وكانت المفاوضات قد دخلت نفقاً مظلماً، يوم أمس، بعد تسريب فحوى مكالمة جرت بين جونسون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، استنتج منها جونسون أن المفاوضات "ميتة"، بينما اتهمه قادة الاتحاد الأوروبي بالدخول في "لعبة توجيه اللوم" إلى الآخرين كجزء من استراتيجيته الانتخابية.
ويسود اعتقاد في بروكسل بأن القمة الأوروبية المقررة يومي 17-18 من الشهر الجاري ستركز على احتمالات تمديد موعد "بريكست"، بدلاً من الاتفاق الذي أصبح بعيد الاحتمال.
وبينما سيكون طلب التمديد البريطاني، وفقاً لقانون منع "بريكست من دون اتفاق"، لثلاثة اشهر تنتهي في نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل، فإن الاتحاد الأوروبي قد يكون مستعداً لمنح تأجيل أطول، قد يمتد حتى يونيو/ حزيران القادم. وقد تسمح المهلة الأبعد حتى بداية الصيف لبريطانيا بإجراء انتخابات عامة، وتشكيل حكومة جديدة ذات برنامج مختلف، أو أن تأتي ببرلمان يدعم "بريكست" من دون اتفاق.
وكانت مكالمة جونسون وميركل، صباح أمس، قد دفعت الجانبين إلى حافة اليأس من إمكان التوصل لاتفاق خلال المهلة المتبقية من موعد "بريكست". وكانت النقطة الخلافية، التي تناقلاتها المصادر البريطانية من دون تأكيد حكومي، أن ميركل قالت لجونسون إنه يتعين على أيرلندا الشمالية البقاء في اتحاد جمركي دائماً مع الاتحاد الأوروبي. وهو ما رأى منه الجانب البريطاني أن إمكانية انفراج المفاوضات "أمر مستحيل وليس فقط حالياً وإنما أبداً".
إلا أن دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، أعرب عن إحباط في بروكسل من التسريبات "المجهولة" حول مكالمة ميركل وجونسون، والتي وصفها السياسيون الألمان بأنها "غير محتملة"، بينما رفض المتحدث باسم المستشارة الألمانية الكشف عن تفاصيل هذه "المكالمات السرية".
وقال ديتليف سيف، مسؤول "بريكست" في حزب ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي: "من غير المحتمل أبداً أن المكالمة بين ميركل وجونسون قد جرت بالطريقة التي نقلتها الصحافة البريطانية".
وأضاف "سيكون ذلك مخالفاً لكافة المبادئ التي عملت الحكومة الألمانية بناء عليها في السنوات الثلاث الماضية، أي أن المفاوضات تجري بقيادة المفوضية الأوروبية. وأن تقوم المستشارة الألمانية بالإصرار على بقاء أيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي سيكون خرقاً كلياً لهذه المبادئ".
ودفع ذلك إلى الشك بأن يكون دومينيك كمنغز، مهندس حملة "بريكست"، ومستشار جونسون الرئيسي، هو الذي يقف وراء التسريبات التي انتشرت في الصحف البريطانية. ويتهم كمنغز بالاستراتيجية العدوانية في مسعى لتطبيق "بريكست" مهما كان الثمن.
ذلك ما دفع سيف للقول "إن التفسير الوحيد لهذه التقارير برأيي أن جونسون يحاول بناء رواية يوجه فيها اللوم بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق إلى ألمانيا. وإن تسريب مثل هذه المكالمات السرية بهذه الطريقة أمر غير مقبول ويثير غضب أي شخص يعمل من أجل التوصل لاتفاق".
تمرّد داخل حزب جونسون
في سياق متصل، ذكرت صحيفة "ذي تايمز"، اليوم الأربعاء، أن جونسون يواجه تمردا جديدا في حكومته مع اتجاه مجموعة من الوزراء للاستقالة لمخاوف من أنه يقود البلاد في اتجاه الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وأفاد التقرير بأن وزيرة الثقافة نيكي مورغان ووزير شؤون أيرلندا الشمالية جوليان سميث ووزير العدل روبرت بوكلاند ووزير الصحة مات هانكوك والمدعي العام جيفري كوكس يدرسون الاستقالة، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".
وقال وزير في الحكومة نقلت عنه الصحيفة دون أن تورد اسمه إن "عددا كبيرا جدا" من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين سينسحبون إذا وصل الأمر إلى الخروج بدون اتفاق.
وأضافت الصحيفة أن الوزراء حذروا جونسون في اجتماع للحكومة من الخطر "الداهم" لإعادة الحكم المباشر لإقليم أيرلندا الشمالية، وأثاروا مخاوف بشأن دومينيك كمينغز، كبير مستشاري جونسون.
ونقل التقرير عن وزير آخر في الحكومة قوله "الحكومة هي التي ستضع الاستراتيجية ولن يضعها مسؤولون غير منتخبين. وإذا كانت هذه محاولة لعمل ذلك فإنها ستفشل".