03 يوليو 2019
النكبة تترشح للرئاسة.. وتفوز!
لم يلتئم الجرح التاريخي المزمن بعد، وليس من المتوقع أن تندمل قروحه، في المدى المنظور؛ إنّه غائر، حتى الآن، في عمق الروح، وسيظل مصدر ألم مبرح، لكل من لديه ذرّة حس، طالما ظلت السكين الصهيونية مغروزة، هناك، في الخاصرة العربية التي كانت تُسمّى فلسطين، ولا تزال.
غير أنّ أوجاع الجروح الجديدة، في كل الحيز الجغرافي، الممتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، صارت، لقسوتها، وكثرتها، تزاحم وجع الماضي المستمر، وتسابقه، على اهتمام مجتمع دولي، قد ينظر، بعين العطف، إلى أي منهما، في لحظة عابرة، بينما يرش بيده الملح، على كليهما، في كل ما عدا ذلك من أوقات.
تحضر نكبة فلسطين اليوم، بعدما تقدمت عليها، في المشهد السياسي، طوال السنوات الثلاث الماضية، نكبات عربية حديثة، فيتوه بعضٌ منا، في البحث عن عوامل التناقض بينهما، ونتغافل، كالمعتاد، عن خبث تسمية إنسانية، كهذه، تكتفي بوصف الحدث المأساوي، وتتعمد تجهيل، أو تغييب فاعليه، والمسؤولين عن وقوعه.
لم يكن ما حدث عام 1948 هزة أرضية، أو بركاناً مدمراً، أو مجاعة ماحقة، حتى تُسمى نتيجته النكبة، بل كان هزيمةً عسكرية فاصلة، للفلسطينيين والعرب، أمام من كانوا يصفونهم بشذاذ الآفاق الصهاينة، وبدلاً من أن يعقبها حساب عسير، لكل الحكام والقادة المهزومين، فإن بعض هؤلاء بقي على رأس السلطة، هو أو نسله البيولوجي، والسياسي، ليُسهم مع أنظمة الحكم العسكرية المستجدة، لاحقاً، في وقوع هزيمة عربية جماعية مماثلة، أمام إسرائيل، عام 1967، أطلقوا عليها اسم النكسة، ثم استمروا، يتحكمون بالبلاد والعباد، هم أنفسهم، أو نسلهم البيولوجي والسياسي، مرة أخرى، وصولاً إلى ارتكابهم، الفظائع التي يرتكبونها، في وقتنا الحاضر، ضد شعوبهم.
ولعل مصر وسورية، على سبيل المثال، لا الحصر، تقدمان، اليوم، ما يكفي من البراهين، على أن صنّاع النكبات الجديدة وجنرالاتها، ينتمون إلى النخب السياسية والاجتماعية نفسها التي تتحمل المسؤولية عن النكبة الأولى، ثم النكسة من بعدها، وهؤلاء ما زالوا، على الرغم من سبعة عقود من الهزائم، يرفضون أن يتولى الحكم أحد من خارج صفوفهم، بل إنهم يجرؤون على قطف الثمار القليلة لثورات الربيع العربي التي استهدفت خلعهم، فيرشّحون أنفسهم، لانتخابات الرئاسة، بوصفها فرصة لترسيخ دكتاتوريتهم، عبر صناديق الاقتراع.
فمع حلول ذكرى نكبة الخامس عشر من مايو/أيار عام 1948، وقبل نحو ثلاثة أسابيع من ذكرى نكسة الخامس من يونيو/حزيران 1967، سيتفرج العالم، نعم يتفرج، على انتخابات رئاسيةٍ كاريكاتورية، في الدولتين العربيتين الأكبر، اللتين تتحملان مسؤولية أساسية، عن الهزيمتين التاريخيتين، وهي انتخابات، تبدو محسومة النتائج سلفاً، لصالح نسلٍ غير صالح، ورث من آبائه المؤسسين جيوشاً مهزومة، وليس في وسعها خوض الحرب، إلا ضد المعتصمين السلميين والمتظاهرين العزّل، في شوارع القاهرة ودمشق والإسكندرية وحمص والمنصورة وحلب.
غير أنّ أوجاع الجروح الجديدة، في كل الحيز الجغرافي، الممتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، صارت، لقسوتها، وكثرتها، تزاحم وجع الماضي المستمر، وتسابقه، على اهتمام مجتمع دولي، قد ينظر، بعين العطف، إلى أي منهما، في لحظة عابرة، بينما يرش بيده الملح، على كليهما، في كل ما عدا ذلك من أوقات.
تحضر نكبة فلسطين اليوم، بعدما تقدمت عليها، في المشهد السياسي، طوال السنوات الثلاث الماضية، نكبات عربية حديثة، فيتوه بعضٌ منا، في البحث عن عوامل التناقض بينهما، ونتغافل، كالمعتاد، عن خبث تسمية إنسانية، كهذه، تكتفي بوصف الحدث المأساوي، وتتعمد تجهيل، أو تغييب فاعليه، والمسؤولين عن وقوعه.
