02 نوفمبر 2024
الرئيس هادي في حصاره
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
يخضع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، لحصار من جماعة الحوثيين، وعلى الرغم من كل المحاولات المحلية والضغوط الدولية للإفراج عنه، فإن "أنصار الله" متمسكة به رهينة إلى جانب رئيس حكومته، خالد بحاح، وبعض وزراء الحكومة. والظاهر للعالم الخارجي أن سبب احتجاز الحوثيين هادي هو الاحتفاظ به، لكيلا يستعيد حريته فيظهر على المسرح، بوصفه ممثل الشرعية الدستورية الذي يستطيع خلط الأوراق، وإفساد اللعبة الحوثية. ولكن، للمسألة أبعاد أخرى، لا تعرفها غير دوائر ضيقة جداً في صنعاء، وهي أن هادي يخضع لمساومة وتصفية حسابات. ولذا، لن يكون أمر الإفراج عنه أمراً سهلاً.
المساومة التي يخضع لها هادي ذات شقين. الأول أن جماعة الحوثي وضعت يدها على الملفات المالية للدولة اليمنية، وهي تدّعي أن تحويلات مالية، وصلت إلى اليمن كمساعدات خلال العامين الأخيرين، لكنها لم تدخل حسابات الدولة، وهي تتهم هادي بالتصرف بها لحسابه الخاص، والإنفاق منها على جماعته، وخصوصاً المليشيات التي تشكلت في الجنوب من المنطقة التي ينتمي اليها هادي "ابين"، تحت مسمى اللجان الأمنية. والشق الثاني أن الجماعة الحوثية تتهم نجل الرئيس هادي (جلال) بالإثراء غير المشروع، واستغلال نفوذ والده في صفقات تجارية. وتطالب جماعة الحوثي، شرطاً لإخلاء سبيل هادي، إعادة ما يتجاوز مليار دولار إلى الدولة، وإخضاع نجله للمحاكمة.
وتصفية الحسابات مع هادي يقف خلفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يمسك بأوراق كثيرة يلعبها في الكواليس. ومنطلق صالح لتصفية الحسابات مع هادي يكمن، أولاً، في الخوف من أن إطلاق سراح الرئيس الذي خلفه يمكن أن يقطع الطريق على مخططه، للعودة إلى المسرح السياسي من جديد. ويلعب صالح هذه الورقة مع الحوثيين، من مكان قوته على الأرض في الجيش واللجان الشعبية، وعلى الرغم مما يشيعه الحوثيون أنهم سوف يفكون تحالفهم مع صالح، وسيفتحون ملفاته، فإن مشوار التحالف بينهم لن ينتهي قريباً، فهم بحاجة إلى قوته العسكرية، من أجل مد نفوذهم إلى المناطق التي تستعصي عليهم في المدى المنظور، مثل مأرب والجنوب، وقد تجلى ذلك حين دخلوا مدينة البيضاء أخيراً، حيث كان الممهد لهم الحرس الجمهوري الذي يأتمر من نجل صالح (أحمد) الذي يحضر نفسه للرئاسة، كما أن القوات العسكرية والأمنية في الجنوب لا تزال تابعة لصالح، ولم يتغير وضعها خلال رئاسة هادي التي اتسمت، في جانب منها، بالتساهل مع صالح والحوثيين، حتى أن هادي بقي، حتى اللحظة الأخيرة، عضواً قيادياً في الحزب (المؤتمر الشعبي العام) الذي يديره صالح، قبل أن يطرده من الحزب في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، تمهيداً للانقلاب عليه.
ولابد من تسجيل نقطة أساسية، هي أن تساهل هادي لا يتحمل مسؤوليته وحده، بل هو عطب كامن في المبادرة الخليجية، وآلية مجلس الأمن الدولي لمساعدة اليمن، لأنهما أعطيا الحصانة لصالح، وتركاه حراً طليقاً، على الرغم من أن الأطراف اليمنية كافة تدرك قوة صالح ونفوذه داخل الجيش والأمن والقوى السياسية، فضلاً عن الثراء الفاحش الذي يتمتع به، بسبب سيطرته على المال العام، طوال حكمه، وهو ما وظفه لحسابه الشخصي، وبنى، من خلاله، نظاماً قائماً على شراء الولاءات. ولن يستقيم أمر اليمن، من دون رد فعل دولي، يقوم بمحاسبة صالح عن دوره في إيصال اليمن إلى طريق مسدود. ومن هنا، يجب أن يترافق الضغط اليوم من أجل إطلاق سراح هادي مع مسعى دولي حقيقي لمحاكمة صالح، ليس لإيقاف تلاعبه ومؤامرته فقط، بل من أجل إنصاف ثورة الشباب اليمني التي قامت من أجل إسقاط صالح ونظامه.
