عمدوا إلى تخزين بعض المواد الغذائية والطبية قبل بدء المعركة"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن ما خزّن بالكاد يكفي لأيام قليلة. وبالإضافة إلى مشكلة الغذاء، يلفت إلى أن "المستشفيات باتت خارج الخدمة، بعدما دمر بعضها قبل انطلاق المعركة، عدا عن خلوّها من المواد الطبية". ويشير إلى ضرورة اتخاذ الحكومة العراقية تدابير مناسبة تكفل ضمان حياة المدنيين، موضحاً أن ذلك يكون من خلال تأمين طريق بري لخروج العائلات، في ظل وجود عدد كبير من النساء والأطفال. يضيف أنه على الحكومة العراقية وقوات التحالف والمنظمات الدولية "وضع ذلك في الحسبان".
من جهته، يقول حسن العبيدي إن عناصر "داعش" أجروا تحركات عدة في عدد من أحياء المدينة، وكانوا ينقلون صواريخ وأسلحة، من دون استخدامها. يضيف لـ "العربي الجديد" أنهم طالبوا السكان بمغادرة منازلهم، وعدم الهرب من المدينة، مهددين المخالفين بالقتل. يتابع: "حذّرونا من التعاون مع القوات العراقية، أو إعطائهم معلومات بطريقة أو بأخرى".
في هذا الإطار، يؤكّد عددٌ من الناشطين سقوط أكثر من 30 قتيلاً وجريحاً منذ مساء أول من أمس، جرّاء القصف الجوي الذي طاول أحياء في وسط الموصل.
إلى ذلك، يقول الناشط الحقوقي حازم الجبوري، لـ "العربي الجديد"، إنه لا يمكن إجراء إحصاء دقيق للضحايا بعد "فالقصف مستمر والمعركة ما زالت في بدايتها. علمنا أن بعض المصابين يعالجون في البيوت، ما يمنع تحديد أعداد الإصابات". يضيف "إنّنا نخشى قصف مخازن كيميائية تابعة لداعش، علماً بأن الأهالي يقولون إنه اتخذ من منازل وسط الأحياء السكنية مخازن لأسلحته ومواقع لمقاتليه سعياً للاحتماء بالمدنيين". ويخشى تسمّم بعض الأهالي جرّاء استنشاقهم المواد الكيميائية.
ويلفت إلى أن طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية سبق أن قصفت مخازن الأسلحة الكيميائية، قبل نحو شهر، وتعرض مواطنون لحالات تسمم، لكنّهم عولجوا في المستشفيات، لافتاً إلى أنها لم تكن كما هي عليه اليوم.
وكانت منظّمة "أوكسفام" الدولية للإغاثة قد حذّرت من أزمة إنسانية مع بدء معركة الموصل، لافتة إلى أن مئات آلاف المدنيّين تعرضّوا لخطر الوقوع في براثن الاشتباكات المسلحة خلال المعركة.
وطالب مدير المنظمة في العراق، أندريس غونزاليس، الحكومة والأطراف الأخرى المشاركة في القتال بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وحماية المناطق المدنية والبنية التحتية، محذّراً من أزمة إنسانية محتملة في ثاني أكبر المدن العراقية. وأضاف: "ينتظر الأسرَ الهاربة من العنف والقتل مستقبلٌ مجهول في العراء أو في المخيمات المكتظة". وتابع أن العائلات تواجه خيارات صعبة للغاية. فإما أن تبقى في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش لتكون عرضة للعنف ونقص في المواد الغذائية، أو تهرب من الاقتتال وسط مخاطر العبوات الناسفة والرصاص".