ماذا بعد سقوط حكومة الجملي في تونس؟

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
11 يناير 2020
4950F0BC-7325-4273-97A2-7B7F54A12965
+ الخط -
بعد فشل حكومة الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان التونسي أمس الجمعة، تتحول المبادرة إلى ما يسمى بـ"حكومة الرئيس"، وهي المرة الأولى التي تفشل فيها حكومة في نيل الثقة من البرلمان مباشرة بعد تشكيلها. ويرى مختصون سياسيون أن تونس مرّت مباشرة إلى واقع جديد يحدّده الدستور التونسي، لكنه سيفرض سيناريوهات ويفرز مشهداً سياسياً جديداً.
وأكد أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق الهمامي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه بناء على عدم منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي، يتم قانونياً ودستورياً المرور إلى أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور، والذي ينصّ على أن رئيس الجمهورية، وبعد إجراء المشاورات مع الكتل النيابية والأحزاب، يتولى في ظرف 10 أيام تكليف الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في ظرف أقصاه شهر.
وأوضح الهمامي أن الدستور يتحدث فقط عن الشخصية الأكفأ، وهو ما يترك المجال واسعاً لرئيس الجمهورية الذي له السلطة التقديرية في اختيار رئيس الحكومة، مبيناً أن هذا الاختيار غير معزول عن رؤية رئيس الدولة للوضع العام في تونس وللشأن السياسي عموماً، وبالتالي سيتحدد الخيار وفق هذه الاعتبارات، مشيراً إلى أن المعنى الدستوري يقوم على تحديد الشخصية الأقدر، ولكن على رئيس الجمهورية أيضاً اختيار الشخصية القادرة على تمرير الحكومة، إذ لا معنى لاختيار شخصية تعجز عن نيل الثقة، لأنّ ما بعد هذه الفرضية يوجد سيناريو آخر، وهو حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات سابقة لأوانها.
وأفاد أستاذ القانون الدستوري بأنّه سبق لرئيس الحكومة الحبيب الصيد أن طرح حكومته من أجل تجديد الثقة ولكنها لم تمرّ، إلا أن حكومة الجملي هي أول حكومة لا تُمنح الثقة بعد تشكيلها، وهي سابقة في تونس يمكن فهمها حسب العديد من العناصر الموضوعية التي أدت إلى هذه النتيجة، ومنها نتائج الانتخابات التشريعية الحالية، والتي لم تفرز رابحاً ولا منهزماً واضحاً، وبالتالي كان هناك إنصاف للرابحين، وإنصاف للخاسرين، وبالتالي تتأكد هشاشة المشهد يوماً بعد يوم.
ولفت إلى أن "حركة النهضة" لم تكن اللاعب الرئيس، فالانتخابات لم تمنحها كل الأوراق السياسية، وبالتالي هي لعبت ضمن الأوراق الممنوحة لها، ومنها إدارة المفاوضات كحزب فائز، مبيناً أن البعض يعتقد أنه بفشل مرور حكومة الجملي، فإن "حركة النهضة" هي الخاسر الوحيد، وصحيح أنها خسرت، لكنها ليست الخاسر الوحيد مما حصل أمس الجمعة، إذ لديها عناصر قد تكون كسبتها، وهي رفع الحرج السياسي الذي كان مفروضاً عليها في تشكيل الحكومة. وأضاف: نلاحظ في خطاب "حركة النهضة" تأكيداً على أنها حاولت، وأن بقية الأطراف أفشلت المشاورات، وهو خطاب النجاح والإفشال، مؤكداً أن هذا الأمر يخفف عليها الضغط، وهي لا تزال طرفاً وازناً، وضمن اللعبة السياسية، ويمكنها التأثير من زاوية مريحة أكثر مما كانت عليه سابقاً.
وبيّن أن "النهضة" بصدد دفع ضريبة "الاهتراء السلطوي"، فوجودها في السلطة منذ 2011 إلى غاية اليوم لا يمكن أن يكون من دون ثمن، وهذا طبيعي لكل متابعي الشأن السياسي في تونس، وهو ما يفسّر ربما الفشل الذي مُنيت به أيضاً في تمرير بعض القوانين وفي تشكيل الحكومة.
ويرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، عبد المجيد العبدلي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تونس دخلت في خيارات أحلاها مرّ، فمرور حكومة الجملي كان سيكون له عديد التداعيات السياسية، بسبب اللجوء إلى أشخاص يفتقرون إلى النزاهة، وبعضهم متورّط في ملفات فساد، واختيارهم كان خطأ منذ البداية، ولكن فشل الجملي والمرور إلى حكومة الرئيس هو أيضاً مرحلة أخرى ستتطلب مشاورات جديدة كانت تونس في غنى عنها.
وبيّن أن من بين أسباب فشل الجملي عدم التزامه بمكونات البرلمان، وكان عليه الالتزام بالأحزاب الموجودة في البرلمان والممثلة، وليس اختيار شخصيات مستقلة، مشيراً إلى أن "حركة النهضة" تتحمل أيضاً المسؤولية، لأنه لم تكن لديها الشجاعة لتتحمل المسؤولية، واختارت الهروب على تحمل الحكم، مشيراً إلى أنه لا يمكن لحزب فائز في البرلمان أن يفشل في تشكيل الحكومة بعد كل المفاوضات التي خاضها.
وأفاد بأنّ الفشل كان متوقعاً وبادياً من الوهلة الأولى، والنتيجة التي تحصل عليها الجملي كانت مدوية لأنه كانت تكفيه 109 أصوات للمرور، ولكن ما لوحظ أن اصوات الرافضين كانت أكبر بكثير من عدد المصوتين للحكومة.
وأكد أن الحديث اليوم ليس حول الشخصية الأكفأ، بل حول الشخصية التي ستنجح في تمرير الحكومة وإقناع الأحزاب التي لديها أكثر المقاعد في البرلمان بالتصويت لفائدتها، إذ لم يعد المجال ممكناً للتخفي وراء الأكفأ والأجدر، مبيناً أن من سينجح في نيل ثقة الأحزاب الممثَلة برلمانياً هو الذي سيمرّ، وأن جميع الأحزاب تتحمل المسؤولية أيضاً في الفشل الحاصل، وعليها تحمّل المسؤولية في الحكم، خصوصاً أن النتائج متقاربة، وعلى كل طرف احترام الآخر.
وأشار إلى أن سيناريو إجراء انتخابات جديدة في صورة فشل حكومة الرئيس وحلّ البرلمان، يظل سيناريو ضعيفاً، لأن أغلب الأحزاب لن تكون من مصلحتها إعادة الانتخابات.

ذات صلة

الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
المساهمون