04 نوفمبر 2024
رمضان و"الصدمة" ونساء الجن
مع طوفان الرداءة والابتذال والركاكة الذي يجتاح الأغلب والأعم من الأعمال الدرامية، والبرامج الترفيهية، المعروضة على شاشات معظم الفضائيات العربية، ثبت، بالدليل القاطع، أن شهر رمضان لم يعد يجمعنا، على الشاشات، إلا بمقدار خيبة الأمل. يواصل الممثل غير الواعد، عادل إمام، انحدارا غير مسبوق في مسلسل غريب عجيب رديء، بلا معنى أو مضمون، حيث فكرة مبهمة متعلقة بالجن والعفاريت، قام بها سابقا، بإقناع واحترافٍ، فؤاد المهندس وإسماعيل ياسين وغيرهما، في أعمال سينمائية حقّقت نجاحا كبيرا وقتها، في "عفريتة هانم" وسواه من أفلام استخدمت فكرة الجن في قالب كوميدي خفيف الظل. لم يستطع كاتب "عفاريت عدلي علام" إيصال أي فكرةٍ ذات قيمة، ولم يتمكّن من تحديد موقفٍ واضحٍ إزاء خزعبلات الجهلاء المقتنعين بأن الاتصال بالجن هو الحل الوحيد والأمثل لمشكلاتهم المستعصية، كما يرد يوميا في حلقات المسلسل، السقطة الأكبر في مسيرة الممثل النجم، حيث تتسابق نساء الجن والإنس، على اختلافهن، للظفر بقلب الرجل المسن الذي يفتقر لأي ملمح وسامة، أو حتى جاذبية، تبرر هذا الإقبال الأنثوي، وقد تقدّم في العمر، مواصلا رسالته في تحقير المرأة والحط من شأنها في أعماله كافة، سينمائيا وتلفزيونيا، وهو الذي عبّر عن ذلك صراحة، حين قال، في مقابلة معه، إنه لن يسمح لابنته بالعمل ممثلة، حتى لو امتلكت الموهبة، لأنه يرفض بالمطلق فكرة أن تنخرط ابنته بمشهد سينمائي حميم مثلا، في حين يقبل على شيبته تأدية مشاهد ممجوجة بإيحاءات جنسية فجة، منفرة، مقحمة مع ممثلة في عمر أحفاده تلعب دور جنية.
... وتُصرف مبالغُ طائلة، وتسخر إمكانات إنتاجية هائلة، ويخصّص وقتٌ وجهد كبيران، لإقناع المتلقي العربي بأن عناصر "داعش" إرهابية مجرمة ورديئة ! يا سلام، ما الجديد؟ أما الفضيحة الأكبر في تاريخ البرامج التلفزيونية قاطبة التي تستوجب محاكمة القائمين عليه، بتهمة الاستخفاف بعقل المتلقي وإهانته، فهي مهزلة "رامز تحت الأرض"، حيث مجموعة من النجوم يتمرمغون تباعا في التراب في مواجهة سحلية اصطناعية، في مشاهد مفتعلة متكرّرة، غير مضحكة، بل مثيرة للاشمئزاز إزاء مستوى الانحطاط الذي قد يبلغه الواحد منهم، في مقابل حفنة من نقودٍ، لا تغني عن كرامة ومهابة وعزة نفس، يتساقطون بلا تردّد، في مقابل مبالغ معلومة ومنشورة على الملأ، تحدّد ثمن كرامة كل منهم، يذهبون اختياريا إلى كذبة ممثل رديء ومقدّم برامج رداح، يدّعون أنهم ضحايا أبرياء، فيما هم شركاء في جريمة احتيالٍ على الجماهير العربية وتضليلها، وهي المضللة أصلا وعلى غير صعيد.
في غمرة ذلك كله، يبدو برنامج "الصدمه" نقطة مضيئة وسط الخراب، وقد اعتمد على أسلوب الكاميرا الخفية في تدبير مقالب اجتماعية في أماكن عامة، وذلك بتأدية مشاهد درامية لمواقف غير مقبولة إنسانيا، مثل رجل يضرب زوجته الحامل، أو ابن عاق يعنّف والدته المسكينة، أو سيدة فقيرة، ينقصها ثمن دواء ابنها المريض، فتتعرّض لمعاملةٍ سيئةٍ من الصيدلي، وغيرها من مواقف تستفز الأشخاص الذين تصادف وجودهم. ترصد الكاميرا ردود أفعالهم بين الاستهجان بصمت، واستخدام لغة الجسد للتعبير عن الرفض المطلق لحالة الظلم، وبين التدخل بتقديم النصيحة والمساعدة المادية إذا لزم الأمر. وقد يصل الأمر ببعض المتحمسين إلى اللجوء إلى الشدة، وضرب الطرف المعتدي انتصارا للمظلوم والحق.
