اختبار التحالف القواتي العوني انتخابياً... مسلّمات قابلة للاهتزاز

بيروت

نادر فوز

avata
نادر فوز
01 يونيو 2016
C8D2F802-2779-4493-A1B7-9E843E1535B2
+ الخط -
تلقّى التحالف بين القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، والتيار الوطني الحرّ بزعامة النائب ميشال عون ورئاسة صهره الوزير جبران باسيل، ضربتَين قاسيتَين ومفصليّتين في الجولة الرابعة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي نُظّمت في محافظتَي لبنان الشمالي وعكّار، يوم الأحد. تجسّدت الضربة الأولى في خسارة المعركة الانتخابية في القبيّات العكارية (أكبر البلدات ذات الحضور المسيحي في عكّار)، إذ فازت اللائحة المدعومة من النائب هادي حبيش، والوزير السابق مخايل الضاهر، وحزب الكتائب اللبنانية بـ16 مقعداً مقابل اثنين فقط للتحالف العوني ــ القواتي.

كما كانت الضربة الثانية في بلدة تنّورين (قضاء البترون)، إذ اكتسحت اللائحة المدعومة من الوزير بطرس حرب مقاعد المجلس البلدي كاملة من دون تسجيل أي خرق من قبل اللائحة المدعومة من عون وجعجع، إضافة إلى فوز تحالف حرب، و"الكتائب" وتيار المردة (بزعامة النائب سليمان فرنجية)، بعدد كبير من بلديات قضاء البترون.

ويمكن لهاتَين المعركتَين أن تلخّصا الجو الانتخابي على الساحة المسيحية في الشمال، إذ لم يتمكّن التحالف بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ من كسر المنظومة السياسية الشمالية المتركزة أساساً على الزعامات المحلية والبيوت التقليدية. وهو ما سبق لعون، بدعم من جعجع، أن نجح في كسره في أكثر من دائرة انتخابية خلال الاستحقاق البلدي. فتمكّن هذا التحالف من الانتصار على تجمّع الزعامات التقليدية في بلدية جونية (كسروان)، بالإضافة إلى ضرب زعامة آل شمعون في دير القمر (الشوف) وما تبقى من إرث لها والمتمثل بالنائب دوري شمعون.

كما أنّ المعركة الأبرز التي نجح فيها التحالف كانت في معركة زحلة (البقاع الأوسط)، إذ نجح بالتحالف مع حزب الكتائب اللبنانية في كسر زعامتَي آل سكاف وآل فتوش التاريخيّتَين، على الرغم من أن نسبة الأصوات التي حصل عليها تحالف الأحزاب الثلاثة لم يتجاوز الـ43 في المائة، لكنهم ربحوا كلّ مقاعد المجلس البلدي بسبب تنافس آل سكاف وآل فتوش، بدل التحالف.
طبعاً مع التذكير أنّ التفاهم السياسي بين عون وجعجع لم يتجلّ بتحالف انتخابي كامل، إذ شهدت بلدات عدة مواجهة مباشرة بين الطرفين، كان أبرزها بلدة الحدث (أكبر البلديات في قضاء بعبدا)، وانتهت بفوز اللائحة العونية بشكل كاسح.

لكن ما شهدته الانتخابات البلدية على الساحة المسيحية حمل الكثير من المفاجآت، كان أبرزها خروج الناخبين المسيحيين في بيروت عن الالتزام بدعم الخيار العوني ــ القواتي، وترشُّح الثنائي في لائحة تحالف السلطة برعاية رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري. فلم تنل لائحة السلطة سوى ثلث الأصوات المسيحية، مقابل نيل اللائحة المدعومة من المجتمع المدني ثلثَي الأصوات. كما كانت المفاجأة الأخرى، خسارة رئيس اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية في جزين (جنوب لبنان)، بما يحمل ذلك من تعبير شعبي على رفض الإملاءات الحزبية واللوائح المعلّبة على الناخبين الجنوبيين.




وفي حين كانت صفعة جزّين موجّهة بشكل مباشر لعون، جاءت النتائج في بلدية بشرّي، معقل القوات اللبنانية ومسقط رأس جعجع، لتشكّل ما يشبه "السقطة" للقواتيين، إذ نال منافسوهم من أبناء العائلات ما يقارب الأربعين في المائة من الأصوات. فكان الصوت الاعتراضي على خيارات جعجع البلدية داخل "البيت القواتي" صارخاً ورافضاً لما اعتبره المعترضون "تعيينات بلدية"، في إجراء مشابه لما حصل في جزين.

بذلك، يكون التحالف الانتخابي بين عون وجعجع قد مرّ في مطبّات عديدة خلال الاستحقاق الانتخابي، تمكّن من تجاوز بعضها وسقط في بعضها الآخر. لكن الأهمّ على هذا الصعيد أنّ الطرفَين نجحا في تكريس التفاهم السياسي الذي يجمعهما، ليس من باب التحالف وخوض الانتخابات جنباً إلى جنب، بل تحديداً لجهة التمكّن من تأمين الالتزام شبه المطلق لمناصريهم للوائح المشتركة، على الرغم من التاريخ الحافل بالعداوات السياسية والشخصية والمعارك العسكرية والتي كان هؤلاء الأنصار جزءاً أساسياً منها.

استبق العونيون والقواتيون الانتخابات البلدية في المناطق اللبنانية برفع الشعار القائل إنّ الحياة السياسية، ومنها العمل الإنمائي والتنمويي، لا يمكن أن تستقيم وتتطوّر إلا بفعل العمل الحزبي. فكان هذا الشعار منطلقاً لفتح مجموعة من العناوين أبرزها إقفال المنطق الزبائني الذي يربط الزعيم أو السلطة بالناخب. لكن لا بد من التذكير أيضاً أنّ عون تحوّل بدوره إلى منظومة مطوّرة نوعاً ما للعمل السياسي العائلي بفعل حصرية التمثيل والقيادة بأصهاره وأقاربه. في حين لا يزال جعجع يرفع شعار حزب القوات اللبنانية لكن يدير بنفسه أيضاً معظم الملفات الأساسية، وتتولى زوجته النائب ستريدا جعجع اتخاذ القرارات الإدارية في بشري أو حتى على المستويين التنظيمي الحزبي والنيابي.

وعلى الساحة المسيحية أيضاً، وفي ما يخص البيوت السياسية التقليدية، فإنّ مواجهة زعامة آل فرنجية وآل معوّض في زغرتا (شمالي لبنان)، كان لها طعم خاص، إذ تمكّنت لائحة مدعومة بالكامل من المجتمع المدني من الحصول على ما يقارب الـ25 في المائة من الأصوات في المدينة في مواجهة الزعامتَين التاريخيّتَين المتحالفتَين بلدياً والمتنافستَين تاريخياً.

أتت أرقام اللائحة المدنية في زغرتا لتؤكد أنّ الحالة الاعتراضية انتشرت على كل الأراضي اللبنانية وفي مواجهة كل الأحزاب والشخصيات والأطراف السياسية والتقليدية المشاركة في السلطة أو الحليفة لها. وهو ما يدعو إلى القول إنّ الاستحقاق البلدي لم يكن فقط ساحة لاختبار القدرات والتوازنات الانتخابية والسياسية، بل أيضاً شكّل مساحة عامة لإيصال أصوات اعتراضية والتعبير عن أنّ المسلّمات الحزبية قابلة للاهتزاز.

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير