وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية، سجل إشكال بين أحد مناصري التيار الوطني الحر ومناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي، تطور إلى تكسير سيارته، وإطلاق الاشتراكيين شتائم طاولت رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل، ما دفع العناصر العسكرية والأمنية إلى الوقوف حاجزاً بين "الشارعين" منعًا لحصول اشتباكٍ مباشر بين الطرفين.
وعلى إثر ذلك، وصل نواب التقدمي الاشتراكي، وائل أبو فاعور وفيصل الصايغ وهادي أبو الحسن، إلى مكان تجمع مناصري الحزب في كليمنصو، "في محاولة منهم للعمل على تهدئة الوضع على الأرض ودعوة المناصرين للتراجع إلى محيط قصر كليمنصو"، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان.
وقال جنبلاط لمناصريه من داخل باحة قصر كليمنصو: "أنا هنا موجود في بيتي بحماية الجيش والقوى الأمنية، فلا نريد حماسة أكثر من اللزوم؛ فلينظموا التظاهرة التي يريدون، فهم يخربون ونحن نبني"، مقدّمًا اعتذاره "إذا حصل خطأ من قبلنا باتجاه الجيش أو القوى الأمنية أو الإعلام"، داعيًا جميع المناصرين لـ"العودة إلى منازلهم".
عدد المشاركين في التحرك، الذي دعا إليه التيار لأيام، تحت شعار "حقنا نعرف مين حوّل... حقنا نردّن"، من أجل المطالبة بمعرفة الحقائق في ملف الأموال المهربة إلى الخارج وضرورة استردادها، لم يكن على قدرِ محاولات الحشدِ، إذ لم يتخطَّ المئات، ما أزعجَ المعتصمين الذين كانوا يغمزون إلى الحضور الخجول، متأمّلين وصول الباصات التي علقت في زحمة سير بيروت ومداخل الحمرا على حدّ قولهم، وذلك نتيجة الإجراءات الأمنية التي اتخذت لمنع حصول احتكاكٍ بين أنصار التيار وأي جهة أخرى، سواء مدنية أو حزبية، على حدّ قول المشاركين.
وقبيل حضور مناصري التيار أمام مصرف لبنان، ألصق عدد من المشاركين في الحراك الشعبي لافتات تسأل "مين مدَّد لرياض سلامة؟"، و"حدن بيتظاهر ضد حالو؟"، "موالاة أم معارضة؟، في إشارة إلى التمديد الذي وقّع عليه التيار الوطني الحرّ عام 2017 ومنح رياض سلامة ولاية جديدة بذريعة "الاستقرار النقدي".
تحرّك التيار الذي كان من "المغضوبِ عليهم" في انتفاضة الشارع، التي بدأت في 17 تشرين الأول/أكتوبر، كونه تولى أكثر حقيبة وزارية فيها هدر للمال العام، ويُعدّ أحد القوى الرئيسة التي تحمّلها شريحة واسعة من اللبنانيين مسؤولية انهيار البلد، عرَّضه لانتقاداتٍ من قبل منتفضين استغربوا كيف أنّ فريقًا سياسيًا حاول قمع الانتفاضة، ولا يزال، يتخذ هكذا مبادرة ويدعو إليها وكأنّه خارج السلطة، علمًا بأنّه على رأسها، وبيد رئيس الجمهورية أن يكشف ويحاسب من دون حاجة إلى تحرّك مناصريه.
وتؤكد مجموعات في الحَراكِ، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ اعتراضها على تحرّك التيار الوطني الحرّ مرتبطٌ بالنية الحقيقية وراء خطوته، والتي تدخل في إطار حربه مع حاكم مصرف لبنان، في حين أن المطالب التي ينادي بها هي أصلًا شعارات المنتفضين التي يحملها منذ أكثر من مئة يوم.
وتعتبر المجموعات أنّ العهد يتحمّل مسؤولية الأزمة المالية ومعاناة المودعين، كونه جدَّد للحاكم رياض سلامة عام 2017 بذريعة المحافظة على الاستقرار النقدي، في خطوة انقلبَ فيها على نفسه، هو الذي شنّ حملة على حاكم يشغل منصبه منذ عام 1993 قبل أن يوقع على قرار التمديد له لولاية جديدة.
في المقابل، أشارت نائبة رئيس التيار الوطني الحر مي خريش، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الهدف الأساسي من تحرك اليوم يأتي استكمالاً للكتاب الذي قدمه تكتل لبنان القوي، الذي يرأسه باسيل، إلى حاكم مصرف لبنان لمعرفة مصير أموال اللبنانيين التي تحولت خلال هذه الفترة من السنة وقبل انتفاضة الشارع.
ولفتت إلى أنّ "هذا التحرك ستليه سلسلة تحركات تخصّ الشأن المعيشي والاقتصادي، وقد تتطور لتصل إلى القضاء، سواء المحلي أو حتى الدولي، عندما لا نشهد أي تطورات أو تحركات لناحية النتائج".
ورفضت خريش اعتبار تحرك التيار "موجهاً ضد رياض سلامة لأسباب سياسية كما يُقال، إنما هو تحرك مطلبي محق ضمن أطر مؤسساتية لمعرفة مصير أموال اللبنانيين والمودعين الصغار"، معتبرة أنّ "الحملات ضد التيار تزيدنا عزيمة لنكمل مشروعنا الإصلاحي لمكافحة الفساد والسياسات المالية، التي وقفنا ضدّها من الأساس".
أما الناشط في التيار الوطني الحر حنا طنوس، الذي شارك في التحرك، ورفع لافتة كتب عليها "حاكم بأمر المال"، رفض اعتبار التيار "مشاركًا في السياسات المالية أو داعمًا لها"، قائلًا إن "التمديد لحاكم مصرف لبنان حصل بعد وضعِ شروط تضمن حصول إصلاحات، الأمر الذي لم نلمسه وأوصلنا إلى الأزمة التي نعيشها اليوم".