في هذا السياق، يرى المتحدث باسم "حماس"، حازم قاسم، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "الانكشاف المتواصل لحجم الإخفاقات عند الاحتلال الاسرائيلي في عدوانه الأخير على قطاع غزة، يؤكد أننا كنا أمام ملحمة حقيقية سطرتها المقاومة الفلسطينية في القطاع، وأنها صنعت بطولة حقيقية". ويشير قاسم إلى أنّ "المقاومة لديها القدرة على الإبداع، وهو ما اتضح من عدم قدرة الكيان الصهيوني على اكتشاف ما تحضّره المقاومة له من مفاجآت وعمل"، مشدداً على أنّ "القوة الإسرائيلية مهما تعاظمت فإنها ستبقى عاجزة أمام إرادة المقاومة وصلابتها، ورغبة شعبنا بالانعتاق من الاحتلال".
ويلفت قاسم إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يحاول أنّ يبيع وهم تفوقه واستحالة هزيمته، وهو ما تكشّف زيفه في الحرب الأخيرة، وما زالت ذيول هزيمته تلاحق قادته حتى الآن". ويضيف أن "حماس ستواصل امتلاك أسباب القوة التي تمكنها من حماية شعبها ومواصلة مشوار التحرير".
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلل، فيلفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "نشر المزيد من التسريبات الخاصة بتقرير مراقب الدولة، يؤكد أنّ (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لم يحقق أياً من أهدافه التي شن حربه لأجلها على قطاع غزة".
ويبيّن المدلل أنّ "نتنياهو فشل في حربه على القطاع، ولم ينجح في كسر المقاومة الفلسطينية، التي أظهرت أنّ لديها خبرات متراكمة في المجال العسكري من المواجهات السابقة التي خاضتها خلال السنوات الست الأخيرة".
ويشدد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي على أنّ "الاحتلال الإسرائيلي لن يربح أي مواجهة جديدة مع المقاومة الفلسطينية، وسيكون الخاسر في ظل عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمل ضربات المقاومة الفلسطينية، واحتضان الشعب الفلسطيني الواسع لمقاومته". ويشير المدلل إلى أنّ "المجتمع الإسرائيلي فقد ثقته بقيادته السياسية والعسكرية، خصوصاً بعد الحروب الأخيرة على غزة، في الوقت التي تحظى فيه المقاومة بتصديق من قبل جمهورها، فضلاً عن جهوزيتها الدائمة عسكرياً وإعلامياً للتصدي لأي عدوان جديد".
في غضون ذلك، يستبعد المختص في الشؤون الإسرائيلية، حاتم أبو زايدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "يؤثر تقرير مراقب الدولة على اتخاذ قرار المواجهة مع قطاع غزة، الذي يبقى مرهوناً بمعطيات سياسية وعسكرية مرتبطة في بعض الأحيان بتطور قدرات المقاومة".
ويقول أبو زايدة إنّ "استعدادات الاحتلال الإسرائيلي منصبة حالياً لمعركة نهائية وحاسمة، كما يصفها وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، التي من المستبعد أن تكون في الفترة الحالية في ظل عدم جاهزية المجتمع الدولي والإقليمي لمواجهة بين إسرائيل وغزة". ويضيف أنّ "نتنياهو أخفى التفاصيل الخاصة بالقطاع، خشية من التورط أكثر مع المقاومة الفلسطينية بغزة، والذي كان سيدفع بوزراء حكومته للمطالبة بمزيد من الخطوات لمواجهة الأنفاق والأجنحة العسكرية في الوقت الذي فقد جيش الاحتلال عدداً من جنوده".
وعن إمكانية أنّ يؤثر نشر تقرير مراقب الدولة نهاية العام الحالي على شعبية نتنياهو، يرى أبو زايدة أنّ "عدم وجود منافس حقيقي يؤثر عليه، ويحدث له إرباكاً في ائتلافه الحكومي، يدفع بعدم تأثير التقرير على مستقبل نتنياهو السياسي حالياً، كونه أيضاً استعد بشكل مبكر للتقرير". ويلفت إلى أن "المقاومة الفلسطينية بغزة لا تتعامل فقط مع ما ينشر من تقارير عسكرية خاصة بجيش الاحتلال، وتمتلك رؤية وسيناريوهات خاصة للتعامل مع أسوأ الاحتمالات، مثل إمكانية إدخال قوات بعدد كبير إلى حدود القطاع للبحث عن الأنفاق وكشفها".
لدى الاحتلال، تتوالى الاعترافات يومياً حول إخفاقات حرب غزة صيف عام 2014، ومع هذه الاعترافات يطاول الاتهام بالتقصير نتنياهو، ووزير أمنه السابق موشيه يعالون، اللذين حمّلتهما مسودة تقرير مراقب الدولة مسؤولية "التقصير وإخفاء معلومات مهمة". ومن المتوقع أنّ يعمق التقرير الفجوة بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، وربما تكون له تداعيات سياسية وحزبية وانتخابية في حال تم نشره رسمياً عند إصداره نهاية العام الحالي، إنْ لم ينجح نتنياهو في حجبه وفرض السرية المطلقة عليه.
وفي السياق أيضاً، ذكرت القناة العبرية العاشرة أنّ المسؤولين الأمنيين في قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي حذّروا قبل حرب 2014 على غزة من عدم جاهزية الجيش لمواجهة المقاومة، وعلى رأسها "حماس" في القطاع. وقبل أسابيع من الحرب، حذّر المسؤولون من عدم قدرة الجيش على القيام بـ"حملة واسعة ضد قطاع غزة". ويتعلق الأمر بنقص في المعلومات الاستخبارية بالدرجة الأولى، وكذلك بضعف في التقديرات، إلا أنّ إسرائيل ذهبت إلى حرب الـ51 يوماً، على الرغم من كل التحذيرات.