25 اغسطس 2024
السوريون متطرّفون.. أي نعم
ما الذي جرى لنا نحن السوريين؟ لماذا لم نَعُدْ قادرين على أخذ الأمور ببساطة، وضمن حدودها الطبيعية؟ رجلٌ يكره الإخوان المسلمين، مثلاً. شيء طبيعي وعادي أن يوجد رجلٌ يكره الإخوان المسلمين، بل ويمكن أن يتفق كثيرون معه بالرأي، لكن الغريب أن يذهبَ بعيداً في رحلة بحثه عن شخصٍ يشاركه كراهيتَهم، ويعلن أنه يحب هذا الشخص على "الغمّيضة". تقول له: يا أخي، صحيح أن هذا الذي أحببتَهُ يكره الإخوان المسلمين، مثلك، لكنه مجرم، قاتل، إرهابي، يقتل شعبه.. هل يعقل أن تنزل، أنت الإنسان الطيب المحترم، إلى مستوى أن تحب بشار الأسد؟ ولكن هذا الرجل لا يأخذ كلامَك على محمل الجد، ويمضي في حبه الأسد، ومديحه، وربما ستُفاجأ أكثر حينما تجده قد نسي السبب الأصلي الذي جعله يحبه، وبدأ ينوع في إظهار الولاء، مُتهماً خصوم الأسد، كلهم، بلا استثناء، بأنهم وهابيون، أو دواعش، أو عراعير، أو عصمانليون.. ويا سيدي، إذا لزم الأمر يمكن أن يكتب مقالاتٍ عن مناقب الأسد، وولعه بالحرية والديمقراطية، واحترامه للشعب، وإذا تَطَلَّبَ الأمرُ أن يأخذ من البوط العسكري "بوستين" أمام كاميرات التلفزة، يأخذ ثلاثاً، ويمرّغ فمه (مشداقَه) بالبوط، كما لو أنه يتذكّر عشيقته في سن المراهقة، وإذا جاء يوم تصالح فيه الأسد مع الإخوان المسلمين، لا تستبعد أن يُجري هذا الكائن عمليةَ التفاف، و(تكويع)، وتطويع للغته الخطابية، ليقول لك: يا أخي، شئنا أم أبينا الإخوان المسلمون أبناء بلدنا، ومن مكونات شعبنا، والظُّفْر لا يخرج من اللحم.
رجل آخر، يكره نظام حافظ الأسد ووريثه. لماذا؟ يقول لك: لأنه نظام مخابراتي، متسلط، مخلوفي (أي يسمح لرامي مخلوف بنهب خيرات البلد والتحكّم باقتصاده)، وراثي، أبدي، لا يشارك الشعب بالحكم والتداول السلمي للسلطة، وفي سبيل بقائه رئيساً أبدياً يُسَلِّم قيادةَ البلاد ومقدّراتها للروس والأميركان وحزب الله.. طيب. عظيم جداً. هذا الرجل "نسخة كربونية" عنك. ولكنك إذا انشغلتَ شهراً، أو شهرين، ودخلتَ إلى صفحته، فقد تفاجأ بأنه يعادي الأسد ويحاربه بالسلاح، لأن الأسد، برأيه، نصيْري! معادٍ لنا، نحن أهل السنة والجماعة، يسمح للمسكوف الكافرين بالدخول إلى بلدنا، ويستنجد بالروافض، والفرس المجوس.. ولئن طاب لك المكوث في صفحته مدة أطول، ستجد أنه يضع صورة شامخة للأخ "أبو عدي" صدام حسين، الرئيس الشهيد، أسد السنة الذي قتله الأميركان الروافض والمجوس، قتلوه لأنه أراد أن ينصر دين الله، ويُعلي شأن المسلمين، بدليل أنه كتب على علم العراق: الله أكبر.
يصادفك رجل ثالث، ليس داعشيا، بل العكس، إنه يعادي تنظيم داعش، تقول لنفسك: عال. يعني هو مثلنا. تزور صفحته، فتكتشف أنه لا يعاديهم لأنهم إرهابيون، معادون للشعب والثورة، مرتبطون بأجندةٍ غير وطنية، بل لأنهم "خوارج" لا يتبنون تفسيره وتفسير جماعته لديننا الحنيف. يسميهم تنظيم الدولة، ولا ندري إن كان يدعو لهم، في سره، بالهداية، والعودة إلى جادّة الصواب.
