ضريبة الشهرة
ليس مفاجئاً خبر القبض على ممثلة مصرية ناعمة ورقيقة، يطلق عليها لقب "قطّة الشاشة" بتهمة حيازة المخدرات في مطار القاهرة، وإطلاقها بكفالة، فالتاريخ الفني شهد حوادث كثيرة مماثلة، وقد حان الوقت لتنضم منة شلبي إلى قائمة كثيرات في عالم الفن والشهرة ممن دفعن ضريبة الشهرة غالياً، سواء كنّ مذنبات أو مجنياً عليهن بعد زجّ أسمائهن في قضايا المخدرات؛ فهناك تحقيقات جارية، وكشف بعضها عن تعاطي النجمة الراحلة مارلين مونرو المخدرات وشرب الكحول بإفراط شديد، وإن كانت تفاصيل واقعة وفاتها المريبة لم تُكتشف بعد، ولكنها دفعت ضريبة الشهرة والجمال فادحة، بارتباط اسمها بأشهر القادة السياسيين في وقتها، منهم الرئيس الأميركي، جون كينيدي، وحيث انتهت حياة أجمل نساء زمانها وملكة الإغراء جثة فوق سرير في غرفة نوم.
تصدّر اسم الممثلة منّة شلبي، قبل أيام، التريند، وأصبح الجمهور يبحث عن أخبارها وحياتها الشخصية والنبش فيها بسبب حادثة القبض عليها بتهمة حيازة مواد مخدّرة، وفيما أخلت النيابة المصرية سبيلها، فقد تعالت الأصوات المتسائلة عن سبب إخلاء سبيلها، وهل نجوميتها هي السبب، لكن الجهات الأمنية المصرية دافعت عن نفسها وبقوة في هذا الشأن بأن هذا جرى بضمانٍ مالي، لأنها تحمل كمية بقصد التعاطي، فيما كان موقف نقابة المهن التمثيلية مختلفاً بإصراره على احترام خصوصية الممثلة، وبأنها وقعت ضحية الإشاعات والصيد في المياه العكرة، وبأن أمثالها يدفعون ضريبة شهرتهم مكيالين. والنقابة في ذلك على حق، فمشاهير كثيرون اعترفوا بتقلص حجم حريتهم، وبأنهم يكونون مراقبين ومعروفين، وتلاحقهم الأعين والكاميرات، وأي خطأ يرتكبه أحدهم فهو يضعه تحت المجهر وينتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم، بعكس الشخص العادي قليل المعارف، والذي قد يقوم بالخطأ نفسه، ولا يُلاحق مثلما تلاحَق ممثلة مشهورة، مثل منّة شلبي، التي خلبت لبّ الجماهير بوجهها البريء، والذي لا يتغيّر مع مرور الزمن. والغريب أن منّة أصبحت ممثلة لها وزنها، وقدّمت أدواراً لافتة، ولم يكن أحد من المقرّبين منها يتوقع أنها سوف تنخرط في مجال التمثيل، وهي السبب في قرار اعتزال أمها، أشهر راقصة في الربع الأخير من القرن العشرين، حيث عادت باكية من المدرسة ذات يوم، واشتكت لأمها بأن التلميذات الصغيرات ينادينها بلقب "بنت الرقّاصة"، فقرّرت الأم الاعتزال بسبب هذا الموقف، وتفرغت لتربية ابنتها التي أصبحت ممثلة محبوبة جماهيرياً بشكل لافت.
ضريبة الشهرة التي يبحث عنها العامّة، ويهرب منها المشاهير، مزدوجة، وإنْ يقابلها ما يعرف بسلطة الشهرة أو سطوتها، وهي الانقياد للمشاهير وتقليدهم وتأييد آرائهم، حتى لو كانت خاطئة أو مسيئة، وهذا ما تعتمده شركات الإعلان عندما تروّج منتجاتٍ ما عن طريق شخصية شهيرة تقع مسؤولية كبيرة على عاتقها. وفي الوقت نفسه، الشخص الذي يقلّد شخصية شهيرة لا يرحمها في حال اقترفت ذنباً أو جريمة، فيما تمرّ مرور الكرام حوادث مشابهة مع أشخاص عاديين، فكل يوم تقريباً هناك حوادث ضبط ممنوعات في المطارات في العالم، ولا تتصدّر إحداها "التريند" إلا في حال كان المتهم شخصية معروفة وعلى أي صعيد، سياسياً كان أو اجتماعياً أو فنياً.
ونتيجة جلد المجتمع والجمهور، وعدم تقبّل الشخصية الشهيرة حين تجرم (أو يجرم) الزمن بحق جمالها، فيمكن الجزم بأن الشخص الذي يقع تحت سطوة الشهرة هو بائس، فثمّة عواقب يجنيها، وتكون بالتدريج وليست مرّة واحدة، وربما يدفع حياته ثمناً لانجراره وراء المشجّعين والمعجبين، مثلما حدث مع بطل كمال الأجسام الملقب بـ"هالك البرازيلي"، واسمه الحقيقي فالدير سيغاتو، حيث فارق الحياة عن 55 عاماً، إثر مضاعفات حقن عضلاته بعقار السينثول سنوات، لتكبير عضلاته، بعد أن أصبح مهووساً بتشبيه الجماهير له بأنه يشبه النجم الأميركي أرنولد شوارزينغر، ما أودى بحياته قبل أشهر قليلة.