المساومة التي يخضع لها هادي ذات شقين. الأول أن جماعة الحوثي وضعت يدها على الملفات المالية للدولة اليمنية، وهي تدّعي أن تحويلات مالية، وصلت إلى اليمن كمساعدات خلال العامين الأخيرين، لكنها لم تدخل حسابات الدولة، وهي تتهم هادي بالتصرف بها لحسابه الخاص، والإنفاق منها على جماعته، وخصوصاً المليشيات التي تشكلت في الجنوب من المنطقة التي ينتمي اليها هادي "ابين"، تحت مسمى اللجان الأمنية. والشق الثاني أن الجماعة الحوثية تتهم نجل الرئيس هادي (جلال) بالإثراء غير المشروع، واستغلال نفوذ والده في صفقات تجارية. وتطالب جماعة الحوثي، شرطاً لإخلاء سبيل هادي، إعادة ما يتجاوز مليار دولار إلى الدولة، وإخضاع نجله للمحاكمة.
وتصفية الحسابات مع هادي يقف خلفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يمسك بأوراق كثيرة يلعبها في الكواليس. ومنطلق صالح لتصفية الحسابات مع هادي يكمن، أولاً، في الخوف من أن إطلاق سراح الرئيس الذي خلفه يمكن أن يقطع الطريق على مخططه، للعودة إلى المسرح السياسي من جديد. ويلعب صالح هذه الورقة مع الحوثيين، من مكان قوته على الأرض في الجيش واللجان الشعبية، وعلى الرغم مما يشيعه الحوثيون أنهم سوف يفكون تحالفهم مع صالح، وسيفتحون ملفاته، فإن مشوار التحالف بينهم لن ينتهي قريباً، فهم بحاجة إلى قوته العسكرية، من أجل مد نفوذهم إلى المناطق التي تستعصي عليهم في المدى المنظور، مثل مأرب والجنوب، وقد تجلى ذلك حين دخلوا مدينة البيضاء أخيراً، حيث كان الممهد لهم الحرس الجمهوري الذي يأتمر من نجل صالح (أحمد) الذي يحضر نفسه للرئاسة، كما أن القوات العسكرية والأمنية في الجنوب لا تزال تابعة لصالح، ولم يتغير وضعها خلال رئاسة هادي التي اتسمت، في جانب منها، بالتساهل مع صالح والحوثيين، حتى أن هادي بقي، حتى اللحظة الأخيرة، عضواً قيادياً في الحزب (المؤتمر الشعبي العام) الذي يديره صالح، قبل أن يطرده من الحزب في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، تمهيداً للانقلاب عليه.
ولابد من تسجيل نقطة أساسية، هي أن تساهل هادي لا يتحمل مسؤوليته وحده، بل هو عطب كامن في المبادرة الخليجية، وآلية مجلس الأمن الدولي لمساعدة اليمن، لأنهما أعطيا الحصانة لصالح، وتركاه حراً طليقاً، على الرغم من أن الأطراف اليمنية كافة تدرك قوة صالح ونفوذه داخل الجيش والأمن والقوى السياسية، فضلاً عن الثراء الفاحش الذي يتمتع به، بسبب سيطرته على المال العام، طوال حكمه، وهو ما وظفه لحسابه الشخصي، وبنى، من خلاله، نظاماً قائماً على شراء الولاءات. ولن يستقيم أمر اليمن، من دون رد فعل دولي، يقوم بمحاسبة صالح عن دوره في إيصال اليمن إلى طريق مسدود. ومن هنا، يجب أن يترافق الضغط اليوم من أجل إطلاق سراح هادي مع مسعى دولي حقيقي لمحاكمة صالح، ليس لإيقاف تلاعبه ومؤامرته فقط، بل من أجل إنصاف ثورة الشباب اليمني التي قامت من أجل إسقاط صالح ونظامه.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024
12 أكتوبر 2024