وخضع سلال، وهو كان أحد أبرز المقربين من الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، للتحقيق في تهم فساد وجهها له القضاء، إذ مثل منذ صباح اليوم الخميس أمام قاضي التحقيق المكلف لدى المحكمة العليا.
وواجه سلال الذي تم التحقيق معه، في 16 مايو/ أيار الماضي، بحسب وثيقة قضائية، ثلاث تهم تتعلق بمنح امتيازات غير مبررة، وإساءة استغلال الوظيفة، واستعمال أموال عمومية على نحو غير مشروع.
وبالإضافة إلى سلال، أمر قاضي التحقيق المكلف لدى المحكمة العليا بإيداع وزير التجارة السابق عمارة بن يونس السجن، بعد ساعتين من التحقيق معه بتهم فساد، في قضية بطلها زعيم الكارتل المالي علي حداد.
ووجه قاضي التحقيق إليه تهمة الفساد، تخص منح امتيازات بطريقة غير قانونية ولمن لا يستحقها، وتبديد أموال عمومية واستغلال السلطة والنفوذ وتعارض المصالح.
وعمارة بن يونس هو رئيس حزب "الحركة الشعبية الجزائرية"، ذو التوجهات التقدمية، وكان قد انشق قبل سنوات عن حزبه المعارض "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، والتحق بالسلطة والحكومة.
وترتبط هذه التهم، بقضية حصول رجل الأعمال علي حداد، على امتيازات من قبل الحكومة في قطاعات الإنشاءات الخاصة بالطرق السريعة والسكك الحديدية، غير مطابقة للمواصفات القانونية، وفي أراضٍ للاستثمار الزراعي، بمقابل منحه امتيازات وعمولات لوزراء وعائلاتهم.
وتسربت معلومات من جلسة التحقيق اليوم، أكدت أن سلال طلب من قاضي التحقيق إعلان مباشرة قراره النهائي بإيداعه السجن، وإرجاء الرد إلى جلسة المحاكمة، إذ يعتقد أن قرار سجنه كان جاهزاً.
وعمت الاحتفالات الجزائر بعد الإعلان عن سجن سلال اليوم. وتجمع العشرات أمام سجن الحراش في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، في انتظار سيارة الشرطة التي تقل سلال، هاتفين شعارات "كليتو البلاد يالسراقين" (نهبتم البلاد يا لصوص).
وأقدمت نسوة على إطلاق الزغاريد تعبيراً عن الفرحة بقرار المحكمة، فيما ردد المحتفلون شعار "أويحيى وسلال في السجن، ما زال خالد نزار"، في إشارة إلى مطالبات بملاحقة وزير الدفاع السابق خالد نزار، المسؤول الأول عن الأزمة الأمنية التي شهدتها البلاد في التسعينيات، وذهب ضحيتها الآلاف.
ونقلت قنوات محلية مباشرة الأجواء الاحتفائية. وقال رياض شتيح، وهو كان تعرض في السابق للإقصاء والملاحقة من قبل الحكومة لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر يتعلق بعدالة إلهية تتحقق، وبنهاية مسؤولين ظلموا الجزائريين كثيراً".
وشددت قوات الأمن التعزيزات الأمنية قرب السجن، لمنع وصول المتظاهرين والصحافيين إلى سيارة الشرطة التي تقل سلال، بعد محاولة المحتفلين أمس إلقاء علب زبادي على أويحيي.
وهذه سابقة تاريخية وقضائية في تاريخ الجزائر، أن يتقرر سجن رئيسي حكومة مرة واحدة، وإخضاع وزير النقل السابق عبد الغني زعلان للرقابة القضائية، وسحب جواز سفره وإلزامه بالتوقيع مرة كل شهر أمام قاضي التحقيق، في انتظار ما يتقرر بشأن 11 وزيراً آخرين يتم التحقيق معهم تباعاً هذا الأسبوع، بمعدل وزيرين كل يوم.
وكان قاضي التحقيق المكلف لدى المحكمة العليا، قد قرر، أمس الأربعاء، إيداع رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، السجن المؤقت، على ذمة التحقيق بتهم فساد، فيما قرّر إبقاء وزير النقل السابق عبد الغني زعلان، قيد الإفراج ووضعه تحت الرقابة القضائية، برغم طعن النيابة العامة في هذا القرار ومطالبتها بإيداعه السجن.
وقررت المحكمة جدولة التحقيق، كل يوم، مع اثنين من المسؤولين المتورطين في قضية الفساد التي يلاحق فيها وزراء سابقون؛ هم وزراء النقل السابقون عمار تو، وبوجمعة طلعي، وعمار غول، والأخير رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، ووزير المالية السابق كريم جودي ووزير الفلاحة عبد القادر بوعزقي، ووزير الموارد المائية السابق حسين نسيب، بتهم منح امتيازات غير مبررة وإساءة استغلال الوظيفة، واستعمال أموال عمومية على نحو غير مشروع.
ويلاحق في القضية ذاتها، محافظ العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ الذي أُقيل من منصبه، قبل شهر، والمحافظ الحالي لولاية البيض جنوب غربي الجزائر محمد جمال خنفر.
ويلاحق أغلب هؤلاء المسؤولين بمن فيهم رئيسا الحكومة السابقان أويحيى وسلال، إضافة إلى الوزير السابق للصناعة يوسف يوسفي، ووزير السياحة السابق عبد القادر بن مسعود، في قضية فساد ثانية تم التحقيق فيها من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة عبان رمضان وسط العاصمة الجزائرية، الإثنين الماضي.
وتخص القضية رجل الأعمال محيي الدين طحكوت، بشأن مصنع للسيارات أنشأه دون احترام المعايير القانونية، وتضخيم فواتير توريد هياكل السيارات.
إطلاق سراح غديري
وفي سياق آخر، أطلق القضاء العسكري اليوم سراح الجنرال السابق في الجيش علي غديري، بعد إلزامه بعدم خرق واجبات التحفظ والتعرض للجيش والمؤسسة العسكرية.
وكان غديري، وهو مرشح سابق لانتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل الماضي قبل إلغائها، قد اعتقل مساء أمس بأمر من القضاء العسكري لإخلاله بواجب التحفظ المفروض على الضباط والعسكريين بعد التقاعد ونهاية الخدمة العسكرية، وخرق بقانون اغسطس 2016 الذي يمنع الضباط والعسكريين من الحديث في الشان السياسي في علاقة بالجيش، والقضايا العسكرية.