ورفضت أحزاب وشخصيات معارضة مضمون خطاب سياسي ألقاه بن صالح، ليل أمس الجمعة، وأجمعت المعارضة كما الحراك الشعبي على رفض تمديد بن صالح لعهدته الرئاسية ما بعد التاسع يوليو/تموز، ووصفته بمحاولة "تحايل سياسي". وقال المتحدث باسم حزب "طلائع الحريات"، الذي يقوده رئيس الحكومة السابق علي بن فليس؛ أحمد عظيمي، إن "خطاب بن صالح لم يقدم أي معطى جديد لحل الأزمة، بالعكس فهو مارس لعبة الهروب إلى الأمام من خلال الإبقاء على نفسه والتمسك بمنصبه".
وتابع عظيمي أن: "بن صالح يعلم أن أحزاب المعارضة ورموز الحراك الشعبي ترفض الحوار معه ومع الحكومة، وآخر اجتماع مشترك ضم ثمانية أحزاب سياسية معارضة فاعلة تضمن الدعوة لرحيل رموز نظام بوتفليقة ورفض أي حوار معها".
بدوره، اعتبر رئيس حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر)، عبد الرزاق مقري، أنّ تظاهرات، الجمعة الـ16 من الحراك الشعبي، تمثل أبرز رد على دعوة بن صالح للحوار والتوافق حول الانتخابات الرئاسية، وتؤكد على تمسك واضح للشعب بمطلب رحيل رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة، مشدداً على أنّ الحل الوحيد المتاح هو الاستجابة لمطالب الشعب.
وقال أيضاً في تغريدة نشرها على "تويتر"، "من كان يحب الوطن بصدق فليقدر هذا الشعب وليستجب لمطالبه. ومن اعتقد بأنه يستطيع التحايل على الشعب وعلى هذا الحراك العظيم ويراهن على تقسيمه فهو واهم، وهو من يتآمر على الوطن".
Twitter Post
|
وأكّد أن "الحراك نجح في امتحان رمضان، ثم أنه سينجح في امتحان الاستئناف بشكل أقوى بعد شهر رمضان بنفس التحضر، وبنفس المطالب، وبنفس العزم وبنفس الإصرار".
Twitter Post
|
من جهتها، رأت حركة "البناء الوطني"، في بيان، أنّ "خطاب بن صالح لم يتضمن أية خطوات عملية لحل الأزمة السياسية الراهنة".
وشددت الحركة، التي يقودها وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، على أن الشروط الضرورية للحوار تبدأ بالاستجابة لمطلب الحراك الشعبي ترحيل حكومة نور الدين بدوي والوجوه التي يرفضها الحراك الشعبي، وإسناد إدارة الحوار إلى شخصية مستقلة تحظى بالتوافق ومن دون شروط سياسية مسبقة أو إقصاء.
على خطٍ موازٍ، قال الناشط السياسي ورئيس حزب اتحاد القوى الديمقراطية-غير معتمد- المعارض كريم طابو، في كلمة له خلال مسيرات الحراك الشعبي، أمس الجمعة، إن "خطاب بن صالح لا يقدم ولا يؤخر في حل الأزمة"، مضيفاً "سمعنا من قبل هذا الخطاب، النظام يستعمل الخداع والمكر والكذب لوقف مسيرة الشعب، ونستطيع أن نقول لقد انتهى زمن الكذب، لم نعد نثق بهم والشعب الجزائري يريد بناء بلاده بنفسه وإدارة شؤونه".
واعتبر طابو أنه "لا جدوى من إقامة حوار مع شخص مثل بن صالح"، قائلاً إن الأخير "كان عضواً في جميع العصابات وليس فقط مع عصابة بوتفليقة، في سنة 1994، كان رئيس المجلس الوطني الانتقالي، واستخدم كل الوسائل للحفاظ على العصابة في السلطة، وعندما وصل بوتفليقة للحكم كان بن صالح رئيساً لمجلس الأمة طيلة 20 سنة، وصادق على جميع القوانين التي أصدرتها العصابة ذاتها، وفي 2011 عندما حدثت الثورتان التونسية والمصرية، أنشأ بوتفليقة لجنة لتنفيذ الإصلاحات كان رئيسها صالح مرة أخرى".
لكن اللافت أن أحزاب وقوى المعارضة السياسية تريثت في التفاعل مع خطاب بن صالح، إلى حين رصد مواقف الحراك الشعبي في تظاهرات، أمس الجمعة، تخوفاً من إصدار مواقف تفاعلية قد تتصادم مع الحراك الشعبي، وهو ما يظهر أن أحزاب المعارضة المطلوب منها بذل جهد إضافي للمساعدة في فتح ثغرة في جدار الأزمة باتت أيضاً رهينة لمواقف الشارع الذي يحد من قدرة المعارضة من هامش أكبر للمبادرة السياسية. ويعتقد مراقبون أن هذا الوضع يغيب دور الأحزاب ويعتقلها داخل مواقف الحراك، بما لا يساعد البتة على حلحلة تدريجية للأزمة.
وفي الجهة المقابلة، ثمة كتلة سياسية موازية باتت تساند كل المقررات السياسية التي تصدرها رئاسة الدولة والجيش، استمراراً لمواقفها الداعمة لسياسات الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، وتضم هذه الكتلة الأحزاب ذاتها التي كانت تدعم بقوة خيار ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، لكن مواقف هذه الكتلة ليست ذات تأثير في المشهد بسبب المسافة متباعدة بينها وبين الحراك الشعبي الذي يطالب برحيلها أيضاً من المشهد السياسي.
وأعلن "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يقوده آخر رئيس حكومات بوتفليقة، أحمد أويحيى، والملاحق من قبل القضاء بتهم الفساد، أنه "يرحب بنداء رئيس الدولة الموجه للطبقة السياسية، والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية من أجل الالتحاق بحوار وطني جاد لتوفير شروط عقد انتخابات رئاسية نزيهة".
وقال الحزب إنه "حان الوقت لتطبيق المادة الثامنة من الدستور من خلال انتخاب رئيس الجمهورية"، مضيفاً أن "الجزائر تناشد جميع الوطنيين للجلوس معاً والتوجه مع بعض للانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، لكي تضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
وبدوره، قال "التحالف الوطني الجمهوري"، الذي يقوده مساعد سابق لوزير الخارجية بلقاسم ساحلي، إن "دعوة رئيس الدولة إلى الحوار تنسجم مع موقف الحزب منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد، والتي تعتبر بأن الحوار الشامل والجاد وغير الإقصائي، هو السبيل الوحيد لتجاوز تعقيدات المرحلة، في إطار الحل الدستوري والانتخابي".
ودعا "جميع الشركاء من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وممثلي الحراك الشعبي، إلى تغليب المصالح العليا للأمة فوق المصالح الحزبية أو الشخصية الضيقة، والشروع دون تضييع لمزيد من الوقت، في حوار مسؤول".
وعبرت "الحركة الشعبية" الجزائرية العضو في تحالف سابق لدعم بوتفليقة، ويقودها وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، عن استعدادها المشاركة في الحوار الذي دعت إليه الدولة الجزائرية، "يفضي إلى انتخابات رئاسية، والتي تعتبر الحل السياسي والديمقراطي الذي يسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتع بالشرعية والمصداقية"، لافتةً إلى أن "الرجوع إلى صناديق الاقتراع في أقرب الآجال الممكنة يجب أن يسبقه إنشاء هيئة انتخابية مستقلة والتي تضطلع بمهمة ضمان شفافية وحرية الانتخابات المقبلة".