11 ابريل 2024
إلى انتخابات كردية
لا مجازفة في القول إن الكرد بارعون في فرض صيغ "الأمر الواقع" (دي فاكتو) في ما خص تشييد مناطق للحكم الذاتي قلّما تدوم، أو تحظى بفرصة العيش والدوام. قبل قرنين، شهد التاريخ الكردي حركات حكم ذاتي محلّي في بقاع متفرقة من كردستان العثمانية، لم يُكتب لها جميعاً النجاح، لكن تلك الحركات لم تهدأ حتى الفترة اللاحقة لتقسيم تركة السلطنة العثمانية؛ فقد برزت تجارب عديدة من الحكم الذاتي بموجب صيغة "الأمر الواقع"، مثل جمهورية كردستان (مهاباد) في إيران، والتي عاشت قرابة أحد عشر شهراً من العام 1946، وانهارت نتيجة عدم نضوج الظروف الذاتية، واصطدامها بعقبة المصالح الدولية، ما أدى إلى زوال أبرز التجارب الكردية في فترة ما بعد الحربين العالميتين، بيد أنه، وبعد أكثر من نصف قرن، شهد التاريخ الكردي حركة مماثلة في كردستان العراق (1991)، وأيضاً عبر صيغة الأمر الواقع الكردية الشهيرة، بفارق أن تجربة كرد العراق تكلّلت بالنجاح، ونالت الحظوة الدولية التي جعلت تجربتهم تقف على قدمين راسختين، قدم قانونية ودستورية وبتوافقٍ عراقي، وأخرى برضا إقليمي ودولي واضحين.
في هذه الغضون، أعلنت " الإدارة الذاتية الديمقراطية" التي يتزعمها حزب الاتحاد الديمقراطي ((PYD) الشروع في إجراء انتخابات في مناطق "اتحاد شمال سورية"، والتي ستكون انتخاباتٍ عمومية ، بمعنى أنها ستكون على مستوى "الكومينات" والبلديات والمجلس التشريعي، وفي مواقيت متقاربة من بعضها تبدأ متسلسلة ابتداءً من 22 سبتمبر/ أيلول 2017 لتنتهي في 19 يناير/ كانون الثاني 2018، والتي ستشمل "الأقاليم والمقاطعات" التي تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهي: إقليم الجزيرة (مقاطعة الحسكة ومقاطعة القامشلي)، إقليم الفرات (مقاطعتا كوباني وتل أبيض)، وإقليم عفرين (مقاطعتا عفرين والشهباء).
يعي الكرد أن تحصيل الموافقات الدولية، وأحياناً الإقليمية والوطنية، يتطلّب القيام بعملٍ ما على الأرض شرطاً أوّليّاً ومسبّقاً، من قبيل إعلان الحكم الذاتي، بتنويعاته المختلفة (إدارة ذاتية – فيدرالية...) من طرفٍ واحد، وتشكيل الحكومات المحلية واستبدال المرجعية المركزية بأخرى محلّية من صنع أيديهم، وبالتالي الإعداد للمرحلة اللاحقة على تشكيل منطقة الأمر الواقع (الحكم الذاتي).
لا يوجد مؤشر واحد على ممانعة الأميركان أو الروس الانتخابات التي ستجريها الإدارة الذاتية، لكنه، وفي المقابل، لا توجد أي مؤشرات فعلية على أنهما سيوافقان على ما سينجم عنها، على الرغم من أن روسيا سبق وأن أيدت الشكل الفيدرالي للدولة السورية، عبر مسودة الدستور الذي خطته منذ فترة وجيزة. وعلى الرغم من أن أميركا تطمح للبقاء في سورية ضمن المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية؛ فهي مناطق لا تكلّف الأميركان واستراتيجيتهم داخل سورية الكثير، إن لم نقل أنها تعود بمردود إيجابي على أميركا التي لا تريد ترك المجال الحيوي السوري برمته لغريمها وشريكها الروسي.
ثمّة مخاوف كردية متنامية من إمكانية الرجوع عمّا تحقّق حتى اللحظة وما سيتحقق، لجهة دور القوى المعترضة على المشاريع الكردية في سورية، مثل الرفض التركي والإيراني القاطع لنشوء إقليم كردي، يتمتع بشكل من أشكال الحكم الذاتي، وكذلك المخاوف المتصلة من رفض المتن السياسي السوري، بشقيه المعارض والموالي للتطلّعات الكردية، إلى جانب عدم دعم القوى الدولية خيار الكرد هذا. لكنه في مقابل مخاوف الكرد ثمّة مخاوف عربية موازية، ومخاوف إقليمية كذلك، تتمثل بإمكانية أن يحظى الكرد، بفيدراليتهم المنشودة، طبقاً للمصالح الدولية، وتحديداً المصلحة الأميركية وحينها ستكون مسألة تراجع الكرد عن خيارهم في الحكم الذاتي، أو الفيدرالي هذا مسألة بالغة التعقيد والصعوبة، وستصبح معها الاعتراضات الإقليمية والسورية مجرّد اعتراضات بلا طائل.
