جدد طلبة الجامعات في الجزائر، اليوم، موعدهم مع المسيرات، ككل ثلاثاء منذ بدء الحراك الشعبي في الجزائر في الـ22 من فبراير/ شباط الماضي، لدعم الحراك الشعبي والتأكيد على مطالبه المركزية، والدعوة إلى الاستبعاد الفوري لحكومة نور الدين بدوي، ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية في ظروف غير مناسبة، ووقف حملة الاعتقالات ضد الناشطين في الحراك الشعبي.
ودخل الحراك الطلابي في الجزائر اليوم أسبوعه الـ31، وتجمع الطلبة في ساحة الشهداء لبدء مسيرة جابت شوارع وسط العاصمة، عبر ساحة الأمير عبد القادر وشارع الشهيد العربي بن مهيدي، وصولاً إلى ساحة البريد المركزي وساحة أودان قرب الجامعة المركزية في قلب العاصمة الجزائرية.
ورفع المحتجون شعارات "لا انتخابات مع العصابات"، رغم الضمانات التي قدمتها السلطة الفعلية في الجزائر، عبر تنصيب الهيئة المستقلة للانتخابات. وكتب على إحدى اللافتات "لن نصوت قبل أن ترحلوا"، و"سرقتم ماضينا لن تسرقوا مستقبلنا".
وأكدت الطالبة أم الخير سوامي، من جامعة اللغات ببوزريعة في العاصمة الجزائرية، أن "الانتخابات هي الحل لإحداث القطيعة مع منظومة الحكم السابقة ولكن ليس بأدواتها".
وزاد الحنق الطلابي على الحكومة في احتجاجات الثلاثاء، تزامناً مع حادثة وفاة الرضع الثمانية بولاية الوادي، والتي وصفها المتظاهرون بالجريمة التي تتحمل الحكومة مسؤوليتها، واعتبروا أن الحادث يؤكد عدم صلاحية الحكومة الحالية، وقام أحد الطلبة بربط يديه بسلاسل، في مشهد رمزي يحيل إلى محاولة السلطة تقييد الإرادة الشعبية المتضمنة في المادتين السابعة والثامنة من الدستور.
وصرخ المتظاهرون بهتافات: "بركات بركات (يكفي) من حكومة العصابات"، وهو الشعار نفسه الذي نادت به الجموع المشاركة في الجمعة الأخيرة، ودعوا الشعب إلى مزيد من الصمود لأجل الضغط على السلطة للاستجابة للمطالب الشعبية.
وأكد الناشط في الحراك الشعبي، طالب كلية العلوم والتكنولوجيا، حليم بلبلاي، لـ"العربي الجديد"، أن "التغيير سيحدث إن صمدنا أمام بقاء الحكومة التي تسعى إلى ربح المزيد من الوقت وكسب رهان انتخابات نهاية السنة".
كذلك دعا الطلبة في مظاهرات اليوم، التي شارك فيها عدد كبير من المواطنين، إلى تقويض وسحب خطابات الفتنة بين الشعب الجزائري، حاملين شعار "الشعب والجيش خاوة خاوة (إخوة)" و"نريدها بالابتسامة مش بالعداوة".
وقالت الطالبة نورية بلهني، من كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، إن "خروج الطلبة المستمر والتضامن في ما بينهم وإصرارهم على الوقوف يدا واحدة كفيل بسد الطريق أمام أصحاب الفتنة"، مشيرة إلى "ضرورة وقف خطابات الكراهية على الفضاء الافتراضي وصب مزيد من الزيت على النار، بهدف خلق الكثير من الجدال وتشتيت أهداف الحراك الشعبي الذي مكن من عدم مرور العهدة الرئاسية الخامسة للرئيس السابق بوتفليقة".
وواجه المتظاهرون حصاراً أمنياً محكماً، إذ نشرت السلطات أعداداً من قوات الأمن والشرطة لمراقبة المظاهرات، لكنها لم تتدخل اليوم وظلت تراقب الوضع عن بعد.
وإضافة إلى العاصمة الجزائرية، خرجت مظاهرات طلابية في عدد من الولايات الجزائرية، تأكيدا للتلاحم مع مطالب الحراك المشروعة، كولايات قسنطينة وعنابة وباتنة، شرقي الجزائر، ووهران، غربي الجزائر.
واعتبرت الطالبة في كلية الحقوق بولاية باتنة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "استمرار مسيرات الطلبة وعودة الزخم الكبير لمظاهرات الحراك يوم الجمعة يؤكدان إصرار الشعب على ذهاب الحكومة الحالية، والاستقلالية التامة للسلطة العليا المستقلة للانتخابات، وتجريد كل مؤسسات الدولة من صلاحيات إجراء العملية الانتخابية إن أردنا انتخابات شفافة ونزيهة".
120 شخصية تطالب بوقف الاعتقالات
واليوم، وجهت أكثر من 120 شخصية بين ناشطين سياسيين ومدنيين وأساتذة جامعين وعاملين في مجال حقوق الإنسان ونقابيين وصحافيين، لائحة تطالب السلطات بـ"الوقف الفوري للقمع ضد الشعب الجزائري، وإنهاء حملة الاعتقالات التعسفية وغير القانونية التي مست مواطنين وشخصيات عامة ناشطة في الحراك الشعبي السلمي، في الأسابيع الأخيرة ، والتي تهدد كل من يطالب بالتغيير الجذري ويُخالف الخيارات الأحادية لسلطة الأمر الواقع".
ولفتت اللائحة إلى أن هذه الممارسات التي وصفتها بالقمعية التي "لم تستثن رموز ثورة التحرير الوطنية ولا نشطاء النضال السياسي، المناهضين للفساد والمناضلين من أجل الحريات الجماعية والفردية، ومست كل شرائح المجتمع بجميع تياراته الأيديولوجية"، واعتبروا أنها تدخل في سياق مجالات "التخويف الجماعي هذه المفروضة من قبل أصحاب القرار حاليا، تهدف إلى منع بروز رؤوس للثورة الشعبية السلمية وكذلك إلى كسر التعبئة الشعبية الهائلة التي تتصدى ضد هيمنة النظام التسلطي ورموزه".
وندد الموقعون على اللائحة "بانتهاك الحقوق الدستورية الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وخرق حرية التنقل المعترف بها قانوناً"، بعد التضييق الحاصل في حق المتظاهرين، وقرار قائد الجيش منع المواطنين القادمين من الولايات دخول العاصمة يوم الجمعة، وطالبوا بالإفراج اللامشروط عن جميع سجناء الرأي.
إلى ذلك، اعتقلت السلطات الجزائرية اليوم الممثل لخضر بوخرص، المعروف باسم "الحاج لخضر"، على خلفية مشاركته في الحراك الشعبي والطلابي اليوم، وأفرجت عنه بعد وقت قصير من توقيفه.
وتم توقيف بوخرص من قبل قوات الأمن قبل أن يتم الإفراج عنه في وقت لاحق، ضمن حملة اعتقالات تقوم بها السلطات الأمنية في الجزائر، تستهدف وجوهاً بارزة من الحراك الشعبي.
واعتقل الممثل بوخرص، الذي أعلن عن مواقف سياسية مناوئة للسلطة منذ بدء الحراك في فبراير/ شباط الماضي، قرب ساحة البريد المركزي وسط العاصمة الجزائرية، عندما كان يشارك مع الطلبة في مسيرتهم الاحتجاجية كل أسبوع.