تستعيد الأوركسترا السيمفونية الثامنة بالتحديد، والتي يقول عنها مؤرّخو الموسيقى إنها "سيمفونية ألفها إنسان خارق"، والتي قُدّمت أوّل مرة على المسرح في فيينا عام 1892، وهي السيمفونية الوحيدة التي تضم آلة القيثارة.
يعتبر بروكنر أول رموز المرحلة الأخيرة من الرومانسية الألمانية في الموسيقى، تعددت أعماله بين السيمفونيات وبعض مقطوعات الموسيقى الكنسية الاحتفالية الطويلة والقصيرة، ومؤلفاته تُعد تعريفاً للراديكالية الموسيقية في عصره، والتي تميز بها على الرغم من أنه كان أكثر تواضعاً من الموسيقيين الراديكاليين الآخرين؛ أمثال فاغنر، وهيوغو، وولف.
كان بروكنر يوصف بأنه "نصف عبقري، نصف بسيط"، ولكنه كان منتقداً ذاتياً لعمله، وكثيراً ما أعاد صياغة مؤلفاته. لذلك نجد العديد من النسخ لسيمفونية واحدة، فقد ظل يعيد ويعدل على نوتاته طيلة الوقت، ويستشير المؤلّفين الآخرين في عصره حولها، ما جعله عرضة للانتقاد من كثيرين، خصوصاً في ما يتعلق بطول السمفونيات الكبير، ولم يكن يقف في صفه أحد أكثر من صديقه غوستاف مولر.
رغم ذلك، فإن كتب النقد الموسيقي وتاريخ الفن اليوم حين تذكر بروكنر، تنسب إليه فضل توسيع مفهوم الشكل السمفوني بطرق لم تشهدها الموسيقى من قبل أو منذ ذلك الحين. فعند الاستماع إلى سيمفونياته، يواجه المرء أكثر أشكال الكتابة السمفونية تعقيداً على الإطلاق، ضمن منطق بروكنر الإبداعي.
ألّف بروكنر أحد عشرة سيمفونية، الأولى عام 1863 وآخرها السيمفونية غير المكتملة رقم تسعة. أما السيمفونية الثامنة التي تعزفها "قطر الفلهارمونية" في حفلها المقبل، فقد أطلق عليها أثناء تأليفها "القيامية".