العلمانيون الموالون لنظام الأسد، حينما يعادون تركيا، مثلاً، يحاولون إخفاء حقيقة أنها دولة علمانية أكثر منهم، ويزعمون أنها عثمانلية، متخلفة، تعيش على قوانين أكل عليها الدهر. والذين يعادون قطر يصرفون وقتاً طويلاً ليظهروا السعودية، مثلا، على أنها جنة الله على الأرض، ولو أنك أجريت لها عملية مسح أو تمشيط فلن تعثر فيها على متطرّف واحد، وأنها تطبق قوانين بينها وبين القوانين الفرنسية فارق لا يُرى بالعين المجردة.
ما يبعث على الضحك، مثلاً مثلاً، أن الذين يعادون نظام الأسد، ويعادون المشايخ المنبطحين الذين يسبحون بحمد الأسد ويسوّغون جرائمه، ويزوّدونه بفتاوى القتل، حينما أرادوا مهاجمة الشيخ الذي كان يخطب فاقترح أن يكون الحج على جبل قاسيون، راحوا يقللون من شأن قاسيون.. فتأمل!
رجل آخر، يكره نظام حافظ الأسد ووريثه. لماذا؟ يقول لك: لأنه نظام مخابراتي، متسلط، مخلوفي (أي يسمح لرامي مخلوف بنهب خيرات البلد والتحكّم باقتصاده)، وراثي، أبدي، لا يشارك الشعب بالحكم والتداول السلمي للسلطة، وفي سبيل بقائه رئيساً أبدياً يُسَلِّم قيادةَ البلاد ومقدّراتها للروس والأميركان وحزب الله.. طيب. عظيم جداً. هذا الرجل "نسخة كربونية" عنك. ولكنك إذا انشغلتَ شهراً، أو شهرين، ودخلتَ إلى صفحته، فقد تفاجأ بأنه يعادي الأسد ويحاربه بالسلاح، لأن الأسد، برأيه، نصيْري! معادٍ لنا، نحن أهل السنة والجماعة، يسمح للمسكوف الكافرين بالدخول إلى بلدنا، ويستنجد بالروافض، والفرس المجوس.. ولئن طاب لك المكوث في صفحته مدة أطول، ستجد أنه يضع صورة شامخة للأخ "أبو عدي" صدام حسين، الرئيس الشهيد، أسد السنة الذي قتله الأميركان الروافض والمجوس، قتلوه لأنه أراد أن ينصر دين الله، ويُعلي شأن المسلمين، بدليل أنه كتب على علم العراق: الله أكبر.
يصادفك رجل ثالث، ليس داعشيا، بل العكس، إنه يعادي تنظيم داعش، تقول لنفسك: عال. يعني هو مثلنا. تزور صفحته، فتكتشف أنه لا يعاديهم لأنهم إرهابيون، معادون للشعب والثورة، مرتبطون بأجندةٍ غير وطنية، بل لأنهم "خوارج" لا يتبنون تفسيره وتفسير جماعته لديننا الحنيف. يسميهم تنظيم الدولة، ولا ندري إن كان يدعو لهم، في سره، بالهداية، والعودة إلى جادّة الصواب.
العلمانيون الموالون لنظام الأسد، حينما يعادون تركيا، مثلاً، يحاولون إخفاء حقيقة أنها دولة علمانية أكثر منهم، ويزعمون أنها عثمانلية، متخلفة، تعيش على قوانين أكل عليها الدهر. والذين يعادون قطر يصرفون وقتاً طويلاً ليظهروا السعودية، مثلا، على أنها جنة الله على الأرض، ولو أنك أجريت لها عملية مسح أو تمشيط فلن تعثر فيها على متطرّف واحد، وأنها تطبق قوانين بينها وبين القوانين الفرنسية فارق لا يُرى بالعين المجردة.
ما يبعث على الضحك، مثلاً مثلاً، أن الذين يعادون نظام الأسد، ويعادون المشايخ المنبطحين الذين يسبحون بحمد الأسد ويسوّغون جرائمه، ويزوّدونه بفتاوى القتل، حينما أرادوا مهاجمة الشيخ الذي كان يخطب فاقترح أن يكون الحج على جبل قاسيون، راحوا يقللون من شأن قاسيون.. فتأمل!