06 نوفمبر 2024
سابع جار
ربما كان العنوان لافتاً، يدفعنا لكي نستقر بمؤشر التلفزيون على قناةٍ بعينها؛ لأن العنوان يذكّرنا بشيء افتقدناه في حياتنا الجافّة والصناعية والإلكترونية والافتراضية، إنها حياة مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلتنا لا نعرف وجوه جيراننا، ولا نجاملهم ولا نزورهم، ولكننا نذكر طبعاً موقف النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أوصى بسابع جار، وإن لم يتوقف النبي عن الدعوة إلى الإحسان إلى الجار، وتحمّل أذاه، وضرب لنا مثلاً عن علاقته بجاره اليهودي الذي ظل يؤذيه، وحين توقف يوما، افتقده النبي وعلم بمرضه، وقام بزيارته.
ولكن مسلسل "سابع جار" يثير ضجة منذ الحلقات الأولى من عرضه الذي اعتقد بعضهم، من محسني الظن من المشاهدين، أنه سيعيد لهم أيام مسلسل "ليالي الحلمية" مثلا مكرّساً قيماً وأخلاقاً افتقدناها، وداعياً إلى آداب تخلينا عنها، وإذا بنا أمام مسلسل يعرّي حقيقة ما يحدث في مجتمعاتنا، لكن استنكار المصدومين ما كان إلا لأن هذا المسلسل جمع نماذج مشينة وسيئة من البشر في عمارة سكنية واحدة، أو حتى في تجمع سكاني واحد.
وبسبب كل هذه النماذج السلبية التي اجتمعت في مكان واحد، تكاد تتخيل أن جهاز التلفزيون قد ينفجر بفعل الطاقة السلبية ما بين الحقد والكره والخيانة، حسب تحليلات علم الطاقة الصيني، وكما حلل السبب في سماع أصوات انفجارات مكتومة في بعض الشقق السكنية المهجورة التي قضى أصحابها قتلاً، أو اختفوا في ظروفٍ غامضة. وللحقيقة، لو وجدت هذه العمارة السكنية في الواقع، سوف تنهار أو تنفجر أو حتى تصبح عمارة مهجورة، يخشى المارّة من العبور من أمامها، كما هي عمارة رشدي في الإسكندرية مثلا.
لم يعرض المسلسل التلفزيوني ضمن الخريطة الدرامية الرمضانية، واستقطب قاعدة عريضة من الجمهور. وهو يتناول شرائح مختلفة كثيرة من البشر، لكنها مندسّة ومتناثرة ومتباعدة، لكنها موجودة في كل مجتمع، وربما تتفاوت في نسب وجودها. ويشير "برومو" المسلسل إلى جيران ينتمون للطبقة المتوسطة من المجتمع. وحين الإشارة إلى طبقة ما بأنها متوسطة، فمعنى ذلك أن أفرادها يتأرجحون بين الفقر المدقع والغنى الفاحش. وهكذا فهم الأكثر عرضة للمشكلات الاجتماعية في نظري، لأنهم يحاولون الهروب من الفقر، فلا يستطيعون، ويحاولون الوصول إلى طبقة الأغنياء فيفشلون، لكن المسلسل بحد ذاته طرح قضايا تحدث في جميع الطبقات، فالفتاة المتمرّدة على واقعها نجدها في كل طبقة، خصوصا حين تحصل على قسط من التعليم. وبسبب التفكك الأسري، وغياب دور الأب من الأسرة، لسفره للعمل أو بسبب المشكلات الأسرية، نجد الفتيات يحجمن عن الزواج، بسبب التجارب القاسية التي يعشنها، ولا يرغبن بتكرارها مع أطفالهن، وتتكون لديهن صورة مغلوطة للزوج بأنه وسيلة لتحقيق الأمومة. وهذا ما حدث مع "هالة" في المسلسل، هي ترغب بالارتباط بزميلها لتصبح أماً بطريقة شرعية، ثم اشترطت عليه الطلاق بمجرد حدوث الحمل. وربما تكرس هذه الحكاية ضمن حكايات المسلسل التقليد المنتشر في الغرب في ما يعرف "الأم العزباء".
نموذج آخر لعائلات الجيران الذين يبدون من الخارج في منتهى المثالية، لكن القليل من الانخراط في حياتهم الخاصة يكشف العكس تماما. مثلما أعجبنا في الحلقات الأولى بشخصية دلال عبد العزيز وشيرين، وأدائهما دور الأم التي نعرفها، واعتدنا عليها. وبعد قليل أصبنا بالفزع؛ لأن شيرين التي تقوم بدور "ليلى" في المسلسل سمحت لنفسها أن تضع رجلاً آخر على سبيل الاحتياط في حياتها، في حال طلاقها، وقبلت دعوته على الغداء مع شقيقتها "لمياء".
