25 اغسطس 2024
عبد القادر عبدللي: أنا مجنون
في تلك القصة المفترضة، يتلقى صديقُنا الأديب والفنان والمترجم، عبد القادر عبدللي، صفعتين على حين غرة. وقبل أن يعرف مَن هو الشخص الذي ضربه الكفين الأصعبَ من فراق الوالدين؛ ولأنه إدلبي عتيق، وحمش، وهمشري، وابن الحاج خيرو عبدللي على سن الرمح، فقد تَحَمَّى، ورفع يده التي كان يرسم بها أجمل اللوحات، يريد أن يهوي بها على وجه الشخص المعتدي.. ولكنه لم يَرَ أمامه سوى رجل ذي وجه شديد البراءة، خائف، ومن خوفه كان يتقّي الصفعة المحتملة بكلتا يديه.
أهل إدلب، حينما يريدون أن يحكوا عن شخصٍ تَفَوَّهَ بكلماتٍ نابية، يلجأون إلى لغة الكناية، مستخدمين عبارة "هيك وهيك". قال عبد القادر للرجل الخائف: يا بن الـ "هيك والهيك" ألستَ أنت الذي ضربتني؟
قال الرجل: أقول لك الصدق وعليَّ الأمان؟
أنزل عبد القادر يده وقال: قُلْ، وعليك الأمان.
قال الرجل: أنا أعرفك جيداً. أنت رجلٌ مستبد، وأحمق. وإنني لأحمدُ الله تعالى لأنه قصقص جوانحك، ونتف ريشك. أأحدثك بصراحةٍ أكثر؟ أنا ممتن لنظام ابن حافظ الأسد، لأنه كان يحاصرك في خانة اليَكْ، ولم يكن يسمح لك أن تكبر وتتمدّد، فيوم انتخبك زملاؤك رئيساً لنقابة الفنانين التشكيليين في إدلب، استدعاك أحدُ أعضاء فرع الحزب، بكل لطفٍ، وطلب منك التنازل عن رئاسة النقابة لأحد زملائك، لأنك لم تقبل فكرة الانتساب إلى الحزب، وهذا متوقع مع شخصٍ عنيد، وفاقد حدَّ المرونة مثلك.
باختصار، يا سيد أبو خيرو؛ أنا عندي فكرة كافية عنك، ملخصُها أنك كنت تُطْلَبُ، مَع جماعة "المجتمع المدني"، إلى فروع الأمن في مدينة إدلب، مرة أو مرتين في الشهر، ثم تطورت الأمور معك، وأصبحتَ تُطْلَب لمراجعة الشُّعَب الأمنية المركزية في دمشق، وحينما انتقلتَ وأسرتُك للسكنى في دمشق، بقيت البرقيات التي تتضمن استدعاءك إلى دمشق للتحقيق تأتي إلى إدلب، فيذهب عناصرُ المخابرات لسؤال أخيك ظافر عنك، وهو، بدوره، كان يخبرهم أنك انتقلتَ إلى دمشق، وتعمل حالياً في وزارة التربية في منطقة الجسر الأبيض، لكنهم لا يقتنعون بكلامه.. ومن كثرة ما راحت دورية، وجاءت دورية، وتوقفت سيارة، وزمّرت سيارة، زهق أخوك ظافر، وصار، كلما رأى عنصراً قادماً من جهة الغرب باتجاه دكان محمد عز الدين، حاملاً في يده دفتر التبليغات، يرفع يده إلى الأعلى، ويصيح: وقف عندك، يا رفيق، إذا جايين منشان أخي عبد القادر ترى انتقل إلى الشام.
قال عبد القادر: كلامك كله صحيح، لكنني لم أفهم لماذا تُذَكّرني به الآن.. ثم إذا كنتُ أنا أحمق، ومستبداً، وذا مخ يابس، وأستاهل كل ما يجرى لي، كما تقول، فهذه مشكلتي أنا، وأما أنت، فبرحمة أبي، الحاج خيرو، لن أتركك تمشي من هنا حتى تجيبني عن سؤالي: لماذا صفعتني؟
قال الرجل: دعني، إذا سمحتَ، أتابعْ سلسلةَ أفكاري. لقد كنتَ، إضافة إلى صفاتك التي ذكرتها، متخاذلاً، ففي صيف سنة 2012، لم تحتمل بضعَ قذائف مدفعية أطلقها جيشُنا العربي السوري الباسل على الحي الذي تسكنه (قدسيا). وتذرعتَ بالغارات التي شنها طيراننا الباسل على المنطقة، وأظهرتَ نفسكَ حريصاً على الساحة العامة التي أحرقتها قوات حفظ النظام، لئلا يتجمع فيها المتظاهرون، وأخذتَ عائلتك وهربتَ إلى لبنان، ومنها إلى تركيا، حيث صرتَ تكتب في بعض الصحف العربية، متحدثاً عن استبداد النظام وجرائمه، وتزعم أنك ديمقراطي. فإذا كنت ديمقراطياً بحق، لماذا غضبت من صفعتي؟ يا أخي اعتبر هذه الصفعة وجهة نظر مخالفة لوجهة نظرك.
