صفقة استبدال البوابات الإلكترونية وإزالة كاميرات باحة الأقصى: الخشية من الانفجار
وبموازاة ذلك قام الاحتلال منذ الأمس، بوضع ونصب حواجز حديدية لفتح ممرات لعبور المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، بدلا من البوابات الإلكترونية، لحين استكمال الشرطة الإسرائيلية، وفق بيان رسمي صدر عن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صباح اليوم، خطط عملياتها لفرض إجراءات وترتيبات أمنية في المكان، تشمل تركيب كاميرات ووسائل تكنولوجية متطورة.
وجاء قرار الكابينت الإسرائيلي في ظل الأزمة الدبلوماسية مع الأردن، والتي اندلعت بعد إقدام رجل أمن في السفارة الإسرائيلية في عمان، بقتل مواطنين أردنيين، بادعاء أن أحدهما حاول طعنه، فيما قتل الآخر متأثرا بجراحه من رصاصة طائشة وفق الرواية الإسرائيلية. وحاول ديوان نتنياهو منذ ظهر أمس، رفض أي ربط بين الأزمة مع الأردن وبين قرار رفع البوابات الإلكترونية، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت صباح اليوم عن وزراء شاركوا في جلسة الكابينت، أن الموضوع الأردني "والصفقة" مع الأردن كان حاضراً في مخيلة الجميع قبل اتخاذ القرار.
وبالرغم من أن بعض المراقبين اعتبروا أن أزمة السفارة الأردنية منحت نتنياهو فرصة أفضل للخروج من مأزق نصب البوابات الإلكترونية، دون أن يظهر بمظهر المنكسر أمام الطرف الفلسطيني، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية، كررت صباح اليوم القول إن موقف الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" كان له أثر بالغ في تغيير تصويت أعضاء الكابينت.
وهو موقف سبق أن ذكرته الصحف أمس قبل انعقاد الكابينت السياسي والأمني، إذ أشارت إلى أن الكابينت الإسرائيلي كان من المقرر أن يصدر قراره الأحد، لكن اندلاع الأزمة في عمان أدى إلى انصراف الكابينت دون أن يصوت الوزراء على قرار بشأن رفع البوابات الإلكترونية.
وفي هذا السياق، أشار موقع "معاريف" اليوم إلى أن قرار رفع البوابات جاء أيضا بفعل إصرار الجيش وقيادة "الشاباك" على التحذير أمام أعضاء الكابينت من الحجم الكبير للإنذارات الاستخباراتية التي تشي باحتمال انفجار كلي للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة وليس فقط في القدس، وأنه فقط من خلال إعادة الوضع في المسجد الأقصى إلى ما كان عليه قبل 14 من الشهر، هو الأمر الوحيد الكفيل باستعادة الهدوء في القدس المحتلة والضفة الغربية ومنع تدهوره
ومع ما يبدو، إسرائيليا، على الأقل، أنه إغلاق لملف البوابات، اتضح من التفاصيل المختلفة التي نشرتها الصحف الإسرائيلية في الأيام الماضية، أن قرار نصب البوابات الإلكترونية قد اتخذ عبر جلسة تشاور هاتفية، عندما كان نتنياهو خارج البلاد في جولة في المجر، وأن نتنياهو هو الذي أبلغ الشرطة بنصب البوابات الإلكترونية مع التعهد بإيجاد التمويل اللازم لشراء هذه البوابات، التي لم يتوفر منها في ذلك الوقت، عدد كاف، حيث قال نتنياهو إنه يعفي وزارة الشرطة من واجب نشر مناقصة لشراء بوابات إلكترونية.
إلى ذلك، تبين أن المشاورات المذكورة لم تكن مهنية، ولا كما هو متبع، وأن قرار نتنياهو كان نابعا أساسا من مخاوفه من المزايدة عليه سياسيا من قبل خصومه في اليمين الإسرائيلي وفي مقدمتهم نفتالي بينت، الذي عارض أمس خلال جلسة الكابينت رفع البوابات الإلكترونية، معتبرا أن ذلك "تنازل إسرائيلي كبير".
في المقابل فإنه لا يمكن إغفال حقيقة حجم الغضب الفلسطيني والثبات على مدار الأيام الماضية منذ نصب هذه البوابات، على موقف رافض لأداء الصلاة في المسجد الأقصى ما دامت هذه البوابات قائمة. وقد تراكم الغضب الفلسطيني منذ الأيام الأولى لنصب هذه البوابات إلا أنه انفجر في وجه قوات الاحتلال، يوم الجمعة الأخير، عندما شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الصلوات التي أقيمت حول المسجد الأقصى وعند مداخله، بالتزامن مع اندلاع موجة مواجهات متواصلة مع الاحتلال وقواته أسفرت في يوم جمعة الغضب وحده عن استشهاد ثلاثة شبان في يوم الجمعة، في كل من راس العامود والطور وسلوان، ثم تبعها في نفس اليوم تنفيذ شاب فلسطيني هو عمر العبد من قرية كوبر شمالي رام الله، عملية طعن في مستوطنة "حلميش" أسفرت عن مصرع ثلاثة إسرائيليين.
