05 نوفمبر 2024
الأردن والسعودية: هل انتهت الأزمة؟
استدعى الأردن، قبل قرابة أسبوع، سفيره في طهران، للتشاور، غداة زيارة ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عمّان، وفسّرت مصادر رسمية الاستدعاء بأنّه احتجاج على السلوك الإيراني في اليمن وسورية، وضغطاً على إيران لتغييره.
تحول الاستدعاء إلى "نكتة" في الأردن، فالسلوك الإيراني قديم، ولن يتغير باستدعاء سفير. لكن، كان واضحاً أنّ الأمر جاء بعد رسائل سعودية معاتبة، في زيارة الضيف إلى عمّان، ومن ذلك عدم وقوف الأردن إلى جوار السعودية، بصلابةٍ، خلال الأزمة مع إيران التي تلت إحراق السفارة السعودية في طهران، وهو ما دفع بعمّان إلى "استدعاء" السفير بأثر رجعي.
قبل ذلك (أي استدعاء السفير) اضطر الديوان الملكي إلى إصدار بيانٍ، في منتصف الليل، موضّحاً ما نُسب إلى الملك عبدالله الثاني من تسريباتٍ في لقائه مع أعضاء الكونغرس الأميركي، حول مشاركة الأردن في الحلف الذي تقوده السعودية، وتشارك فيه 35 دولة، إذ ذكرت التسريبات أنّ الملك قلّل من أهمية التحالف بوصفه غير ملزم ورمزي، ما أغضب السعوديين، فخرج التوضيح المتأخر.
يمكن القول إنّ التسريبات كانت "القشّة التي قصمت ظهر البعير"، وفجّرت الاحتقان السعودي، منذ أكثر من عام، أي استلام الملك سلمان وتغيّر مطبخ القرار السعودي والتحولات في المقاربة الإقليمية السعودية، ما أحدثَ فجواتٍ بينها وبين حلفائها في معسكر الاعتدال العربي.
لم يكن الأردن متحمساً لحرب الحوثيين، ولم يرسل قواتٍ إلى هناك، وله مقاربة مغايرة للسعودية تجاه الأولويات في الملف السوري، فيما إذا كانت داعش أم إسقاط الأسد، وفي الموقف من تركيا والإخوان المسلمين، بل ومن الاتجاه السلفي الذي تحتضنه السعودية، وكان موقفه من الأزمة السعودية- الإيرانية المذكورة محلّ نقد شديد من أبرز الكتّاب السعوديين، في موقف غير مسبوق من الأردن.
عمد الأردن إلى تجاهل تلك الرسائل، إذ كان لدى "مطبخ القرار" في عمّان أيضاً شكوك وأسئلة حول التحولات السعودية التي كسرت "معادلة" المعسكر المحافظ العربي، وخصوصاً تجاه تركيا، هذا أولاً، وثانياً حول توقف الدعم السعودي إلى الأردن، مقابل الإغداق على مصر عبد الفتاح السيسي، على الرغم من الدور الأردني المهم إقليمياً للسعودية، من جهةٍ أولى، ولعدم اختلاف الموقف المصري عن الأردني إقليمياً، من جهة ثانية، لعدم وجود حملة إعلامية أردنية ضد السعودية، كما حدث في مصر، من جهة ثالثة.
يبدو أنّ الحديث كان، هذه المرّة، صريحاً بين الأردن والسعودية، خلال زيارة محمد بن سلمان إلى عمّان، بخلاف المجاملات الدبلوماسية والمواقف الضبابية، ما انعكس على قرار استدعاء السفير، وربما التحضير لزيارة مرتقبة للملك سلمان إلى الأردن، بعدما قفز عنها في زيارتيه، أخيراً، مصر وتركيا، فيما حضر في الوقت نفسه محمد بن سلمان، لينقل الرسالة بصورة أكثر وضوحاً، وربما يعطي الأردن وعوداً بدعمٍ كبير، في حال رُدمت الفجوات بين الدولتين.
بالطبع، على الرغم من عدم إخفاء مسؤولين أردنيين الاختلافات المتنامية بين الأردن والسعودية في النظر إلى الملفات الإقليمية، الأمر الذي حدث فجأة بعد الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، لكنّهم أيضاً يؤكّدون أنّ الخيار الاستراتيجي الأردني سيبقى ضمن مربّع العلاقات الجيدة مع السعودية التي كانت داعماً مالياً تاريخياً للأردن، والتي تستقطب عشرات الآلاف من العمالة الأردنية.
على الأغلب، حجّمت زيارة محمد بن سلمان الخلافات الأردنية- السعودية، وعبّدت الطريق إلى التجاوز التدريجي، وتنفيس حالة الغضب السعودية، وما صاحبها من شكوكٍ حول الموقف الأردني، وخصوصاً من ولي العهد الأمير محمد بن نايف، لكن علامة النجاح لتجاوز الأزمة ستتمثل بزيارة الملك سلمان إلى الأردن، والتي من الواضح أنّها ستتم في ضوء التطورات الجارية وقراءة السعودية المواقف الأردنية الحالية.
