أمام هذا الواقع، وبفعل أهمية البرلمان الأوروبي، والدور الذي يلعبه في سن قوانين تخص أكثر من 500 مليون مواطن أوروبي، يبدو أن الناخب البريطاني سيكون له دور مؤثر بمساهمته في إيصال نواب متشككين للاتحاد الأوروبي، وقد يزيدون من زخم وحضور جناح الأحزاب اليمينية الشعبوية في بروكسل، التي تتحضر للمشاركة بكثافة بغية الحصول على نسبة تزيد عن 20% المتوقعة في استطلاعات الرأي الأخيرة.
وفي هذا الإطار، يبرز إعلان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، زعيم حزب "فيدس" الذي علقت عضويته في حزب الشعب الأوروبي، أمس الإثنين، عدم التصويت للمرشح مانفريد ويبر، المدعوم من المحافظين؛ وإن حصل وانضم الـ13 نائبًا المرشحين للوصول عن المجر إلى اليمينيين الشعبوييين مع المتشككين في الاتحاد من النواب البريطانيين، فإن تكتلهم في البرلمان قد يفوق المحافظين؛ ما يعدّ سابقة في تاريخ البرلمان الأوروبي، وقد يترجم بتحجيم أحزاب اليمين الشعبوي للمحافظين، ودعم مرشح عن الخضر مثلًا، في وقت يعتبر المرشحون الرئيسيون عن الأحزاب التقليدية الأوروبية أن انتخابات البرلمان الأوروبي، وهو أكبر تجمع لوفود الأحزاب الوطنية الأوروبية التي يتم تحديدها من خلال القوائم، ستكون "خيارًا مصيريًا" لرفاهية أوروبا.
وللمفارقة، فإن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد في موقف غريب، وهم مضطرون للقتال من أجل الحصول على مقاعد برلمانية أوروبية، وهم الرافضون لفكرة الاتحاد الأوروبي بشدة، والمشاركة البريطانية قد تتسبب بفوضى بعد الاتفاق على الخروج البريطاني من الاتحاد بعد المشاركة في الانتخابات الأوروبية، وهناك مشكلتان رئيسيتان؛ الأولى أنه تم تخفيض عدد نواب البرلمان الأوروبي من 751 إلى 705 مقاعد، وتم البت في ذلك على ضوء استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما ستتم إعادة توزيع 27 مقعدًا من أصل 73 مخصصة لبريطانيا على الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا وأيرلندا، لكن بالنسبة لألمانيا، فإن عملية إعادة التوزيع لن تجدي نفعًا، ولن تغير شيئًا من حصة برلين. والمشكلة الثانية أن مشاركة بريطانيا أولًا قد تسمح لأعضاء البرلمان الأوروبي البريطانيين بتحديد مصير المجتمع الأوروبي قبل خروجهم، عبر مشاركتهم، مثلًا، في التصويت على الميزانية وانتخاب الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، ما قد يدفع لشل الاتحاد مستقبلًا لعدة أشهر.
يشار إلى أنه وبحسب ما ذكرت أخيرًا صحيفة "تاغس شبيغل"، فإن الخبراء يتوقعون أن تكون الانتخابات الأوروبية في بريطانيا العظمى على غرار الانتخابات المحلية التي حصلت أخيرًا، أي نوعًا من إعادة التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث خسر المحافظون 1335 مقعدًا من أصل 4000 والأغلبية في 45 مجلسًا محليًا مقارنة بأربعة أعوام مضت، فيما خسر العمال 86 مقعدًا ولم يستطع الاستفادة من ضعف المحافظين، وكان الفائزون الصريحون هم الليبراليون الديمقراطيون أصدقاء الاتحاد الأوروبي بحصولهم على 704 مقاعد إضافية.