وتشير معلومات وتقارير متقاطعة إلى أن قايدي، وهو جنرال من القيادات الشابة في الجيش، يعدّ أبرز المرشحين لهذا المنصب، في سياق سلسلة تغييرات قد يقدم قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، على اتخاذها لإعادة ترتيب المؤسسة الأمنية في علاقة بتطورات الوضع الراهن.
وبرز قايدي في مؤتمر سابق نظمه الجيش، تحدث فيه عن مشكلات فكرية لها علاقة بالتطرف والفهم الخطأ للدين.
وأمس، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية إعادة إلحاق جهاز الاستخبارات إلى وصايتها بعد أربع سنوات من إلحاقه بالرئاسة، من قبل الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بعد إقالته حينها للقائد السابق للجهاز الفريق محمد مدين.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية مساء الجمعة، عن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع الجزائرية، أنه تقرر "وضع هذه الهيئة التي كان يسيّرها الفريق بشير طرطاق منذ عام 2015 إلى وصاية وزارة الدفاع".
وأكد المصدر نفسه انتهاء مهام الفريق عثمان طرطاق المدعوّ بشير، مستشاراً لدى رئاسة الجمهورية مكلفاً بالتنسيق بين المصالح الأمنية بعد أربع سنوات قضاها في هذا المنصب.
وفي السياق، كشف النقاب عن إقالة الجنرال علي بن داود من منصبه مديراً لجهاز الأمن الخارجي، وهو أحد أفرع جهاز المخابرات، بعد أقل من شهر على تعيينه في هذا المنصب من قبل بوتفليقة، إذ خلف في المنصب الفريق محمد بوزيت المدعوّ يوسف، في 13 مارس/ آذار الماضي.
حلّ سياسي يتجاوز الدستور
وتلقي الأزمة السياسية الراهنة في الجزائر بظلالها على مواقف الأحزاب الفاعلة في المشهد، لفك الانسداد الحاصل على خلفية تمسك مؤسسة الجيش بالحلول الدستورية، التي تؤدي إلى تولي رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة، واستبقاء الحكومة الحالية برئاسة نور الدين بدوي، وهو ما يرفضه الشارع والقوى السياسية المعارضة، التي تطالب بحل سياسي يتجاوز النص الدستوري.
ودعا رئيس "حركة مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) عبد الرزاق مقري، إلى دعم مقترحات بتوفير حل سياسي يتجاوز الدستور، وقال مقري في تغريدة نشرها على حسابه على "تويتر": "حين تكون بوصلتنا هي بوصلة الحريات وإنهاء التزوير الانتخابي فسنجد الطريق جميعاً، سنقرأ الحراك الشعبي قراءة صحيحة وسنفهم نصوص الدستور فهماً دقيقاً، وسيكون خروجنا الاضطراري عن الإطار الدستوري هو الالتزام بالدستور ذاته".
لكن "حركة البناء الوطني" تبدي في المقابل تمسكاً بالدعوة إلى الالتزام بالحلول الدستورية للخروج من الأزمة. ونشر رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة تقدير موقف سياسي، جاء فيه أنه يقترح البقاء داخل الأطر الدستورية على أن "يقدم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح استقالته لينوب عنه رجل ليس لديه خصوم مع الحراك الشعبي"، الذي يرفض توليه رئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية. كما اقترح "تقديم الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري استقالته لينوب عنه نائبه، وأن يقدم رئيس الحكومة نور الدين بدوي استقالته لينوب عنه أي وزير لتصريف أعمال الحكومة".
وأكد بن قرينة، الذي كان قدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، أنه وفقاً لهذه المقترحات "نبقى ضمن الحلول الدستورية، وبنفس الوقت استجبنا لمطالب الشعب بانسحاب هؤلاء، حينها يمكن أن نقول بأننا نجحنا وتجاوزنا ألغام العصابة للإيقاع بين الجيش وشعبه".
من جهته، جدد حزب "جبهة القوى الاشتراكية" الدعوة إلى تشكيل مجلس تأسيسي يعيد بناء الجمهورية الثانية، وقال المتحدث باسمه في مؤتمر مع مناضلي الحزب عقد بمدينة تيزي وزو المعقل الرئيس للحزب، إن "الوضع السياسي الذي تمر به الجزائر يعطي مشروعية كبيرة للمبادرة السياسية للخروج من الأزمة ولبناء الجمهورية الثانية، وهي مبادرة ظل حزبنا يقدمها في مختلف المحطات كعرض للسلم والحوار الدائم".
وتأتي هذه المواقف، في ظل تمسك الجيش الجزائري بتنفيذ رؤيته لحل للأزمة السياسية، داخل الإطار الدستوري. وجدد الجيش موقفه أمس الجمعة، عبر افتتاحية نشرتها المجلة الناطقة باسم الجيش، إذ أكدت أن اقتراح تطبيق المادة 102 من الدستور، التي طرحها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح منذ 26 مارس/ آذار الماضي، وأكدها في بيانات وخطابات متتالية "يسمح للجزائر بعبور الوضع الحالي بسلام، ومن ثم تجنب سيناريوهات قد تدفع بها نحو المجهول".