حاز برنامج الصدمة، المنسوخ بتصرفٍ عن برامج تلفزيوينة أجنبية تجري اختبارات اجتماعية أكثر جرأة لدراسة طريقة تفكير الناس، من خلال ردود أفعالهم، استحسان الجمهور، وحصل على شهرة واسعة، وقد نصبت كاميراته الخفية في عدة بلدان عربية، ورصدت بأمانة ردود الأفعال، وكانت في مجملها في صف الطرف المظلوم، منتصرة للضعيف، مدافعة عنه، في رهانٍ لن يخيب على قيم الخير في مجتمعاتنا المقهورة، على الرغم من السواد الذي يكتنف لحظتنا الراهنة.
... وتُصرف مبالغُ طائلة، وتسخر إمكانات إنتاجية هائلة، ويخصّص وقتٌ وجهد كبيران، لإقناع المتلقي العربي بأن عناصر "داعش" إرهابية مجرمة ورديئة ! يا سلام، ما الجديد؟ أما الفضيحة الأكبر في تاريخ البرامج التلفزيونية قاطبة التي تستوجب محاكمة القائمين عليه، بتهمة الاستخفاف بعقل المتلقي وإهانته، فهي مهزلة "رامز تحت الأرض"، حيث مجموعة من النجوم يتمرمغون تباعا في التراب في مواجهة سحلية اصطناعية، في مشاهد مفتعلة متكرّرة، غير مضحكة، بل مثيرة للاشمئزاز إزاء مستوى الانحطاط الذي قد يبلغه الواحد منهم، في مقابل حفنة من نقودٍ، لا تغني عن كرامة ومهابة وعزة نفس، يتساقطون بلا تردّد، في مقابل مبالغ معلومة ومنشورة على الملأ، تحدّد ثمن كرامة كل منهم، يذهبون اختياريا إلى كذبة ممثل رديء ومقدّم برامج رداح، يدّعون أنهم ضحايا أبرياء، فيما هم شركاء في جريمة احتيالٍ على الجماهير العربية وتضليلها، وهي المضللة أصلا وعلى غير صعيد.
في غمرة ذلك كله، يبدو برنامج "الصدمه" نقطة مضيئة وسط الخراب، وقد اعتمد على أسلوب الكاميرا الخفية في تدبير مقالب اجتماعية في أماكن عامة، وذلك بتأدية مشاهد درامية لمواقف غير مقبولة إنسانيا، مثل رجل يضرب زوجته الحامل، أو ابن عاق يعنّف والدته المسكينة، أو سيدة فقيرة، ينقصها ثمن دواء ابنها المريض، فتتعرّض لمعاملةٍ سيئةٍ من الصيدلي، وغيرها من مواقف تستفز الأشخاص الذين تصادف وجودهم. ترصد الكاميرا ردود أفعالهم بين الاستهجان بصمت، واستخدام لغة الجسد للتعبير عن الرفض المطلق لحالة الظلم، وبين التدخل بتقديم النصيحة والمساعدة المادية إذا لزم الأمر. وقد يصل الأمر ببعض المتحمسين إلى اللجوء إلى الشدة، وضرب الطرف المعتدي انتصارا للمظلوم والحق.
حاز برنامج الصدمة، المنسوخ بتصرفٍ عن برامج تلفزيوينة أجنبية تجري اختبارات اجتماعية أكثر جرأة لدراسة طريقة تفكير الناس، من خلال ردود أفعالهم، استحسان الجمهور، وحصل على شهرة واسعة، وقد نصبت كاميراته الخفية في عدة بلدان عربية، ورصدت بأمانة ردود الأفعال، وكانت في مجملها في صف الطرف المظلوم، منتصرة للضعيف، مدافعة عنه، في رهانٍ لن يخيب على قيم الخير في مجتمعاتنا المقهورة، على الرغم من السواد الذي يكتنف لحظتنا الراهنة.