هل كانت غمامة صيف عابرة في العلاقة بين الدولتين؟ على الأغلب. لكن، بعد أن قررت السعودية عدم إخفاء الخلافات وتجاهلها مع حلفائها العرب، بل الاعتراف بها، وإدارتها، والحديث بلغة أكثر وضوحاً في موضوع المصالح المتبادلة.
تحول الاستدعاء إلى "نكتة" في الأردن، فالسلوك الإيراني قديم، ولن يتغير باستدعاء سفير. لكن، كان واضحاً أنّ الأمر جاء بعد رسائل سعودية معاتبة، في زيارة الضيف إلى عمّان، ومن ذلك عدم وقوف الأردن إلى جوار السعودية، بصلابةٍ، خلال الأزمة مع إيران التي تلت إحراق السفارة السعودية في طهران، وهو ما دفع بعمّان إلى "استدعاء" السفير بأثر رجعي.
قبل ذلك (أي استدعاء السفير) اضطر الديوان الملكي إلى إصدار بيانٍ، في منتصف الليل، موضّحاً ما نُسب إلى الملك عبدالله الثاني من تسريباتٍ في لقائه مع أعضاء الكونغرس الأميركي، حول مشاركة الأردن في الحلف الذي تقوده السعودية، وتشارك فيه 35 دولة، إذ ذكرت التسريبات أنّ الملك قلّل من أهمية التحالف بوصفه غير ملزم ورمزي، ما أغضب السعوديين، فخرج التوضيح المتأخر.
يمكن القول إنّ التسريبات كانت "القشّة التي قصمت ظهر البعير"، وفجّرت الاحتقان السعودي، منذ أكثر من عام، أي استلام الملك سلمان وتغيّر مطبخ القرار السعودي والتحولات في المقاربة الإقليمية السعودية، ما أحدثَ فجواتٍ بينها وبين حلفائها في معسكر الاعتدال العربي.
لم يكن الأردن متحمساً لحرب الحوثيين، ولم يرسل قواتٍ إلى هناك، وله مقاربة مغايرة للسعودية تجاه الأولويات في الملف السوري، فيما إذا كانت داعش أم إسقاط الأسد، وفي الموقف من تركيا والإخوان المسلمين، بل ومن الاتجاه السلفي الذي تحتضنه السعودية، وكان موقفه من الأزمة السعودية- الإيرانية المذكورة محلّ نقد شديد من أبرز الكتّاب السعوديين، في موقف غير مسبوق من الأردن.
عمد الأردن إلى تجاهل تلك الرسائل، إذ كان لدى "مطبخ القرار" في عمّان أيضاً شكوك وأسئلة حول التحولات السعودية التي كسرت "معادلة" المعسكر المحافظ العربي، وخصوصاً تجاه تركيا، هذا أولاً، وثانياً حول توقف الدعم السعودي إلى الأردن، مقابل الإغداق على مصر عبد الفتاح السيسي، على الرغم من الدور الأردني المهم إقليمياً للسعودية، من جهةٍ أولى، ولعدم اختلاف الموقف المصري عن الأردني إقليمياً، من جهة ثانية، لعدم وجود حملة إعلامية أردنية ضد السعودية، كما حدث في مصر، من جهة ثالثة.
يبدو أنّ الحديث كان، هذه المرّة، صريحاً بين الأردن والسعودية، خلال زيارة محمد بن سلمان إلى عمّان، بخلاف المجاملات الدبلوماسية والمواقف الضبابية، ما انعكس على قرار استدعاء السفير، وربما التحضير لزيارة مرتقبة للملك سلمان إلى الأردن، بعدما قفز عنها في زيارتيه، أخيراً، مصر وتركيا، فيما حضر في الوقت نفسه محمد بن سلمان، لينقل الرسالة بصورة أكثر وضوحاً، وربما يعطي الأردن وعوداً بدعمٍ كبير، في حال رُدمت الفجوات بين الدولتين.
بالطبع، على الرغم من عدم إخفاء مسؤولين أردنيين الاختلافات المتنامية بين الأردن والسعودية في النظر إلى الملفات الإقليمية، الأمر الذي حدث فجأة بعد الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، لكنّهم أيضاً يؤكّدون أنّ الخيار الاستراتيجي الأردني سيبقى ضمن مربّع العلاقات الجيدة مع السعودية التي كانت داعماً مالياً تاريخياً للأردن، والتي تستقطب عشرات الآلاف من العمالة الأردنية.
على الأغلب، حجّمت زيارة محمد بن سلمان الخلافات الأردنية- السعودية، وعبّدت الطريق إلى التجاوز التدريجي، وتنفيس حالة الغضب السعودية، وما صاحبها من شكوكٍ حول الموقف الأردني، وخصوصاً من ولي العهد الأمير محمد بن نايف، لكن علامة النجاح لتجاوز الأزمة ستتمثل بزيارة الملك سلمان إلى الأردن، والتي من الواضح أنّها ستتم في ضوء التطورات الجارية وقراءة السعودية المواقف الأردنية الحالية.
هل كانت غمامة صيف عابرة في العلاقة بين الدولتين؟ على الأغلب. لكن، بعد أن قررت السعودية عدم إخفاء الخلافات وتجاهلها مع حلفائها العرب، بل الاعتراف بها، وإدارتها، والحديث بلغة أكثر وضوحاً في موضوع المصالح المتبادلة.