والحال أن تجارب الكرد، الفاشلة منها والناجحة، الراغبة في الظفر بمناطق الحكم الذاتي، بتنويعاتها المختلفة، طبقاً لصيغة الأمر الواقع، تبقى أسيرة الوضع الذاتي الكردي وجهوزيته من جهة، وأسيرة القرارات والمصالح الدولية من جهةٍ أخرى. ولعلنا نجد في ما يتردّد حول إعادة تشكيل سورية والشرق الأوسط (الجديد) إشارات بالغة الوضوح، ويبدو أن الكرد التقطوا تلك الإشارات. وبالتالي، هذه الانتخابات ما هي إلّا مقدمة في سياقٍ متصل لإعادة تشكيل سورية، والمنطقة، وهي بذلك قد تكون أوّل الغيث.
في هذه الغضون، أعلنت " الإدارة الذاتية الديمقراطية" التي يتزعمها حزب الاتحاد الديمقراطي ((PYD) الشروع في إجراء انتخابات في مناطق "اتحاد شمال سورية"، والتي ستكون انتخاباتٍ عمومية ، بمعنى أنها ستكون على مستوى "الكومينات" والبلديات والمجلس التشريعي، وفي مواقيت متقاربة من بعضها تبدأ متسلسلة ابتداءً من 22 سبتمبر/ أيلول 2017 لتنتهي في 19 يناير/ كانون الثاني 2018، والتي ستشمل "الأقاليم والمقاطعات" التي تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهي: إقليم الجزيرة (مقاطعة الحسكة ومقاطعة القامشلي)، إقليم الفرات (مقاطعتا كوباني وتل أبيض)، وإقليم عفرين (مقاطعتا عفرين والشهباء).
يعي الكرد أن تحصيل الموافقات الدولية، وأحياناً الإقليمية والوطنية، يتطلّب القيام بعملٍ ما على الأرض شرطاً أوّليّاً ومسبّقاً، من قبيل إعلان الحكم الذاتي، بتنويعاته المختلفة (إدارة ذاتية – فيدرالية...) من طرفٍ واحد، وتشكيل الحكومات المحلية واستبدال المرجعية المركزية بأخرى محلّية من صنع أيديهم، وبالتالي الإعداد للمرحلة اللاحقة على تشكيل منطقة الأمر الواقع (الحكم الذاتي).
لا يوجد مؤشر واحد على ممانعة الأميركان أو الروس الانتخابات التي ستجريها الإدارة الذاتية، لكنه، وفي المقابل، لا توجد أي مؤشرات فعلية على أنهما سيوافقان على ما سينجم عنها، على الرغم من أن روسيا سبق وأن أيدت الشكل الفيدرالي للدولة السورية، عبر مسودة الدستور الذي خطته منذ فترة وجيزة. وعلى الرغم من أن أميركا تطمح للبقاء في سورية ضمن المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية؛ فهي مناطق لا تكلّف الأميركان واستراتيجيتهم داخل سورية الكثير، إن لم نقل أنها تعود بمردود إيجابي على أميركا التي لا تريد ترك المجال الحيوي السوري برمته لغريمها وشريكها الروسي.
ثمّة مخاوف كردية متنامية من إمكانية الرجوع عمّا تحقّق حتى اللحظة وما سيتحقق، لجهة دور القوى المعترضة على المشاريع الكردية في سورية، مثل الرفض التركي والإيراني القاطع لنشوء إقليم كردي، يتمتع بشكل من أشكال الحكم الذاتي، وكذلك المخاوف المتصلة من رفض المتن السياسي السوري، بشقيه المعارض والموالي للتطلّعات الكردية، إلى جانب عدم دعم القوى الدولية خيار الكرد هذا. لكنه في مقابل مخاوف الكرد ثمّة مخاوف عربية موازية، ومخاوف إقليمية كذلك، تتمثل بإمكانية أن يحظى الكرد، بفيدراليتهم المنشودة، طبقاً للمصالح الدولية، وتحديداً المصلحة الأميركية وحينها ستكون مسألة تراجع الكرد عن خيارهم في الحكم الذاتي، أو الفيدرالي هذا مسألة بالغة التعقيد والصعوبة، وستصبح معها الاعتراضات الإقليمية والسورية مجرّد اعتراضات بلا طائل.
والحال أن تجارب الكرد، الفاشلة منها والناجحة، الراغبة في الظفر بمناطق الحكم الذاتي، بتنويعاتها المختلفة، طبقاً لصيغة الأمر الواقع، تبقى أسيرة الوضع الذاتي الكردي وجهوزيته من جهة، وأسيرة القرارات والمصالح الدولية من جهةٍ أخرى. ولعلنا نجد في ما يتردّد حول إعادة تشكيل سورية والشرق الأوسط (الجديد) إشارات بالغة الوضوح، ويبدو أن الكرد التقطوا تلك الإشارات. وبالتالي، هذه الانتخابات ما هي إلّا مقدمة في سياقٍ متصل لإعادة تشكيل سورية، والمنطقة، وهي بذلك قد تكون أوّل الغيث.
مقالات أخرى
19 فبراير 2023
10 ابريل 2022
17 فبراير 2022