حين تأسّس "المهرجان الدولي للشريط المرسوم" قبل اثنتَي عشر سنةً، بدا ذلك كلحظةٍ أخذ فيها فنّ الكوميكس في الجزائر يستعيد ألقه، بعد أن دخل في غيبوبةٍ طويلة مع اختفاء مجلّاتٍ متخصّصة فيه برزت سنوات الستّينيات والسبعينيات والثمانينيات؛ مثل "امقيدش" و"المنشار".
أسهمت هذه التظاهرة السنوية في ظهور جيل جديد من رسّامي الكوميكس وتوجُّه بعض دور النشر إلى إصدار أعمالٍ في هذا المجال، وتخصُّص أُخرى فيه. غير أنّ كلّ ذلك لم يخلق حركيةً مهمّة تجعل من فن الشريط المرسوم صناعةً قائمة.
في ندوة بعنوان "كيف نُطوّر الشريط المرسوم الجزائري؟"، نُظّمت قبل أيّام ضمن فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من "معرض الجزائر الدولي للكتاب" التي تُختَتم اليوم، بدا المشاركون متّفقين على أن وضع "الفن التاسع" في الجزائر ليس على أفضل حال، معتبرين أنّه لا يزال يعاني من نقص الاهتمام ويُنظر إليه باعتباره فنّاً ثانوياً.
شارك في الندوة ناشرون وكتّاب ورسّامون؛ هم: دليلة ناجم، وسليم براهيم براهيمي، وأحمد حرون، ونوال لورد، ولزهاري لبتر، وجميعُهم أشاروا إلى التكلفة الباهظة التي يتطلّبها إنجاز كتاب كوميكس، بالنظر إلى اشتراك عدّة مهنٍ فنّية فيه، بالإضافة إلى اشتراطه معايير خاصة في الورق والألوان والطباعة، وكل ذلك يقابله "تخلّ من الدولة على هذا الفن"، وهو ما يتّضح في غياب نصوص قانونية تشجّع على صناعة الكوميكس.
في مداخلته، أشار سليم براهيمي إلى أنّ الناشرين يتحاشون المغامرة بإصدار أعمالٍ في الشريط المرسوم، لاعتقادهم بأنّها عملية معقّدة ومكلفة، وأنّ تلك الكتب موجّهةٌ إلى فئةٍ عمرية محدّدة، بينما تحدّث لزهاري لبتر ودليلة ناجم عن غياب مكتبات متخصّصة وشبكات لتوزيع الكتب، وهما أمران يقابلهما، حسب قولهما، عددٌ كبير من الرسّامين والمؤلّفين الذين يرغبون في نشر قصصهم المصوّرة.
ومن بين المقترحات التي خلصت إليها الندوة: تدريب رسّامين ومؤلّفين شبّان مختصّين في الشريط المرسوم، وإدراج هذا الفن في المقرّرات المدرسية، وتشجيع فتح دور نشر ومكتبات جديدة متخصّصة في هذا المجال.