بدأ الجيش التركي، اليوم الجمعة، بتسيير دوريات مراقبة في المنطقة منزوعة السلاح في محيط محافظة إدلب، شمال غربي سورية، في خطوة وصفها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بأنّها "هامة" لحفظ الاستقرار وضمان وقف إطلاق النار في المنطقة.
وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "تم رصد خروج أول دورية عسكرية، اليوم الجمعة، تضم قرابة عشر عربات مصفحة وسيارة مدنية، تحمل الأعلام التركية من نقطة المراقبة التركية الواقعة في منطقة العيس، شمال شرقي إدلب، متجهة نحو سراقب".
وأوضحت المصادر أنّ نقاط المراقبة التركية أبلغت الأهالي، صباح اليوم، أنّ الدوريات سيتم تسييرها في كافة المناطق التي تخضع لاتفاق المنطقة منزوعة السلاح في أرياف إدلب وحلب وحماة، ونصحتهم بعدم الاقتراب من الدوريات حفاظاً على سلامتهم.
وقالت المصادر إنّ الدورية الأولى سارت بالتزامن مع تحليق طيران استطلاع يُعتقد أنّه روسي، في الجهة المقابلة الخاضعة لسيطرة النظام السوري والمليشيات التابعة له.
وأكدت المصادر أنّ عموم المناطق في محيط إدلب تشهد هدوءاً تاماً، منذ فجر اليوم الجمعة، وذلك بعد تعرّض بعض المناطق ليلاً لقصف مدفعي من قوات النظام.
وتأتي خطوة تسيير الدوريات بعد ارتفاع حدة الاحتجاجات من قبل الأهالي على الضامن التركي لاتفاق "خفض التصعيد" واتفاق "المنطقة منزوعة السلاح"، وذلك بسبب تصاعد القصف من قبل النظام السوري على المنطقة.
ويقيم الجيش التركي ثلاث عشرة نقطة مراقبة في شمال غرب سورية، على امتداد أرياف حلب وإدلب وحماة، مهمتها مراقبة تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع حلفاء النظام: روسيا وإيران.
وتوصلت تركيا وروسيا إلى توقيع اتفاق في مدينة سوتشي الروسية، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، تم بموجبه إنشاء منطقة آمنة في محيط إدلب بين مناطق النظام والمعارضة، بحدود تراوحت بين 15 و20 كيلومتراً، خالية من السلاح الثقيل.
وبدأت قوات النظام، منذ مطلع فبراير/شباط الماضي، تصعيداً عسكرياً على المنطقة منزوعة السلاح، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من المدنيين، وتهجير نحو 100 ألف مدني آخرين من ريفي إدلب وحماة.
وكان القصف من قوات النظام على المنطقة منزوعة السلاح قد أسفر، أمس الخميس، عن مقتل أربعة مدنيين على الأقل، بينهم طفلة وامرأة، فضلاً عن إصابة عشرة آخرين، بينهم امرأتان وأربعة أطفال، بحسب الدفاع المدني السوري في إدلب.
وزير الدفاع التركي: "خطوة هامة"
في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اليوم الجمعة، أنّ دوريات روسية في المنطقة الحدودية خارج إدلب، وأخرى للقوات المسلحة التركية، ستنطلق في المنطقة منزوعة السلاح، اليوم، واصفاً إياها بأنّها "خطوة هامة" لحفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار.
وقال أكار، خلال استضافته في اجتماع محرري وكالة "الأناضول"، بمقر الوكالة في العاصمة أنقرة، وفق ما ذكرت اليوم الجمعة، إنّ "عملية الفرز بين المعارضة والمجموعات الراديكالية في إدلب لا تزال متواصلة".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد قال، الأربعاء، إنّ تركيا لديها مسؤوليات في الفصل بين المعارضة السورية المسلحة وتنظيم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، مضيفاً، وفق ما أوردت "الأناضول": "ندرك مخاوف تركيا حول أمنها ويهمنا البحث عن سبل محددة للخروج من الأزمة السورية، واستعادة سورية السيادة على أراضيها".
وشدد وزير الدفاع التركي على أنّ قوات بلاده "قادرة على تولّي الأمن بمفردها في المنطقة الآمنة في شمال شرقي سورية، وستتواجد هناك حتماً"، مؤكداً أنّه "لا يوجد أي تواصل لنا مع النظام السوري، وتواصلنا قائم مع روسيا وعند الضرورة مع إيران".
وأعلن أنّه "اعتباراً من اليوم زالت بعض التهديدات المتعلقة بالمجال الجوي لإدلب وعفرين"، وقال إنّ "أكبر شكوى لدينا من النظام السوري خرقه لوقف إطلاق النار.. ننتظر منهم الالتزام به، ونطلب من الروس وقف النظام عن شن الهجمات في إدلب".
وحذر من أنّه "إذا استمرت الهجمات في إدلب وبدأت الهجرة، فإنّ لجوء 3.5 ملايين شخص لن يكون فقط إلى تركيا وأوروبا وإنّما أيضاً إلى الولايات المتحدة".
من جهة أخرى، كرر أكار القول إنّه "لا توجد أي مشكلة مع أشقائنا الأكراد"، مجدداً مطالبة واشنطن بشأن سحب الأسلحة من "وحدات حماية الشعب" الكردية، وإخراج عناصرها من منطقة منبج بمحافظة حلب، شمالي سورية.
Twitter Post
|
وتوصّلت واشنطن وأنقرة، في يونيو/حزيران 2018، لاتفاق على "خارطة طريق" حول منبج، تضمن إخراج مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية.
وقال أكار: "نحترم وحدة أراضي وسيادة جيراننا وعلى رأسهم سورية والعراق، وما يشغلنا هو أمننا القومي"، مضيفاً أنّ تركيا "هي الدولة الوحيدة التي حاربت إرهابيي داعش وجهاً لوجه وحيّدت أخطر إرهابييها".
وعلى صعيد آخر، أكد وزير الدفاع التركي أنّ بلاده "ماضية قدماً" في صفقة شراء منظومة "إس 400" الروسية للدفاع الجوي، وستنشر منصاتها بداية من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأمس، الخميس، أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، أنّ تركيا تخطط لاستلام الدفعة الأولى من منظومة "إس 400" الروسية، في يوليو/تموز المقبل، موضحاً أنّ ذلك لا يعني أنّها لن تشتري "باتريوت" الأميركية.
وأدت هذه القضية لتفاقم العلاقات بين واشنطن وأنقرة، الحليفين في حلف شمال الأطلسي، "الناتو"، إذ تقول واشنطن وحلفاؤها في "الناتو" إنّ المنظومة الصاروخية الروسية لا تتوافق مع مثيلاتها التابعة لدول الحلف، وتشكّل "تهديداً أمنياً"، على حد قولها.