ويمكن القول إن هذه العملية مع اندلاع المواجهات مع الاحتلال خارج مدينة القدس، شكلت نقطة التحول في حسابات الاحتلال، وبدا الحديث علنا بعدها، عن موقف الجهات العسكرية والأمنية لبقاء هذه البوابات لما تحمله من خطر شديد على انفجار الأوضاع، خصوصل أن السلطة الفلسطينية كانت أعلنت هي الأخرى رسميا عن وقف كل الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وخفض التنسيق الأمني إلى حد وقفه كليا.
ومع حلول يوم السبت الأخير، كان واضحا أن حكومة الاحتلال تبحث عن مخرج لها من الأزمة، وبدأت تطرح حلولا بديلة للبوابات، لكن الإصرار الفلسطيني على رفض أي اقتراحات، زاد من عمق الأزمة، إلى أن تفجرت أزمة السفارة الإسرائيلية في عمان.
ففيما كان الكابينت الإسرائيلي، يجتمع ليلة الاثنين للبت في اقتراحات من الشرطة الإسرائيلية لوضع ترتيبات جديدة في محيط الحرم القدسي الشريف، والاتجاه نحو رفع هذه البوابات، قطعت الجلسة أكثر من مرة مع وصول الأخبار عن جريمة قتل المواطنين الأردنيين في شقة تابعة للسفارة الإسرائيلية في عمان، وهو ما جعل الكابينت ينفضّ دون اتخاذ قرار رسمي.
وشكلت الأزمة الدبلوماسية مع الأردن مخرجا ونقطة يمكن لها أن توفر سلما لحكومة الاحتلال للنزول عن الشجرة العالية، فيما بدا أن نتنياهو يحاول عدم الربط بين الملفين، إلا أن مصادر أردنية رسمية أعلنت أنه خلال الاتصالات بين العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وبين نتنياهو، الاثنين، طالب العاهل الأردني نتنياهو بإزالة البوابات الإلكترونية. وبحسب الصحف الإسرائيلية، فقد أبلغ نتنياهو العاهل الأردني، أن البوابات ستزال قريبا، وأن الكابينت بانتظار سماع تفاصيل حلول بديلة من الشرطة الإسرائيلية.
في غضون ذلك، كانت قد بدأت تتبلور ملامح صفقة أردنية – إسرائيلية لحل أزمة السفارة في عمان، بعد أن قام رئيس "الشاباك" الإسرائيلي، نداف أرغمان، ظهر أمس بزيارة لعمان، استغرقت أربع ساعات، تبين لاحقا أنه أجرى خلالها اتصالات مع المسؤولين في عمان لحل "إشكالية" الطلب الأردني بالتحقيق مع رجل أمن السافرة الإسرائيلية.
وبحسب "معاريف" فقد سمح أرغمان لعنصرين رفيعي المستوى من الشرطة الأردنية بأخذ إفادة من الحراس الإسرائيلي، بعد التعلل بكونه يحمل حصانة دبلوماسية، وهو ما مكن مبدئيا من حل الأزمة، إلا أن اللمسات الأخيرة كانت أيضا بفعل تدخل مبعوث الرئيس الأميركي جيسون غرينبلات، الذي سافر إلى عمان أمس بعد لقاء مع نتنياهو في تل أبيب، وفي عمان عمل على تسهيل التوصل لحل الأزمة في مسألة السفارة الإسرائيلية في عمان.
وقد حرص نتنياهو صباح الثلاثاء على الإشادة بالدور الأميركي في هذا المضمار، دون الربط بين هذا الملف وبين الأقصى، حيث يحاول نتنياهو نسب القرار النهائي بشأن رفع البوابات الإلكترونية والكاميرات، إلى قبول الكابينت وموافقته على الخطة الأمنية وعلى توصيات كافة أجهزة الأمن الإسرائيلية بأذرعها المختلفة.
لكن القرار الإسرائيلي صباح اليوم لم يغلق الملف، إذ تصر المرجعيات الدينية في القدس المحتلة، على رفض كافة الإجراءات الإسرائيلية وبضمنها تلك المرتقب تنفيذها وفق خطة الشرطة الإسرائيلية خلال ستة أشهر.
وأصدرت المرجعيات الدينية الإسلامية في القدس، صباح اليوم، بيانا أكدت فيه رفضها لهذه الإجراءات ومطالبتها بتراجع الاحتلال عن كافة إجراءاته، وتكليف هيئة الأوقاف بتشكيل لجنة لفحص ما قام به الاحتلال خلال الفترة الممتدة بين 14\7 ولغاية اليوم، داخل المسجد الأقصى وفي باحاته، مع المطالبة بفتح جميع بوابات المسجد الأقصى لجميع المصلين بدون استثناء وبحرية تامة.