تجددت التظاهرات الشعبية الصاخبة في الجزائر، الجمعة، للمطالبة برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ورفض الحوار مع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، واستبعاد حكومة نور الدين بدوي، لكن مسيرات الجمعة حملت رداً شعبياً على الخطاب الأخير لقائد الجيش، في شكل تهديد شعبي بتنفيذ عصيان مدني خلال الأيام المقبلة، وتحذيرات من تكرار التجرية المصرية والإتيان بـ"سيسي جزائري".
ودخل "العصيان المدني" شعاراً جديداً تبناه الحراك الشعبي في تظاهرات الجمعة الـ24، لإجبار السلطة والجيش على الاستجابة للمطالب السياسية المرفوعة منذ بدء التظاهرات في 22 فبراير/شباط الماضي، إذ ردد المتظاهرون في العاصمة الجزائرية شعار "جاي العصيان المدني" (العصيان المدني قادم)، في رسالة شعبية ببدء تحول جدّي في الحراك الشعبي باتجاه استبدال وتغيير الأدوات النضالية للضغط على السلطة ودفعها إلى تحقيق المطالب الشعبية، بعد رفضها الاستجابة لمطالب رحيل رموز النظام السابق وتحرير الشارع ورفع التضييق على الإعلام وتحرير العدالة.
وفي الفترة الأخيرة، بدأت عدة أطراف سياسية ومدنية تدعو إلى التفكير في تنفيذ عصيان مدني لإجبار السلطة والجيش على التسليم بالمطالب الشعبية، ومنها سعيد سعدي، وهو زعيم سياسي بارز في الجزائر ومؤسس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي دعا القوى السياسية والمدنية وناشطي الحراك، قبل أسبوعين، إلى التفكير في بدء تنفيذ إضراب عام، وكتب قائلاً: "إطلاق عمليات جدّ محددة وبأحسن تدبير. يجب التفكير في اللجوء للإضراب العام والتخطيط له بإحكام. اليوم وقد ولجت البلاد المرحلة الدستورية، أصبحت عمليات العصيان المدني مشروعة وناجعة"، بالتزامن مع "تواصل التعبئة الشعبية مع الإبقاء على طابعها السلمي والموحد".
اقــرأ أيضاً
ونجح الناشطون في حشد وتعبئة المتظاهرين للنزول إلى الشارع عقب صلاة الجمعة، بعد بروز ملامح خطة أمنية صباح الجمعة للتضييق على الحراك وتقليص المساحة المسموح بها للتظاهر، إذ نزل الآلاف في العاصمة والتحقوا بالشارع، وتوجهت التظاهرات التي انطلقت من شارع ديدوش مراد وساحة الشهداء، مروراً بشارع عسلة حسين، بشعارات مناوئة للجيش، حيث رفعت لافتات متعددة، وهتف المتظاهرون: "دولة مدنية وليس عسكرية"، وطالبوا قائد الجيش برفع يده عن الخيارات السياسية، ورفعت لافتات تقول: "لا لسيسي جزائري"، ورفع أحدهم لافتة أخرى تقول "نزعنا البرويطة (الكرسي المتحرك) جبتو الكاطسيطة (القبعة)"، في إشارة إلى محاولة استبدال الرئيس بوتفليقة بقائد الأركان أحمد قايد صالح، وكتب آخر: "كأني أشم رائحة السيسي".
وتأتي هذه المواقف الشعبية المتشددة إزاء قائد الجيش، على خلفية خطابه الحادّ الثلاثاء الماضي، ضد تطبيق تدابير تهدئة طالبت بها هيئة الحوار الوطني ومجموع القوى السياسية، بينها كتلة التغيير التي أصدرت في السادس من يوليو/ تموز الماضي وثيقة سياسية جامعة، وتخصّ الإفراج عن نشطاء الحراك ورفع الحواجز والإغلاق الأمني على العاصمة وإنهاء التضييق والاعتقالات على المتظاهرين.
وتأتي هذه المواقف الشعبية المتشددة إزاء قائد الجيش، على خلفية خطابه الحادّ الثلاثاء الماضي، ضد تطبيق تدابير تهدئة طالبت بها هيئة الحوار الوطني ومجموع القوى السياسية، بينها كتلة التغيير التي أصدرت في السادس من يوليو/ تموز الماضي وثيقة سياسية جامعة، وتخصّ الإفراج عن نشطاء الحراك ورفع الحواجز والإغلاق الأمني على العاصمة وإنهاء التضييق والاعتقالات على المتظاهرين.
وأعلن المتظاهرون عدم اعترافهم بهيئة الحوار الوطني، التي نصبها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الخميس ما قبل الماضي، برئاسة رئيس البرلمان الأسبق كريم يونس، وعضوية خمسة أعضاء آخرين، وانسحب منها حتى الآن عضوان هما إسماعيل لالماس وعز الدين بن عيسى، على خلفية خطاب قائد الجيش الأخير، ورفضه السماح بتنفيذ إجراءات تهدئة.
وكان واضحاً تصميم السلطات على الإبقاء على التدابير الأمنية نفسها في مداخل العاصمة ووسطها، بل الزيادة فيها، إذ شهدت العاصمة صباح اليوم نشر قوات كبيرة من الأمن، على طول ثلاثة شوارع، هي حسيبة بن بوعلي العقيد عميروش، إضافة إلى نشر شاحنات الشرطة قرب ساحة البريد المركزي وعلى الأرصفة، لتضييق مساحات التظاهر، كما أغلقت الشرطة ساحة صغيرة قرب ساحة البريد المركزي، ومنعت المتظاهرين من الوصول إليها، كما تعودوا كل جمعة، ما تسبب في توتر ومشاحنات بين المتظاهرين والشرطة التي اعتقلت عدداً منهم، بينهم ناشط بارز في جمعية "تجمع عمل شبيبة".
وخرج الآلاف في مسيرات مماثلة في مدن وهران ومستغانم غربي الجزائر، وعنابة وقسنطينة شرقي البلاد، إضافة إلى مسيرات حاشدة شهدتها مدن منطقة القبائل مباشرة بعد صلاة الجمعة، كالبويرة وبجاية وتيزي وزو، رفع فيها العلم الجزائري، ولافتات تطالب بتغيير النظام.