لا يؤكّد المسلسل أيا من قيم الجيرة، لكنه يعرض، كما أسلفت، نماذج موجودة في مجتمعاتنا من علاقات محرّمة وشاذّة. وعلى ذلك، فالأمر المستهجن والخيالي فيه أنه لم يعد للجيرة أي مكان في حياتنا، لنتحدث عن ثانٍ أو ثالث أو حتى سابع جار.
ولكن مسلسل "سابع جار" يثير ضجة منذ الحلقات الأولى من عرضه الذي اعتقد بعضهم، من محسني الظن من المشاهدين، أنه سيعيد لهم أيام مسلسل "ليالي الحلمية" مثلا مكرّساً قيماً وأخلاقاً افتقدناها، وداعياً إلى آداب تخلينا عنها، وإذا بنا أمام مسلسل يعرّي حقيقة ما يحدث في مجتمعاتنا، لكن استنكار المصدومين ما كان إلا لأن هذا المسلسل جمع نماذج مشينة وسيئة من البشر في عمارة سكنية واحدة، أو حتى في تجمع سكاني واحد.
وبسبب كل هذه النماذج السلبية التي اجتمعت في مكان واحد، تكاد تتخيل أن جهاز التلفزيون قد ينفجر بفعل الطاقة السلبية ما بين الحقد والكره والخيانة، حسب تحليلات علم الطاقة الصيني، وكما حلل السبب في سماع أصوات انفجارات مكتومة في بعض الشقق السكنية المهجورة التي قضى أصحابها قتلاً، أو اختفوا في ظروفٍ غامضة. وللحقيقة، لو وجدت هذه العمارة السكنية في الواقع، سوف تنهار أو تنفجر أو حتى تصبح عمارة مهجورة، يخشى المارّة من العبور من أمامها، كما هي عمارة رشدي في الإسكندرية مثلا.
لم يعرض المسلسل التلفزيوني ضمن الخريطة الدرامية الرمضانية، واستقطب قاعدة عريضة من الجمهور. وهو يتناول شرائح مختلفة كثيرة من البشر، لكنها مندسّة ومتناثرة ومتباعدة، لكنها موجودة في كل مجتمع، وربما تتفاوت في نسب وجودها. ويشير "برومو" المسلسل إلى جيران ينتمون للطبقة المتوسطة من المجتمع. وحين الإشارة إلى طبقة ما بأنها متوسطة، فمعنى ذلك أن أفرادها يتأرجحون بين الفقر المدقع والغنى الفاحش. وهكذا فهم الأكثر عرضة للمشكلات الاجتماعية في نظري، لأنهم يحاولون الهروب من الفقر، فلا يستطيعون، ويحاولون الوصول إلى طبقة الأغنياء فيفشلون، لكن المسلسل بحد ذاته طرح قضايا تحدث في جميع الطبقات، فالفتاة المتمرّدة على واقعها نجدها في كل طبقة، خصوصا حين تحصل على قسط من التعليم. وبسبب التفكك الأسري، وغياب دور الأب من الأسرة، لسفره للعمل أو بسبب المشكلات الأسرية، نجد الفتيات يحجمن عن الزواج، بسبب التجارب القاسية التي يعشنها، ولا يرغبن بتكرارها مع أطفالهن، وتتكون لديهن صورة مغلوطة للزوج بأنه وسيلة لتحقيق الأمومة. وهذا ما حدث مع "هالة" في المسلسل، هي ترغب بالارتباط بزميلها لتصبح أماً بطريقة شرعية، ثم اشترطت عليه الطلاق بمجرد حدوث الحمل. وربما تكرس هذه الحكاية ضمن حكايات المسلسل التقليد المنتشر في الغرب في ما يعرف "الأم العزباء".
نموذج آخر لعائلات الجيران الذين يبدون من الخارج في منتهى المثالية، لكن القليل من الانخراط في حياتهم الخاصة يكشف العكس تماما. مثلما أعجبنا في الحلقات الأولى بشخصية دلال عبد العزيز وشيرين، وأدائهما دور الأم التي نعرفها، واعتدنا عليها. وبعد قليل أصبنا بالفزع؛ لأن شيرين التي تقوم بدور "ليلى" في المسلسل سمحت لنفسها أن تضع رجلاً آخر على سبيل الاحتياط في حياتها، في حال طلاقها، وقبلت دعوته على الغداء مع شقيقتها "لمياء".
لا يؤكّد المسلسل أيا من قيم الجيرة، لكنه يعرض، كما أسلفت، نماذج موجودة في مجتمعاتنا من علاقات محرّمة وشاذّة. وعلى ذلك، فالأمر المستهجن والخيالي فيه أنه لم يعد للجيرة أي مكان في حياتنا، لنتحدث عن ثانٍ أو ثالث أو حتى سابع جار.