ولفت المركز، في تقدير نشره أمس الثلاثاء، إلى أن المواجهة بين إيران والولايات المتحدة تحمل في طياتها فرصاً يتوجب على إسرائيل استغلالها ومخاطر يتوجب التحوط لها.
وبحسب التقدير، الذي أعده عاموس يادلين، مدير المركز والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، فإنّه في حال أسفرت المواجهة الحالية عن خروج إيران من الاتفاق النووي فإن هذا يمثل مصلحة لتل أبيب، على اعتبار أن انهيار هذا الاتفاق سيفرض على القوى التي وقعت عليه الإقدام على خطوات ضد طهران.
وأشار إلى أن انهيار الاتفاق النووي قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية المقبلة يخدم المصلحة الإسرائيلية، على اعتبار أنه يقطع الطريق على أي رئيس ديمقراطي يمكن أن ينتخب، في حال خسر الرئيس الحالي دونالد ترامب الانتخابات، إمكانية اتخاذ قرار بالعودة لهذا الاتفاق، على اعتبار أن تواصل العمل به يمنح إيران الحق في العودة لبرنامجها النووي بشكل كامل بعد انقضاء مدة العمل به.
وتوقع المركز أن تعمد إيران إلى استهداف إسرائيل ومصالحها في حال نشبت مواجهة عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة في الخليج والعراق وسورية، مشدداً على أن تل أبيب مطالبة بالاستعداد استخبارياً وعملياتياً لمواجهة أي تحرك إيراني لاستهدافها في إطار مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة.
وحث المركز على وجوب أن تعمد إسرائيل إلى تنسيق ردودها العسكرية ضد إيران والقوى المرتبطة بها مع الولايات المتحدة بشكل مسبق.
وطالب المركز بأن تعيد إسرائيل تقييم اتجاهات عملياتها العسكرية في سورية لضمان عدم استغلال إيران وجودها العسكري في تنفيذ عمليات ضد العمق الإسرائيلي انطلاقاً من هناك.
وشدد المركز على ضرورة إقدام إسرائيل على تعزيز علاقاتها بالدول الخليجية وتكثيف مستوى التنسيق معها لمواجهة احتمال أن تفضي المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران في النهاية إلى استئناف التفاوض بينهما، مشيراً إلى أنه يتوجب على دول الخليج وإسرائيل الضغط على إدارة ترامب لمعالجة كل المآخذ على الاتفاق النووي، وعلى رأسها ضمان مواصلة فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني بعد انقضاء مدة العمل بالاتفاق، إلى جانب فرض رقابة على الترسانة الصاروخية لطهران.
وحسب المركز، فإن السيناريو الأكثر صعوبة، من ناحية إسرائيل، يتمثل في إقدام إيران على التخلي بشكل مطلق عن الاتفاق النووي والتوجه لتخصيب اليورانيوم بمستوى يفوق 20 في المائة، ما يعني تمكينها من الحصول على اليورانيوم المخصب اللازم لإنتاج السلاح النووي.
ودعا المركز الحكومة الإسرائيلية إلى الاستعداد من ناحية عسكرية لمواجهة إحباط مثل هذا السيناريو عسكرياً بشكل منفرد، على اعتبار أن كل المؤشرات تدلل على أن إدارة ترامب غير معنية بمواجهة عسكرية مع طهران.
ولاحظ المركز أن التحركات الأخيرة تشي بأن إيران تعكف على تنفيذ مخطط شامل يهدف إلى جباية ثمن من الولايات المتحدة وفي الوقت ذاته إجبار الدول الأوروبية على الوفاء بتعهداتها بتطبيق مسار يساهم في تعويضها عن الأضرار التي تلحق بها جراء العقوبات الأميركية.
ولفت التقدير إلى أن التحرك الإيراني مركب من ثلاثة مرتكزات رئيسة، وهي: تجاوز بنود الاتفاق النووي، استهداف المصالح الأميركية في المنطقة، والتأثير على إنتاج وتصدير النفط.
وأشار إلى أنه في كل ما يتعلق بالبرنامج النووي، فإن إيران بإمكانها تحدي الولايات المتحدة عبر الإقدام على تجاوز الاتفاق النووي بشكل حذر ومحدود جداً، عبر إحداث زيادة بسيطة على مستوى تخصيب اليورانيوم.
وأضاف أن إيران بإمكانها أيضاً أن تتخلى عن الاتفاق النووي بحيث تستأنف العمل ببرنامجها الذري بشكل كامل عبر معاودة استخدام عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم في مفاعلي "نتناز" و"أراك"، إلى جانب إعلانها الخروج من ميثاق منع انتشار السلاح النووي، وهو ما سيمكنها من إنتاج سلاح نووي.
وعلى صعيد استهداف المصالح الأميركية، أشار المركز إلى أن إيران بإمكانها استهداف الجنود الأميركيين المتمركزين في العراق وسورية بواسطة المليشيات التي تعمل معها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تتهم إيران بالمسؤولية عن مقتل 500 جندي أميركي في العراق بعد نشوب حرب الخليج الثانية.
وفي ما يتعلق بالتأثير على إنتاج وتصدير النفط، أشار المركز إلى أن إيران جاهرت بعزمها على عدم السماح بتصدير النفط من الخليج في حال لم يتم السماح لها بتصدير نفطها.
وأشار المركز إلى أن الإيرانيين بإمكانهم استهداف المنشآت النفطية في الخليج سواء عبر القيام بعمليات تخريب ذات أثر محدود أو عبر قصفها بصواريخ وطائرات من دون طيار، لافتاً إلى أن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن يمكن أن تلعب دوراً رئيساً في إنجاح التحرك الإيراني عبر التأثير على مرور سفن النفط عبر مضيق باب المندب. وحسب المركز، فإن الإيرانيين بإمكانهم استخدام الحرب الإلكترونية في التشويش على عمليات الإنتاج والتصدير.
وعلى الرغم من أن المركز رجح في تقدير أن تضطر كل من الولايات المتحدة وإيران للتحاور بهدف تجنب وقوع مواجهة شاملة في المنطقة، على الرغم من الشروط الصعبة التي يضعها كل طرف في الوقت الحالي؛ إلا أنه لم يستبعد أن تفضي "الحسابات الخاطئة" لأي من الطرفين أو كليهما إلى اندلاع مواجهة شاملة.