لم يكن ما حدث عام 1948 هزة أرضية، أو بركاناً مدمراً، أو مجاعة ماحقة، حتى تُسمى نتيجته النكبة، بل كان هزيمةً عسكرية فاصلة، للفلسطينيين والعرب، أمام من كانوا يصفونهم بشذاذ الآفاق الصهاينة، وبدلاً من أن يعقبها حساب عسير، لكل الحكام والقادة المهزومين، فإن بعض هؤلاء بقي على رأس السلطة، هو أو نسله البيولوجي، والسياسي، ليُسهم مع أنظمة الحكم العسكرية المستجدة، لاحقاً، في وقوع هزيمة عربية جماعية مماثلة، أمام إسرائيل، عام 1967، أطلقوا عليها اسم النكسة، ثم استمروا، يتحكمون بالبلاد والعباد، هم أنفسهم، أو نسلهم البيولوجي والسياسي، مرة أخرى، وصولاً إلى ارتكابهم، الفظائع التي يرتكبونها، في وقتنا الحاضر، ضد شعوبهم.
ولعل مصر وسورية، على سبيل المثال، لا الحصر، تقدمان، اليوم، ما يكفي من البراهين، على أن صنّاع النكبات الجديدة وجنرالاتها، ينتمون إلى النخب السياسية والاجتماعية نفسها التي تتحمل المسؤولية عن النكبة الأولى، ثم النكسة من بعدها، وهؤلاء ما زالوا، على الرغم من سبعة عقود من الهزائم، يرفضون أن يتولى الحكم أحد من خارج صفوفهم، بل إنهم يجرؤون على قطف الثمار القليلة لثورات الربيع العربي التي استهدفت خلعهم، فيرشّحون أنفسهم، لانتخابات الرئاسة، بوصفها فرصة لترسيخ دكتاتوريتهم، عبر صناديق الاقتراع.
فمع حلول ذكرى نكبة الخامس عشر من مايو/أيار عام 1948، وقبل نحو ثلاثة أسابيع من ذكرى نكسة الخامس من يونيو/حزيران 1967، سيتفرج العالم، نعم يتفرج، على انتخابات رئاسيةٍ كاريكاتورية، في الدولتين العربيتين الأكبر، اللتين تتحملان مسؤولية أساسية، عن الهزيمتين التاريخيتين، وهي انتخابات، تبدو محسومة النتائج سلفاً، لصالح نسلٍ غير صالح، ورث من آبائه المؤسسين جيوشاً مهزومة، وليس في وسعها خوض الحرب، إلا ضد المعتصمين السلميين والمتظاهرين العزّل، في شوارع القاهرة ودمشق والإسكندرية وحمص والمنصورة وحلب.
أليس عبد الفتاح السيسي المرشح الأوفر حظاً في انتخابات الرئاسة المصرية، مع أن سجله العسكري يخلو من أي إنجازاتٍ، سوى انقلابه على الرئيس المنتخب، محمد مرسي، وحربه الدامية على المتظاهرين والمعتصمين المعارضين لما فعل، بينما لا يجد أنصاره ما يباهون به، غير تشبيهه بالرئيس الأسبق، جمال عبد الناصر الذي شهد عهده خسارة صحراء سيناء في حرب عام 1967 مع إسرائيل، ثم مات وحسرة النكسة تملأ قلبه؟
أليس بشار الأسد، أيضاً، المرشح الأوفر حظاً في انتخابات الرئاسة السورية، مع أنه يحكم سورية منذ أربعة عشر عاماً، وفي ولايته الثالثة، قتل جيشه وجرح واعتقل مئات آلاف السوريين، وشرّد الملايين، مستخدماً السلاح الكيماوي والصواريخ والبراميل المتفجرة، فضلاً عن أنه ابن بيولوجي، ووريث سياسي، لحافظ الأسد، رئيس سورية السابق الذي كان وزيراً لدفاعها، يوم خسرت هضبة الجولان في حرب حزيران 1967.
مع ذلك، لا أحد يساوره الشك، لحظة واحدة، في أن الرجلين سيفوزان، وفي أن ذكرى النكسة ستحل بعد ثلاثة أسابيع، وهما يحتفلان بالانتصار، لا على إسرائيل، وإنما على معارضيهم القابعين في المعتقلات بالألوف، وعلى مسحوقي وفقراء ولاجئي بلادهم المشتتين في أصقاع الأرض، تماماً كاللاجئين الفلسطينيين. قد تأخذهما، النشوة، أعني السيسي والأسد، إلى الحلم بأن يتكرر المكرر، ويتولى أبناؤهما الحكم يوماً، لكن يظل من المستبعد أن تغيب عن مضجع أي منهما، آخر المشاهد في حياة معمر القذافي، ونيقولاي تشاوشيسكو، ونيرون.