"علياء متروكة للموت بالسرطان داخل الزنزانة"... شهادات لمعتقلات سابقات في سجون الإمارات
كانت علياء تعتمد بشكل كامل على شقيقتها عندما تم اعتقالهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. وفي النهاية، تم اتهامها بتمويل جماعات إرهابية دولية، رغم أن الدليل الوحيد الذي قدم هو سجل بالمواقع الإلكترونية التي زارتها. لم تكن أبدًا نشطة سياسيًا، سوى أنها عملت في السابق على جمع التبرعات للنساء والأطفال المتضررين من الحرب في سورية.
علياء ليست إلا واحدة من عشرات المعتقلات المحرومات من أدنى حقوقهنّ الإنسانية في "دولة السعادة"، واللواتي روت بعض من رأين النور منهنّ أخيرًا، وبينهنّ إماراتيات وأجنبيات، شهادتهنّ عن الانتهاكات التي تعرّضن لها وراء القضبان، وطالبن بفتح ملفّ السجون الإماراتية، وإجراء تحقيق دولي شامل لكشف الحقائق المغيّبة.معتقلون بلا حقوق
تقول إحدى المعتقلات، وهي حاملة لجنسية أجنبية، إنه عند اعتقال أحد يوضع في السجن، مبدئيًا، لمدة ستة أشهر، حيث لا يحق له الاتصال بالأهل، ولا بالسفارة: "غير مسموح له أي شي"، على حد تعبيرها.
وتضيف: "السجن عبارة عن مركز تجاري، إن لم تكن تملك مالاً، فإنك تعامل معاملة سيئة للغاية".
وعن الظروف الصحية داخل المعتقلات، تقول "الطعام سيئ ويضعون مخدرات أو منومًا في الأكل والشاي؛ لاحظنا أيضًا زيادة في الوزن بسبب أدوية غير صحية".
وتشير إلى أن "المعاملة السيئة تعتمد على جنسيتك؛ أفراد الشرطة يميزون بين السجناء بحسب الجنسية، كما أن المعاملة تكون بحسب مزاج هؤلاء".
عن علياء
إحدى المعتقلات تستذكر، في شهادتها، الحال الذي وصلت إليه علياء داخل المعتقل، فتقول: "الوضع قاسٍ وحزين. علياء كانت مثل مدمن المخدرات في مركز إعادة التأهيل، تدفقت عليها المهدئات ومسكنات الألم. لم تكن لديها أي رعاية طبية على الإطلاق لعلاج أو حتى تخفيف مرضها. لقد تركت علياء في الأساس للموت، ولا تزال أسرتها تعيش على أمل أن تتمكن من الموت على الأقل في منزلها".
وتضيف "حالتها سيئة للغاية، حتى مع المهدئات الثقيلة والمسكنات، فهي غير قادرة على النوم أو تناول الطعام أو التواصل أو الوقوف أو الصلاة. أما بالنسبة للزيارات، فهي قليلة جدًا ومتباعدة".
توقيع بالإكراه
وبحسب روايات المعتقلات، يضطر السجناء، بمن فيهم النساء، إلى التوقيع على وثائق لا يسمح لهم بقراءتها، وفي حال طلبوا قراءة المستند، أو رفضوا تقديم اعتراف؛ يتعرضون للضرب.
في هذا السياق، تقول معتقلة سابقة، احتجزت هويتها أيضاً، إنها كانت في الإمارات بتأشيرة سياحية، ولم تكن الإنكليزية أو العربية هي لغتها الأولى، ومع ذلك أجبرت على توقيع وثيقة لم تفهمها، وفي كل مرة كانت ترفض فيها التوقيع كانت تضرب بالعصا على يدها.
شهادات حقوقية
وفي السياق، تبيّن هانا فيليبس، وهي باحثة في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن الأشخاص الذين احتجزوا، والعديد منهم من النشطاء السياسيين، لا يستطيعون الوصول إلى المحامين، مما يجعلهم عرضة للاعتداء.
وتشير إلى أن ما يقارب 80 امرأة يتم وضعهن في بعض الأحيان في مكان مخصص لثمانية نزلاء، كما أن معايير حجزهن متدنية للغاية، لدرجة أن السجينات يحصلن على بطانيات قذرة للنوم في زنازين موبوءة بالحشرات.
وتلفت إلى تقرير صدر مؤخرًا عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، يعرب عن مخاوف رئيسية بشأن استخدام قوانين مكافحة الإرهاب وقوانين جرائم الإنترنت في احتجاز النشطاء الذين يزداد عددهم حالياً.
ولا تعد قضية عليا حالة معزولة، بل تأتي في سياق نظام يتخبط في نسيجه المؤسسي ضد أي شخص يُنظر إليه على أنه تهديد، بما في ذلك المدنيون العاديون.
عطفًا على ذلك، يشدد رودني ديكسون، المحامي الذي عمل على رصد انتهاكات حقوق الإنسان في دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات، على أن التعذيب المنتظم للنساء في السجون الإماراتية "يُبرز إلى حد كبير ما تدور حوله الحكومة".
مراكمة الأدلة
وتعقيبًا على الشهادات الواردة، يبيّن ديكسون أن ما "تم إثباته اليوم هو مدى فعالية الإجراءات القانونية، وإجراءات الأمم المتحدة، وهو ما قد يجعل من الصعب للغاية على السياسيين التظاهر بعدم حدوث أي شيء".
ويضيف "هناك أدلة قد أُبرزت، والأمم المتحدة تتفحصها. نريد لهذه الإجراءات أن يكون لها تأثير متنامٍ. نحن لا نضمن أياً منها، أو أن تنتج عنها نتائج مباشرة بين عشية وضحاها، ولكن الأثر التراكمي لها يمكن أن يكون فعالاً للغاية. وذلك يتطلب تحركاً".
إخفاء قسري
أما المحامي جو أوديل، فيشير إلى حالة الحقوقي أحمد منصور، الذي فاز في عام 2015 بجائزة مارتن إينالز، وعضو في المجلس الاستشاري لـ"هيومن رايتس ووتش". اعتُقل منصور في العام الماضي، واختفى قسراً لأكثر من عام دون الوصول إلى محام، قبل أن يحكم عليه مؤخرًا بالسجن لمدة عشر سنوات ودفع غرامة قدرها مليون درهم بسبب "أنشطته على الإنترنت".
بدورها، أوضحت المحامية سو ويليامان، أنه بموجب القانون الجنائي في بريطانيا، يعتبر التعذيب جريمة، ومن مهام الشرطة وفريق مكافحة الإرهاب التحقيق في مزاعم التعذيب وتمريرها إلى المحاكمة"، متسائلةً "لماذا لم تكن هناك أي مقاضاة للإماراتيين المسؤولين عن التعذيب؟".
ورأت أن "المشكلة الرئيسية تكمن في أنه لا يوجد أي شخص مستعد لتقديم أدلة في المحكمة، لأنهم يخافون على وضع أقاربهم في الإمارات، ويخافون من التداعيات".