تقول الحكاية المفترضة أن عيني عبد القادر راحتا تغزلان، وبيده التي كانت تكتب وتترجم وترسم سحب حزام البنطلون، وضربه به على رأسه، وهو يقول: هناك صفة من صفاتي فاتتك معرفتها. أنا مجنون.
أهل إدلب، حينما يريدون أن يحكوا عن شخصٍ تَفَوَّهَ بكلماتٍ نابية، يلجأون إلى لغة الكناية، مستخدمين عبارة "هيك وهيك". قال عبد القادر للرجل الخائف: يا بن الـ "هيك والهيك" ألستَ أنت الذي ضربتني؟
قال الرجل: أقول لك الصدق وعليَّ الأمان؟
أنزل عبد القادر يده وقال: قُلْ، وعليك الأمان.
قال الرجل: أنا أعرفك جيداً. أنت رجلٌ مستبد، وأحمق. وإنني لأحمدُ الله تعالى لأنه قصقص جوانحك، ونتف ريشك. أأحدثك بصراحةٍ أكثر؟ أنا ممتن لنظام ابن حافظ الأسد، لأنه كان يحاصرك في خانة اليَكْ، ولم يكن يسمح لك أن تكبر وتتمدّد، فيوم انتخبك زملاؤك رئيساً لنقابة الفنانين التشكيليين في إدلب، استدعاك أحدُ أعضاء فرع الحزب، بكل لطفٍ، وطلب منك التنازل عن رئاسة النقابة لأحد زملائك، لأنك لم تقبل فكرة الانتساب إلى الحزب، وهذا متوقع مع شخصٍ عنيد، وفاقد حدَّ المرونة مثلك.
باختصار، يا سيد أبو خيرو؛ أنا عندي فكرة كافية عنك، ملخصُها أنك كنت تُطْلَبُ، مَع جماعة "المجتمع المدني"، إلى فروع الأمن في مدينة إدلب، مرة أو مرتين في الشهر، ثم تطورت الأمور معك، وأصبحتَ تُطْلَب لمراجعة الشُّعَب الأمنية المركزية في دمشق، وحينما انتقلتَ وأسرتُك للسكنى في دمشق، بقيت البرقيات التي تتضمن استدعاءك إلى دمشق للتحقيق تأتي إلى إدلب، فيذهب عناصرُ المخابرات لسؤال أخيك ظافر عنك، وهو، بدوره، كان يخبرهم أنك انتقلتَ إلى دمشق، وتعمل حالياً في وزارة التربية في منطقة الجسر الأبيض، لكنهم لا يقتنعون بكلامه.. ومن كثرة ما راحت دورية، وجاءت دورية، وتوقفت سيارة، وزمّرت سيارة، زهق أخوك ظافر، وصار، كلما رأى عنصراً قادماً من جهة الغرب باتجاه دكان محمد عز الدين، حاملاً في يده دفتر التبليغات، يرفع يده إلى الأعلى، ويصيح: وقف عندك، يا رفيق، إذا جايين منشان أخي عبد القادر ترى انتقل إلى الشام.
قال عبد القادر: كلامك كله صحيح، لكنني لم أفهم لماذا تُذَكّرني به الآن.. ثم إذا كنتُ أنا أحمق، ومستبداً، وذا مخ يابس، وأستاهل كل ما يجرى لي، كما تقول، فهذه مشكلتي أنا، وأما أنت، فبرحمة أبي، الحاج خيرو، لن أتركك تمشي من هنا حتى تجيبني عن سؤالي: لماذا صفعتني؟
قال الرجل: دعني، إذا سمحتَ، أتابعْ سلسلةَ أفكاري. لقد كنتَ، إضافة إلى صفاتك التي ذكرتها، متخاذلاً، ففي صيف سنة 2012، لم تحتمل بضعَ قذائف مدفعية أطلقها جيشُنا العربي السوري الباسل على الحي الذي تسكنه (قدسيا). وتذرعتَ بالغارات التي شنها طيراننا الباسل على المنطقة، وأظهرتَ نفسكَ حريصاً على الساحة العامة التي أحرقتها قوات حفظ النظام، لئلا يتجمع فيها المتظاهرون، وأخذتَ عائلتك وهربتَ إلى لبنان، ومنها إلى تركيا، حيث صرتَ تكتب في بعض الصحف العربية، متحدثاً عن استبداد النظام وجرائمه، وتزعم أنك ديمقراطي. فإذا كنت ديمقراطياً بحق، لماذا غضبت من صفعتي؟ يا أخي اعتبر هذه الصفعة وجهة نظر مخالفة لوجهة نظرك.
تقول الحكاية المفترضة أن عيني عبد القادر راحتا تغزلان، وبيده التي كانت تكتب وتترجم وترسم سحب حزام البنطلون، وضربه به على رأسه، وهو يقول: هناك صفة من صفاتي فاتتك معرفتها. أنا مجنون.